الرباط: يحتضن المركز الدولي محمد السادس للمؤتمرات بمنتجع الصخيرات الواقعة بضواحي الربلط ، الملتقى الإفريقي للمشاورات الغير الرسمية حول الهجرة، بمشاركة 11 وزيرا إفريقيا يمثلون مختلف جهات إفريقيا، وممثلي الاتحاد الافريقي والمنظمات الإقليمية الإفريقية، والممثلة الشخصية للامين العام للأمم المتحدة المكلفة الهجرة، وممثلي المنظمة العالمية للهجرة والمفوضية العليا للاجئين والميثاق العالمي حول الهجرة، وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية المتخصصة، بالإضافة إلى أكاديميين وخبراء والمنظمات غير الحكومية.
وقال ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون المغربي " إن هذا الملتقى يندرج في سياق المهمة التي عهدت إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس من طرف رئيس الإتحاد الإفريقي بشأن إعداد روية إفريقية موحدة في مجال الهجرة وتنسيق العمل الإفريقي في هذا المجال".
وأضاف بوريطة، خلال افتتاح الملتقى مساء اليوم ، أن العاهل المغربي اختار سبيل التشاور والمشاركة من أجل إعداد هذه الرؤية، حتى تكون منبثقة من إفريقيا. وأشار إلى أن هذه المقاربة التشاورية ستجري على مرحلتين، فخلال اللقاء الحالي ستنطلق مشاورات غير رسمية يتم فيها الإستماع إلى الجميع بما في ذلك الخبراء والباحثين الأكاديميين ونشطاء المجتمع المدني إلى جانب المسؤولين الحكوميين والمنظمات الدولية، أما المرحلة الثانية فستخصص لوزراء الخارجية والجهات الرسمية.
الوزير بوريطة يتباحث مع نظيره في سويزلاندا |
وأوضح بوريطة أن العاهل المغربي سبق أن قدم أمام رؤساء دول الإتحاد الإفريقي ورقة أولية حول قضايا الهجرة خلال القمة 29 للإتحاد في يوليو الماضي، والتي حاول من خلالها تبديد مجموعة من الإلتباسات والمفاهيم المغلوطة حول الهجرة في إفريقيا، وتعهد بإعداد رؤية واضحة وشاملة، والتي سيقدمها للقادة الأفارقة خلال القمة المقبلة للإتحاد الإفريقي المرتقبة في يناير 2018.
وأشار بوريطة إلى أن هذا العمل يكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى السياق الدولي الذي يتضمن العديد من الاستحقاقات حول الهجرة خلال الأشهر المقبلة، منها على الخصوص القمة الأوروبية - الإفريقية في نوفمبر المقبل، والحوار الرفيع المستوى حول الهجرة الذي ستنظمه الأمم المتحدة في ديسمبر 2018، والملتقى العالمي حول الهجرة والتنمية الذي سيلتئم في المغرب خلال العام المقبل تحت الرئاسة المشتركة للمغرب وألمانيا.
وأضاف بوريطة أن العمل الذي يقوده العاهل المغربي بهذا الصدد على الصعيد الإفريقي يهدف أيضا إلى توحيد كلمة الأفارقة حول رؤية استراتيجية مشتركة حول الهجرة، والتي يمكنهم الدفاع عنها في المحافل الدولية، خصوصا في سياق مسلسل إعداد "الميثاق العالمي حول الهجرة" في إطار الأمم المتحدة خلال سنة 2018.
واشار بوريطة إلى أن اختيار المغرب ليتولى مهمة التنسيق على الصعيد الإفريقي في مجال الهجرة لم يكن اعتباطيا، بل هو نابع، من جهة، من كون المغرب يقود مقاربة جديدة تهدف إلى تجاوز عقد إفريقيا والإرتقاء بها كفاعل حقيقي وصوت متميز على الساحة الدولية، ومن جهة أخرى، اعترافا بالعمل الكبير الذي قام به المغرب مند 2013 في مجال سياسة الهجرة واللجوء على الصعيد الوطني، والتي أعطت نتائج إيجابية وأصبحت نموذجا ملهما للعديد من الدول الإفريقية. وقال بوريطة أن هذه السياسة مكنت من تسوية أوضاع 22 ألف مهاجر إفريقي في مرحلة أولى وحصولهم على بطاقة الإقامة في المغرب مع إدماجهم الإجتماعي من حيث العمل والتعليم والصحة، وتوقع تسوية أوضاع عشرات الآلاف خلال مرحلة ثانية.
