بغداد/ نبأ نيوز:
بعد ساعات قليلة من إعلان حكومة إقليم كردستان احترامها قرار المحكمة الاتحادية في بغداد، القاضي بتفسير المادة الأولى من الدستور العراقي المتعلقة بوحدة العراق وحظر أي مشاريع تهدف إلى تقسيمه أو انفصال جزء منه، أكد مسؤولون عراقيون في بغداد عن توجه كردي لإلغاء نتائج الاستفتاء، لكن ضمن شروط معينة، فيما طالب برلمانيون أكراد بغداد باتخاذ خطوة إيجابية مماثلة تجاه الأكراد بهدف إنهاء الأزمة سريعاً قبل الانتخابات.
وأعلنت حكومة إقليم كردستان، في بيان أمس الثلاثاء، أنه "بطلب من الحكومة الاتحادية في بغداد، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قراراً يفسر المادة الأولى من الدستور العراقي، التي تنص على أن: جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة، ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي، وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق".
وأضاف البيان أنه "وتأكيداً لالتزام إقليم كردستان دوماً بالبحث عن حل للخلافات بين السلطات الاتحادية والإقليم بطرق دستورية وقانونية، وانطلاقاً من موقفنا المعروف المتمثل بالترحيب بجميع المبادرات بهذا الاتجاه، وفي مقدمتها مبادرة المرجع الديني علي السيستاني، وبعض الشخصيات العراقية، والدول الصديقة للشعب العراقي حول العودة إلى الدستور لحل الخلافات، من هذا المنطلق، نحترم تفسير المحكمة الاتحادية العليا للمادة الأولى من الدستور".
وأكدت حكومة الإقليم إيمانها بأن "يكون قرار المحكمة الاتحادية أساساً للبدء بحوار وطني شامل لحل الخلافات، عن طريق تطبيق جميع المواد الدستورية، بما يضمن حماية الحقوق والسلطات والاختصاصات الواردة في الدستور، باعتبارها السبيل الوحيد لضمان وحدة العراق المشار إليه في المادة الأولى من الدستور"، بحسب البيان.
البيان الذي اعتبر تحولاً إيجابياً كبيراً في الأزمة الحالية بين بغداد وأربيل هو بمثابة اعتراف ضمني من حكومة كردستان بعدم شرعية الاستفتاء، الذي أجري في 25 سبتمبر/أيلول الماضي. وتشترط الحكومة العراقية على أربيل إلغاء نتائج الاستفتاء، وما ترتب عليه في كردستان قبل الدخول في أي مفاوضات.
كما تطالب بتسليم أربيل المطارات في الإقليم والمنافذ الحدودية والانسحاب مما تبقى من المناطق المتنازع عليها قبيل الحديث عن أي مفاوضات مباشرة مع حكومة كردستان.
ودخلت الهدنة المفتوحة بين القوات العراقية والبشمركة في محوري الخازر وفيشخابور أسبوعها الثاني من دون تحقيق أي تقدم بشأن دخول القوات العراقية إلى منطقة فيشخابور، والسيطرة على الحدود مع تركيا وتسلم مسؤولية المنفذ البري بين البلدين.
وأكد مسؤولون حكوميون في بغداد، أن تجميد تقدم القوات العراقية وترك الهدنة مفتوحة، يأتي بسبب وساطات تبذلها الأمم المتحدة عبر بعثتها في بغداد، وكذلك السفارة الأميركية، أفضت إلى نتائج جيدة، بينها استعداد أربيل لتلبية شرط بغداد إلغاء نتائج الاستفتاء وفقاً لشروط مسبقة.
