جعفر الونان
يتكاثر هذه الايام في معشر الصحفيين “المصفكجية” و ” المطبلجية” و” الرواكيض ” و ” المهوسجية” الذين يجيدون بمهارة عالية وبتفوق مسح الاكتاف وتلميع الوجوه هم وحدهم اليوم من يستيطع ان يصل الى الاهداف بكل سهولة، العقل العربي لايجيد النقد ولا يحب النقد ولايريد ان يسمع سوى المديح والثناء ومفاعل تضخيم الذات لايريد ان ينظر من عدة زوايا بل من زارية هو يحددها وهو من يختارها وهو من يعتقد انها الزاويا الافضل لرؤية اي مشهد.
شعار بعض الصحفيين، صفق اكثر تصل اكثر ، طبل اكثر تصل اكثر هذا هو معيار الولاء بالضبط،ولا اعرف منذ متى التطبيل والتصفيق يصنعان بلدا قويما سليما، يصنعان نهجا جديدا؟!
حتى بعض الصحفيين الذين يرفعون رايتي الاعتراض والنقد لايفرقون بين هذه المهمة وبين التسقيط والتشهير والسب والقذف، لايفرقون بين الاداء وصاحبه لايفرقون بين المهمة والحياة الشخصية، العربي مسرف في الاثنين في النقد وفي المدح.
ليست وظيفة الصحفي ان يطبل ويصفق ويهوس وليست وظيفته ايضا ان يشهر ويسب ويقذف ويشع الظلام وظيفة الصحفي بالضبط هو نقل الحقيقة كما هي بلا اخفاء ولا تزويق وتلوين وترقيع!
عندما اصبح ايمنانويل ماكرون رئيسا لجمهورية الفرنسية في ١٤ مايو من عام ٢٠١٧ ارسل في اول اجتماع له على الذين ينتقدون في العادة الحكومة قال لهم : جمعتكم اليوم لا لكي اقول اتتركوا نقد سياستنا بل على العكس تماما لكي اقول لكم استمروا، فكلما انتقدمتم سياستنا اتضحت رؤيتنا”
كلما فتحت ابواب الحرية للصحافة تقدمت البلدان بهذه العقلية نهضت اوروبا وبلدان العالم المتقدمة، فوظيفة الصحافة في العراق ليست ان تتحول الى جيوش الالكترونية لهذا وذاك ترفع هذا وتسقط ذاك، تقدس هذا وتلوث ذاك وظيفة بل وظيفتها اسمى وارفع وهي صناعة دولة الرأي والرأي الاخر، لاقيمة لصحافة تمدح الدولة فقط ولاقيمة لصحافة تنقد الدولة فقط بل الجمع بينهما اكثر حرفة واعلى مهنية.
ينتشر في الصحافة هذه الايام مرض الكساح الفكري حيث يصيب مجموعة من الصحفيين الذي ينظرون بزاوية واحدة اما بيضاء او سوداء ولايرون البياض عندما يكون بياضا ولا السواد عندما يكون سوادا.
نحتاج الى عقل جديد في الصحافة يبتعد عن تقديس الاشخاص ويهتم ببناء الدولة، فالاشخاص يذهبون والدولة باقية،اليس كذلك؟!