رفضَ النصيحة ولم يلتفت للمناشدات، ركبَ رأسهُ وذهبَ مهرولاً بعيداً عن مريدي الخير له، وعندَ منصّات الشر والتقسيم والفتنة وضع خيمتهُ البالية، ليجمع فيها كل مستشاري جهنم، هذا هو أقل تعريف وجدتهُ للسيد مسعود البارزاني الرئيس السابق لأقليم كردستان. بغداد حاورت و حاولت، اصدقاءه في اوربا و واشنطن قالوا له ستخسر وحذروه من تصرفاتٍ طائشة، تركيا هددت وإيران أنذرت، لكن ابو مسرور رفض تصديق الواقع متمسكاً بحلم يشبه السراب في شكلهِ ومضمونهِ وطعمهِ ولونه، ليس لإنه الأذكى بل لإنه الأكثر تهرباً من الواقع. لم تمضِ إلا سويعاتٍ قليلة حتى أعلنت الحكومة العراقية سيطرتها على كركوك ومناطق كثيرة، كانت تسيطر عليها حكومة الأقليم، فيما عُرفت سابقاً بالمناطق المتنازع عليها، ليكون الحلم المسعودي ميتاً لحظة إنطلاقهِ وليبقى مسعود يتنفس صدمة الموقف وغارقاً في نوم المفاجئة. ليست المناطق وحدها من تسببت بالأذى للأنفصاليين، بل انقسام القرار الكردي وقواه السياسية، فالأتحاد الوطني يرى إن الوجود الكردي يجب ان يكون داخل عراق فيدرالي موحد، بينما تذهب حركة التغيير إلى ضرورة محاسبة السيد البارزاني وجماعته! اخر المطاف، خسر البارزاني خسارته الكبرى، ليعبر عن ذلك برسالة طويلة الرجاء متوسلاً الجنرال قاسم سليماني للتدخل في اقناع بغداد للحوار، وكأنهُ يتوسل الحوار الذي رفضهُ مراراً و تكراراً بعنجهيةٍ منه وغرور مستشاريه، وهنا تقول العصفورة؛ لم يبقَ مع البارزاني مستشاراً واحداً من الذين ورطوه، وتسير الأمور بأتجاه تسليمهِ بالأمر الواقع والتخلي عن كل شيء بيده، في محاولة لكسب ودّ الجنرال.. هل سيتدخل الجنرال؟! يُعتقد إن الوقت حان لضرب البارزاني ضربة موجعة، و لا تزال هذه الفرضية هي الأقرب، لكن ليس الأمر ببعيد ان يكون سليماني حاضراً في الحلحلة، إذا ما تخلى البارزاني عن رئاسة الأقليم وسلّم بوحدة الأراضي العراقية.