وقال مسؤول حكومي، إن "أربيل وافقت من حيث المبدأ على إلغاء نتائج الاستفتاء ضمن قرار احترامها قرار المحكمة الاتحادية، لكنها وضعت شروطاً عدة، بينها إعادة نسبة موازنة الإقليم المالية من الموازنة الاتحادية إلى ما لا يقل عن 17 في المائة من مجموع موازنة العراق، وصرف مرتبات موظفي الإقليم بأثر رجعي يشمل السنوات الماضية، والبالغ عددهم نحو مليوني موظف ورجل أمن، وأن تكون عملية إدارة المناطق المتنازع عليها ملفاً مشتركاً بين الجانبين، إلى حين حسم المادة 140 من الدستور، فضلاً عن إلغاء جميع الإجراءات التي اتخذتها بغداد بحق الإقليم بعد عملية الاستفتاء، بما فيها رفع الحظر الجوي عن كردستان".
وبين أن "بغداد لم تتسلم أي شيء رسمي، حتى الآن، حول تلك الشروط، لكن ذلك ورد عبر وسيط أممي".
واعتبر المسؤول أن "اعتراف حكومة الإقليم بقرار المحكمة يمثل تقدماً كبيراً"، لكنه استدرك "قد تكون حكومة الإقليم تبحث عما يحفظ ماء وجهها أمام الشارع الكردي، وتحاول إلغاء نتائج الاستفتاء بشكل يجعله إلغاءً مقابل مكاسب" على حد قوله.
من جانبه، قال ممثل التحالف الكردستاني في البرلمان، ريبوار طه، إن "حكومة كردستان أعلنت الثلاثاء عن احترامها قرار المحكمة، وبالتالي هو تجاوب مع القرار، وأعتقد أنها بداية جديدة وحقيقية لوضع حل للأزمة. نحن الآن نطالب بغداد بأن تكون هناك إيجابية مماثلة منها، فالشارع العراقي، العربي والكردي، ينتظر انتهاء الأزمة والعودة إلى الوضع الطبيعي، وأعتقد أن الوقت قد حان لبدء الحوار".
وعما إذا كان الإعلان بالاعتراف بقرار المحكمة الاتحادية بعدم شرعية الاستفتاء هو بداية تنازلات كردية، قال ريبوار طه "لا نعتبره تنازلاً، بل نحن شعب واحد في وطن واحد، وهذا هو المنطق والعقلانية للوصول إلى حل نهائي".
ويلاحظ تبدل الطرح الكردي في الأزمة مع بغداد خلال الأيام الماضية، سواء على مستوى حكومة أربيل أو القيادات الكردية السياسية، غير أن القيادي الكردي، حمة أمين، هدد، في اتصال هاتفي، بأن "الإقليم قد ينسحب من العملية السياسية بشكل كامل في حال استمرت بغداد بتصعيد مطالبها وابتزاز الأكراد بالوضع الحالي للحصول على مكاسب أخرى غير واقعية، مستغلين حالة الأزمة المالية التي يمر بها الإقليم وانقطاع مرتبات موظفي كردستان والعقوبات التي تم فرضها منذ شهرين".
وأشار إلى أن "أربيل تنتظر التعامل الصحيح من بغداد، الذي لا يحكمه مبدأ الربح والخسارة بين الطرفين".
واعتبر القيادي في التحالف الوطني، سليم شوقي، الخطوة الكردية بالاعتراف بقرار المحكمة الاتحادية في بغداد، أمس الثلاثاء، بأنه "مؤشر على تراجع أربيل وتداركها الأمور وعودتها إلى الطريق الصحيح".
وأوضح أن "الرفض الدولي والإقليمي والمحلي للاستفتاء ومشروع الانفصال عن العراق، والنتائج السلبية التي انعكست على الإقليم، دفعت بأربيل للتراجع الآن، والتعامل بحكمة وروية. ونرى أن قرارها اليوم صائب"، وفقاً لقوله.
وبين أن "قرار أربيل سيبنى عليه حوار، وسيكون مخرجاً للأزمة في حال لم يكن مجرد محاولة لكسب الوقت من كردستان، سرعان ما سيتم التراجع عنه"، موضحاً أن "اعترافهم بقرار المحكمة يعني اعترافاً بعدم شرعية الاستفتاء والعودة للاحتكام إلى الدستور".