منذ تولى الرئيس الصيني الحالي شي جينبينغ منصب الرئاسية عام 2012 دخلت الصين مرحلة جديدة على الساحة الدولية، تتميز بتعاظم نفوذها خارجيا ولعب دور أكبر على الصعيد العالمي. وترافق ذلك مع شن حملة واسعة على الفساد المتفشي وخنق الأصوات المعارضة في الداخل.
استطاع الزعيم الصيني أن يعزز موقعه ويبسط سيطرته على الحزب الشيوعي وأصبحت أفكاره جزء من دستور البلاد، وهو ما لم يحظ به سوى ماو تسي تونغ ودينغ سياو بينغ وبالتالي فإن معارضته باتت بمثابة الوقوف ضد الحزب الشيوعي الحاكم.
كان والده أحد الأعضاء المؤسسين للحزب الشيوعي ووصل إلى منصب نائب رئيس مجلس الوزراء، لكنه ذهب ضحية حملة التطهير التي شهدته الصين عام 1962 وتعرض للسجن قبل الثورة الثقافية التي اجتاحت الصين لاحقا.
"إعادة التثقيف"
ولدشي جينبينغ عام 1953 وعندما بلغ الخامسة عشرة كان أحد الذين تم إرسالهم إلى الريف للعمل في الزراعة بهدف "الاعادة التثقيف"، وعمل في إحدى القرى النائية الفقيرة لمدة سبع سنوات، وهذه التجربة تشكل أحد أهم فصول سيرته الشخصية في المراجع الحكومية.
وبدلا من أن ينقلب إلى مناهض للحزب الشيوعي بسبب تجربته في الريف تبنى أفكار الحزب وحاول مرارا الانضمام إليه، لكن رفضت طلباته بسبب ماضي والده.
وإرتقى سريعا في صفوف الحزب بمجرد أن تمكن عام 1974 من الانتساب إليه حيث وصل إلى منصب مسؤول الحزب الأول في مدينة شنغهاي، ثاني أكبر مدن الصين ومركزها التجاري.
بعد ذلك تم انتخابه عضوا في اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب إلى أن وصل لمنصب الرئاسة عام 2012.
"المغنية الجميلة"
ويحمل شي جينبينغ اجازة في الهندسة الكيميائية وزوجته هي المغنية الجميلة بينغ ليوان والزوجان محط اهتمام الإعلام الصيني بعكس الرؤساء السابقين الذين غالبا ما كانوا يتجنبون تسليط الأضواء على زوجاتهم.
وللزعيم الصيني ابنة لا يعرف عنها سوى أنها درست في جامعة هارفارد الامريكية المرموقة.
وتناولت وسائل الإعلام الأجنبية بالتفصيل تعاملات أقارب الرئيس الصيني المالية الضخمة في الخارج.
طرح الزعيم الصيني رؤيته عن مستقبل الصين والتي أطلق عليها اسم "حلم الصين" في إطار مشروع بعنوان "إعادة بعث الأمة الصينية" ونجح في إجراء إصلاح اقتصادي ساهم في الحدّ من تراجع النمو الاقتصادي وتحجيم ملكية الدولة للصناعة ومكافحة التلوث وتنفيذ مشروع النقل البري العملاق "طريق الحرير".
وخلال عهده فرضت الصين سيطرتها على بحر الصين الجنوبي رغم المعارضة الدولية وعززت نفوذها على الصعيد العالمي عن طريق ضخ مليارات الدولارات في القارة الأفريقية والآسيوية. وترافق ذلك مع نمو المشاعر القومية التي حضت عليها وسائل الإعلام الحكومية مع التركيز على شخصية جيبينغ إلى درجة أن البعض اتهموه بأنه يقود حملة إعلامية لتأليهه أسوة بالزعيم الراحل ماو تسي تونغ.
وشملت حملة محاربة الفساد التي قادها في الداخل والتي اطلق عليها اسم "النمور والذباب" أكثر من مليون شخص من كبار وصغار مسؤولي الحزب. كما ترافق ذلك بفرض المزيد من القيود والرقابة على الحريات الشخصية مثل الرقابة على الإنترنت واعتقال المعارضين والمدافعين عن حقوق الانسان لدرجة أن البعض يرى أن جيبينغ هو أكثر الزعماء سطوة بعد الزعيم ماو.
ويتمتع الزعيم الصيني بشعبية بين صفوف الصينيين البسطاء ومن المتوقع أن يستمر في صياغة مسار تطور البلاد خلال السنوات المقبلة ويترك عليها طابعه.