وأوضح بوريطة أن المقاربة المغربية لمسألة الهجرة في إفريقيا قطعت مع العديد من الإلتباسات والمفاهيم المستوردة، مشيرا إلى أن ميزة الهجرة في إفريقيا أنها أساسا تتم داخل القارة نفسها. وذكر بوريطة أن 7.5 مليون مهاجر في غرب إفريقيا يعيشون في دول غرب إفريقيا، فيما 1.2 مليون مهاجر فقط من أبناء المنطقة عبروا الحدود نحو أميركا وأوروبا، وأن التدفقات جنوب - جنوب تمثل 59 في المائة من حركة المهاجرين. وأضاف بوريطة أن المعطيات المتوفرة تدفع نحو إعادة النظر في تقسيم الدول بين مصدرة ومستقبلة للمهاجرين وبلدان العبور، مشيرا إلى أن الواقع يبين أن العديد من الدول تلعب هذه الأدوار مجتمعة.
وقال بوريطة إن الرؤية التي يقترحها المغرب على الإتحاد الإفريقي ينطلق من ضرورة وضع سياسات وطنية للهجرة، واتخاذها منطلقا لوضع سياسات إقليمية على مستوى مختلف المجموعات الجغرافية المكونة للقارة الإفريقية، ثم وضع سياسة شاملة على مستوى القارة.
من جانبه، أوضح أبدول كابيلي كامارا، وزير الدولة المكلف الأمن والوقاية المدنية في غينيا، وممثل رئيس الإتحاد الإفريقي، ألفا كوندي، في اجتماع الصخيرات، أن تكليف العاهل المغربي بقيادة التنسيق الإفريقي في مجال الهجرة جاء في إطار إعادة هيكلة آليات عمل الإتحاد الإفريقي من طرف ألفا كوندي. وأضاف "في هذا السياق ، كلف رئيس الإتحاد قادة الدول الإفريقية بمهام وملفات أساسية. وجرى اختيار المغرب لهذه المهمة اعترافا بالعمل الجبار الذي قام به في مجال الهجرة ولسياسته الوطنية المبدعة والرائدة في هذا المجال على الصعد الإفريقي".
أما لويز أربور، الممثلة الشخصية للامين العام للأمم المتحدة المكلفة الهجرة، فإشارت من جانبها إلى أن قضية الهجرة تتطلب مستوى عال من التنسيق والتعاون بين البلدان الإفريقية، وجوابا مشتركا من قبل جميع دول الإتحاد الإفريقي. واشارت إلى الإرتباط الوثيق بين الهجرة والتنمية، سواء بالنسبة للبلدان المصدرة أو البلدان المضيفة للمهاجرين. وقالت "لا يمكن لبلد أن يدعي أن بإمكانه القيام بأي شيء بمفرده في هذا المجال. لذلك فالتعاون والتنسيق في إطار مقاربة شاملة للمشكلة أمر ضروري"، الشيء الذي يبرز أهمية المهمة التي يضطلع بها العاهل المغربي في هذا المجال على الصعيد الإفريقي.
وأضافت أربور أن المشاورات الواسعة التي أطلقها العاهل المغربي، والعمل الكبير الذي يقوده من أجل رؤية واستراتيجية مشتركة حول الهجرة على الصعيد الإفريقي، ستشكل إضافة نوعية للعمل الدولي من أجل صياغة "ميثاق عالمي حول الهجرة" وأيضا "الميثاق العالمي حول اللجوء"،مشيرة إلى أن الظاهرتين مرتبطتين.