محاولة لإيجاد بقعة من نور

آخر تحديث 2017-11-23 00:00:00 - المصدر: وكالة الحدث الاخبارية

  في محاولة لممارسة النقد، على مركبات الواقع الاجتماعي برؤيته الحالية، وذلك لبلورة رؤية جديدة قد تساهم في تحريك واقعنا الذي يمر في مرحلة بائسة تتوغل بالتناقضات في شتى مناحي الحياة ، بالإضافة إلى ردود الفعل السياسية والفكرية والظلامية الدينية، وغياب الحياة الديمقراطية والهجوم الدائم على التفكير ومنع الحريات بكل الطرق المتاحة، وانحسار التيارات العقلانية وغياب التفكير المنطقي. من هنا تظل فكرة الإصلاح الاجتماعي والفكري هدفا حقيقيا لازما لإعادة صياغة الذات بعواملها المعرفية اللازمة لبناء التغيير الإيجابي المطلوب، ذلك الذي يحمل بين طياته بذور التحول القادم لخطوات حقيقية نحو الأفضل، وتهيئة الاجواء العامة لتكون مستعدة لقبول إعادة بناء العقليات الفردية والجمعية وتشييدها، ذلك لأجل النهوض وتحرير الإنسان من القيود التقليدية التي عادة ما تقف حائلا كعثرة فكرية مقاومة للتغيير  فيما بينه وبين الوصول لرؤية إنسانية عصرية شاملة، إذ كلما اشتدت التحديات تشتد الضرورة للتغيير ، فالجمود والركود يُقعد عن الحركة والنمو، كما يعيق صحة الاستجابة للتحديات المعاصرة.نراقب العالم اليوم، فنراه يسير متسارعاً نحو التقدم، أما نحن فنراوح المكان في حالة من الوهن والتراجع، ننفض الغبار عن أنفسنا، ذلك المتراكم عبر الزمن،  فمجتمعاتنا بكل أسف، تعبر عن حالات عقيمة كحصيلة طبيعية لما مرت به من أحداث وأهوال، حيث تكدست لديها التناقضات وافتقدت لكل عوامل الانسجام. وها نحن نشاهد الطيب الوديع يُقابل بمنتهى القساوة، أقوى علاقات المحبة والاحترام تُقابل بالسلوكيات العدائية والدعوة إلى الكراهية وزرع الاحقاد! أما أجمل التعابير والعواطف الصادقة فيقابلها ألفاظ قبيحة في المعاني والتعابير والجحود، وحين نجد شخصاً يتفانى في عمله محباً له فإنه يُصدم بالمقابل مما يواجه من فقدان الإحساس والاستهتار والتنصل من المسؤولية و جُلّ القيم !هنالك الكثير مما يدعونا للتأمل والتفكير، فكيف لنا إذاً من تجدد الروح والانبعاث الفكري والاخلاقي لمواكبة التقدم، وسد كل النواقص والفجوات؟  كيف يكون لنا ذلك ومجتمعاتنا تواجِه بالرفض أي فكرة جديدة تخالف الموروث والمعروف ، المعتاد والمألوف؟نحن ومع الأسف لا زلنا نتشبث بكل الافكار التي ألفناها والسلوكيات الاجتماعية  التي تعودنا عليها دون أي تفحص أو تفكير، ودون النظر إلى مدى صحتها وصلاحيتها !  ودعونا لا ننسى داء التعصب للرأي، حيث لا يتم الاعتراف بآراء الاخرين ووجهة نظرهم مهما كانت منطقية، من هنا يكون الجمود الذي لا يسمح لنا بأي توسع في الرؤية، هكذا حتى أُغلق باب الحوار والتفاعل مع الثقافات الأخرى .من هنا فإنه وجب النداء إلى التغيير المساهم في تعديل المعتقدات البائسة السائدة، وذلك لاستبدالها بما يتناسب مع العصر وتحدياته الراهنة من خلال أطر فكرية وقيم حضارية تنبه وعينا إلى مَقَابِح الواقع، وتحفزه للمضي قدما نحو الامام في محاولة لتفكيك التناقضات ووأد التخلف. لقد أصبح التغيير مُتطلباً ضروريا للبقاء ، نكون أو لا نكون ، فالتغيير الفكري ليس مجرد مرحلة من مراحل انتقال المجتمعات ونموها ، بل هو العنصر الديناميكي الضروري لخلق واقع إيجابي متحرك ، للوصول إلى التواصل الحضاري الإنساني البنّاء الذي يربط البشر ببعضهم البعض، كما أنه يعيد  خَلَد البناء مع كل عملية تَجدُد لتُبعث فينا روح الحياة.