دولة كوردستان مصلحة عربية

آخر تحديث 2017-10-04 00:00:00 - المصدر: باسنيوز

أحدث الاستفتاء الذي أجراه إقليم كوردستان العراق حول الاستقلال زلزالاً. فقد بدأت حكومة بغداد تنسق مع كل من إيران وتركيا رغم الخلافات العميقة مع الأخيرة بهدف خنق إقليمكوردستاناقتصادياً وهدم نتائج الاستفتاء وإنهاء حلم الاستقلال.

كان الأحرى بالعراق ألا يغلق باب المفاوضات وألا يفرض العقوبات وألا يستقوي بالخارج، صحيح تخشى تركيا على أمنها الداخلي كما إيران لوجود ملايين الكورد ضمن حدودهما الدولية وليس حباً بالعراق التي سيادتها منتهكة من قبل إيران وتركيا التي تتحين الفرص لإيجاد موطئ قدم لها هناك وهي التي لا تخفي مطامعها وأحقيتها في الموصل وكركوك سواء بحجة عثمانيتهما أو لوجود أقلية تركمانية فيهما لحمايتها.

تحاول الدول الثلاث (تركيا، إيران، العراق) اجبار إقليم كوردستان على العدول عن قرار الاستقلال عبر التهديد والوعيد بالحصار التام براً وجواً من خلال قطع المنافذ الحدودية وفرض حظر الطيران وإيقاف ضخ النفط وإجراء المناورات العسكرية على حدوده بهدف إدخال الفزع إلى قلوب المواطنين وبالتالي إحداث شرخ داخلي بين الأحزاب والقوى الكوردية أو دفعهم إلى إعلان الاستسلام وإلغاء قرار الاستقلال والرضوخ للحكومة العراقية وكأن شيئاً لم يحدث، وكأن القضية ليست عمرها أقلها مئة عام، وإذا لم تتحقق ما ذكرنا أعلاه، فمن الصعب أن نجد في الوقت الراهن عملاً عسكرياً مشتركاً إيرانياً تركياً ضد إقليم كوردستان وكما إنه ليس بالأمر السهل أن تبدأ واحدة منهما بالعمل العسكري منفردة قبل أخرى بسبب حالة الشك والريبة وعدم الثقة بين الطرفين وما سيترتب عن هذا الهجوم من تداعيات على أمنهما الداخلي وخسارة ملايين الدولارات من تعاملاتهما الاقتصادية مع كوردستان، زد على ذلك رفض المجتمع الدولي لأي عمل عسكري واسع النطاق في منطقة مضطربة أصلاً.

تشعر كل واحدة منها بإن ألاخرى تدفعها للانجرار إلى مستنقع الهجوم على إقليم كوردستان لتوهنها، وذلك استناداً على حساباتهما الطائفية ومنافستهما التوسعية. قد تدفعا بالعراقيين ليكونوا كبش الفداء، أداة لتنفيذ خططهم من خلال تحريض الميليشيات والخلايا التابعة لهما في المناطق المستقطعة لتحدث حرباً بين العرب والكورد لتسهل دخولهما بحجة إرساء الأمن.

إذا فشلت ضغوطهما وخططهما، فإنهما تريدان إبقاء إقليم كوردستان كما كان قبل 25/ 9/ 2017 سواء أستقل أم لا، أي الحصول على ضمانات للإبقاء على مصالحهما التجارية مع كوردستان"سوقا لشركات وبضائع الدولتين" إضافة إلى ضبط الأحزاب الكوردية الثورية المناوئة لهما قدر المستطاع والتي تتخذ بعض منها من جبال كوردستان ـ العراق مقرات عسكرية لها.

 كيف يمكن فك الحصار؟

 بلا شك سيكون الحصار قاسياً إذا استمر طويلاً، لكن يحدو إقليم كوردستان الأمل من الشركات النفطية الضخمة التي تعمل على أراضيه والتي لها علاقات مع الدول الكبرى ومنها شركة روسنفت الروسية التي أبرمت قبل إجراء الاستفتاء بعدة أيام صفقات ضخمة لأجل التنقيب عن النفط والغاز وضخهما عبر تركيا، وهل هذه الصفقة تمت بدون علم تركيا؟

إن لم توافق تركيا أن تشحن شركة روسنفت النفط الكوردي عبر أراضيها، قد تمدد الشركة وغيرها أنابيب عبر مناطق روجافا ـ شمال سوريا ــ إلى البحر المتوسط بموافقة دمشق وموسكو.

ويبقى خيار آخر وهو الأصعب أن تمدد الشركات النفطية أنابيب عبر روجافا ـ شرق سوريا إلى الأردن ومنها إلى إسرائيل أو إلى ميناء العقبة الأردني بإرادة أميركية وأردنية وإسرائيلية، وهذا يحتاج إلى تحرير المناطق التي تمتد من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية إلى الحدود الأردنية.

 لماذا لا يبادر العرب من أجل مصالحهم الجيوسياسية؟

 العلاقات بين الكورد والشعوب المحيطة بهم هي علاقات اجتماعية ومصاهرة، التاريخ المتداخل والجوار الجغرافي، رغم المآسي التي تلقوها من الأنظمة المتعاقبة التي تحكمهم منذ عقود .

الأجدر بالعرب أن يبادروا إلى فتح باب أفضل العلاقات مع الكورد، الذين لم يحتلوا مدن وأمصار أحد، لا عربية ولا غيرها، بل ساهم أبناء الأمة الكوردية في نهضة وثقافة الشعوب المجاورة وخاصة العربية إلى يومنا هذا، وقادوا ثورات من أجل جلاء المستعمرين عن بلدان صنعتها سايكس ـ بيكو ومزقت وطنهم أيضاً. وغني عن التعريف القائد الكوردي صلاح الدين الأيوبي الذي قاد دولة كبيرة وحرر فلسطين والقدس.

كما أن الدولة الكوردية ستكون بمثابة الحصون الشمالية للعرب وستشكل الحاجز الجغرافي الأكبر أمام التمددين الإيراني والتركي الطامعين ببعث العثمانية والفارسية.