توجهها أجندات محلية ودولية متناقضة: ثلاثة مؤتمرات متصارعة لتوحيد الساسة السنة

آخر تحديث 2017-07-13 00:00:00 - المصدر: نقاش

 ما ان أنهى رئيس البرلمان سليم الجبوري محادثاته مع السياسيين العراقيين لتنظيم مؤتمر موسع في العاصمة بغداد لتوحيد القوى السياسية السنية في منتصف الشهر الجاري، وهدفه المعلن الخروج بمرجعية سياسية سنية موحدة تقود المحافظات السنية في مرحلة ما بعد "داعش" حتى تصاعدت اعتراضات قوى سنية اخرى واعلنت تنظيمها مؤتمرات خاصة بها.

 

حتى اليوم تم الاعلان عن تنظيم ثلاثة مؤتمرات متناقضة للسنة، اكبرها يرعاه سليم الجبوري ورئيس كتلة "اتحاد القوى الوطنية" في البرلمان احمد المساري والنائب وضاح الصديد، ومن المفترض ان يعلن عن تشكيل تكتل سياسي جديد يحمل اسم "تحالف القوى الوطنية العراقية".

 

النائب السني في البرلمان خالد المفرجي يقول لـ "نقاش" ان "المؤتمر سيكون مختلفا عن سابقه لانه يحظى بدعم محلي واقليمي ودولي، ويهدف الى مناقشة جدية لازمات المجتمع السني بينها توحيد القوى السنية المتخاصمة واعادة اعمار المدن التي دمرت بسبب الحرب على المتطرفين".

 

وكان من المفترض ان تحضر مؤتمر بغداد شخصيات سياسية سنية مطلوبة للقضاء العراقي بتهم مختلفة ابان حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بينهم وزير المالية رافع العيساوي الذي كان قرار طرده من الحكومة السابقة من قبل المالكي الشرارة التي أشعلت الاحتجاجات السنية في الانبار والمحافظات السنية بداية عام 2012 وقام المالكي بتفريقها بالقوة العسكرية ما خلق فوضى سهلت دخول "داعش" إلى العراق.

 

أما الشخصية الاخرى فهو خميس الخنجر رجل الأعمال السني المعروف بدعمه مشروع الإقليم السني على شاكلة اقليم كردستان، ولكن موجة اعتراضات سياسيين شيعة ضد مشاركة هؤلاء في المؤتمر وعدم وجود تطمينات كافية بعدم اعتقالهم اجبر الحكومة على إصدار بيان تؤكد فيه عدم تدخلها في القضاء بشأن شخصيات سنية.

 

غياب التطمينات اجبر الشخصيات السنية المعارضة على الاتفاق لعقد مؤتمر ثانٍ في اربيل عاصمة اقليم كردستان بالتزامن مع مؤتمر بغداد، وهو مؤشر سلبي قد يؤثر على نتائج المؤتمر الذي يهدف في الاساس الى توحيد القوى السنية.

 

ولكن نوابا سنة آخرين فاجئوا الجميع قبل ايام واعلنوا رفضهم المشاركة في مؤتمري بغداد واربيل وقرروا تنظيم مؤتمر منفصل عقد في بغداد اليوم الخميس قبل مؤتمر الجبوري الذي تم الإعلان عن تأجيله لاحقا.

 

النائب عن محافظة صلاح الدين مشعان الجبوري كتب على صفحته الشخصية في "فيسبوك" "من أجل دولة المواطنة لا دولة المكونات، هو الشعار الذي اتفق عليه أكثر من عشرين نائبا من اتحاد القوى أنهوا اجتماعاً الآن في بيت رئيس البرلمان السابق محمود المشهداني لمؤتمر سينعقد يوم ١٣ تموز ببغداد".

 

المشهداني هو سياسي سني معروف بدبلوماسيته ودوره في تنظيم وساطات سرية وهو صاحب فكرة عقد مؤتمر خاص، واعلن في بيان ان المؤتمر سيحضره وزراء ونواب حاليون وسابقون وشخصيات سياسية وعشائرية من المحافظات التي تخلصت من "داعش".

 

ومعروف عن محمود المشهداني ومشعان الجبوري قربهم من الاحزاب الشيعية، ومثلا فان يزن ابن مشعان الجبوري هو قيادي في "الحشد العشائري" في صلاح الدين المتحالف مع الفصائل الشيعية القريبة من ايران المنتشرة في تكريت وباقي بلدات المحافظة.

 

اما حزب "الوطنية" بزعامة الشخصية الشيعية العلمانية اياد علاوي ومعظم اعضائها من السنة فاعلن مقاطعته جميع المؤتمرات، واعتبرها بدون فائدة.

 

تداعيات الأزمة الخليجية

ويبدو ان الأزمة الخليجية بين السعودية وحلفائها ضد قطر وقعت في توقيت سيئ والقت بتأثيراتها على القوى السنية العراقية المنقسمة فيما بينها، وكما هو معلوم فان التكتلات السنية تحصل على الدعم من دول سنية عدة اصبحت الآن في خلاف عميق.

 

التحالف الذي يقوده رئيس البرلمان سليم الجبوري مقرب من دولة قطر، وهذا ما يفسر العلاقة الطيبة بين الجبوري والاحزاب الشيعية في انعكاس واضح للعلاقة بين قطر وايران، ولهذا لم تعترض الاحزاب الشيعية على تنظيم مؤتمر الجبوري في بغداد.

 

أما التحالف الذي يقوده نائب رئيس الجمهورية اسامة النجيفي زعيم ائتلاف "متحدون للإصلاح"، ومعه رجل الاعمال السني خميس الخنجر فيعتبر الاقرب الى السعودية والامارات، ولهذا رفضت الاحزاب الشيعية مشاركتهم في مؤتمر بغداد وسيضطرون لعقد مؤتمرهم في اربيل.

 

ويؤكد سياسي سني رفيع المستوى طلب عدم الاشارة الى اسمه لـ "نقاش" ان "الازمة الخليجية جاءت في توقيت سيئ مع مساعي توحيد القوى السنية العراقية استعدادا للتحديات المستقبلية، والصراع بين السعودية والامارات من جهة وقطر من جهة ثانية سيؤثر سلبا على وضع السنة في العراق".

 

"الحزب الاسلامي" العراقي بزعامة رئيس البرلمان سليم الجبوري، وائتلاف "متحدون" بزعامة نائب رئيس الجمهورية اسامة النجيفي، وجبهة "الحوار الوطني" بزعامة صالح المطلك، وحركة "الحل" بزعامة جمال الكربولي، وحزب "الوطنية" بزعامة نائب رئيس الجمهورية اياد علاوي هم الممثلون الاساسيون للسنة في العملية السياسية.

 

يتصارع "الحزب الاسلامي" ضد "متحدون" على النفوذ السياسي في الموصل، ويتصارع حزب "الوطنية" ومعه حركة "الحل" ضد "الحزب الاسلامي" على الانبار، بينما تتصارع جبهة "الحوار الوطني" و"الحزب الإسلامي" ضد حزب "الوطنية" في صلاح الدين.

 

استمرار الانقسامات السنية في مرحلة بعد "داعش" مؤشر خطير، اذ ان مدن الانبار وصلاح الدين والموصل التي خرجت لتوها من دمار هائل وتشريد الملايين من سكانها بحاجة الى وحدة قرار سني للإسراع في إعمارها وتجاوز اخطاء الماضي، كما ان وحدة القوى السنية ستكون مفيدة للاحزاب الشيعية اذا ما أرادت تحقيق الاستقرار الشامل في البلاد.