هنا بغداد .. كنا وكانت لنا بغداد ليل وسمار ليل وللآن لم تزل ذاكرتي عامره تتوهج ولازلت أحفظ واعيش اللحظة وزهو الليالي وأماسي صالوناتها الثقافية والأدبية ولي الشرف إِذ كنت واحد من جمهور حضور قاعة الفنانة وداد الأورفلي للفن التشكيلي في مدخل شارع الأميرات عند منصور بغداد واستضافتها للفن الموسيقي ممثل بالناقد الكبير الأستاذ عادل الهاشمي عبر جلسات وامسيات شهرية ممتعة وجمهور كان غاية في الأناقة والتهذيب المعرفي والثقافي إذ يطل علينا الأستاذ عادل الهاشمي بروحه الفكهة ويذهب بنا بعيداً في عالم السرد والأنغام ويقف طويلاً عند التخت الموسيقى البغدادي العراقي الأصيل ابتداء من الثنائي اليهودي داود وصالح الكويتي نزولاً للرواد من جاء بعدهم ويعرج بنا حيث النغم العربي والحنجرة الذهبية الكونيه الكلثومية واللازمة الموسيقية الوهابية ويجنح حيث انغام السنباطي ويستعذب ارق المعاني من وحيّ الملهم الشاعر احمد رامي وغيره من ادباء المرحلة فيحلق بنا عالياً نحو مرتكزاته التاريخية والاساسية في الذات النغمية العربية وللطرافة اقول كان يمتلك هالة تفعيل يموسق بها كلامه عبر لازمتين يدرجها دوماً في سياق ومستهل حديثه هما (في واقع الحال) والأخرى (أي بمعنى) إذ كانت هذه سمة احاديثه وللأمانه اقول كان هو واحد من ابرز نقاد التخت الموسيقي العربي وذاكرة النغم والغناء العربي الأصيل فهو ناقد ادبي وموسيقي واعلامي يتمتع بقوة وبلاغة السرد بكلام ولكنة بغدادية عاليه المعنى لطالما اعتمدها في جلسات ادبياته وانتقاداته وابهرنا بدقة المعلومه والصياغة النقدية حيث واجه الكثير من الخصوم والمعارك الفنية في المفاهيم البنائية للنقد الموسيقي عبر مسيرة عمر طويله حافل بالمنجز الثر من خلال منضومة ذاكرة مشبعة بكل ما له علاقة بالموسيقى وتقييم الأصوات الغنائيه وإن جاز لي المديح في شخصه أقول هو كان بمثابة موسوعة موسيقية تمشي على الأرض لايداهن ولايطالس على حساب دِقت المعلومة الأدبيه والنغمية حتى ان بعض اشباه الفنانين من نقاد الدرجة الثانية كان يغيظهم ناقد بحجم عادل الهاشمي فيتخرصون بالضد منه في تقولات وسرديات تفضح عجزهم تماماً عن مجاراته .. فتحية لذكراه ووداعا للأصاله حيث نهلنا من علمك ومعرفتك وانصافك للجمال والذائقة النغمية المموسقة . وداعا ايها العادل في هذا الزمن الأعوج الذي لم يعطيك حق قدرك وتقييمك وللتذكير اقول وافاه الأجل في فندق ام كلثوم الذي شيد مكان منزل ام كلثوم يوم 20111111 في القاهرة إذ كان ضمن وفد فني عراقي أثر ازمه صحية سريعة عن عمر ناهز الخامسة والستين ..