تقرير أمريكي: مليشيات الحشد تثير المخاوف الدولية من التوتر الطائفي وزيادة النفوذ الإيراني

آخر تحديث 2018-02-01 00:00:00 - المصدر: باسنیوز

الغرب يعتبرها طابورأ ايرانياً خامساً...

أفاد تقرير أمريكي ،اليوم الخميس، ان رئيس الجكومة العراقية حيدر العبادي، اعلن هذا الشهر، عن تحالف سياسي غير متوقع مع زعيم ميليشيا موالية لإيران . وكان من المزمع أن ينضم هادي العامري، رئيس منظمة بدر، إلى تحالف الأحزاب السياسية التابع للعبادي ، والمقرر أن يترشح للانتخابات خلال شهر مايو/أيار المقبل.

مجلة Foreign Policy "فورين بوليسي" الامريكية قالت في تقرير لها ، إن هذا التحالف بين العبادي والعامري تعرَّض لبعض الانتقادات من مختلف الأطياف السياسية  بالعراق. وكان رئيس الوزراء، الذي تعتبره الحكومات الغربية "وطنياً" على مدار فترة زمنية طويلة ، أحد الأعداء السياسيين للعامري . وقبل ذلك بأيام قليلة، كان الطرفان يتبادلان الإهانات والاتهامات، حيث كان العبادي يوجه انتقادات شديدة للميليشيات المتحالفة مع العامري (فصائل الحشد الشعبي).

ورغم حلّ التحالف المقترح بعد يوم واحد، أثارت تلك الخطوة مخاوف داخل الولايات المتحدة وغيرها من الحكومات الغربية، التي دائماً ما تعتبر فصائل مليشيات الحشد الشعبي ، مثل بدر، من الطابور الخامس الإيراني، الذي يعتزم زعزعة استقرار الحكومة المركزية ، بحسب تقرير المجلة الأميركية.

ونقل التقرير عن ريان كروكر، سفير الولايات المتحدة السابق لدى العراق  "أميل إلى رؤية ذلك من خلال ما أعتقد أنها سياسة إيران الكبرى في المنطقة. فأنت تنشئ وتمول وتنظم وتدرب الأطراف غير الدولية التي سوف تتبع توجيهاتك وليس توجيهات تلك الأطراف التي تتولى إدارة الدولة".

ومع تراجع حدة القتال ضد تنظيم داعش ، تزداد أهمية قضية مليشيات الحشد الشعبي، بما يثير المخاوف الدولية من التوتر الطائفي ويزيد النفوذ الإيراني في العراق ضد القوات السياسية والعسكرية الراسخة داخل الدولة.

وتتكون مليشيات الحشد الشعبي، التي تشكلت في أعقاب عام 2014، من مجموعة من الفصائل الشيعية المسلحة بفتوى دينية من آية الله علي السيستاني لمواجهة زحف وتمدد تنظيم داعش بأنحاء البلاد واقترابها من اسوار العاصمة العراقية بغداد. وتحظى هذه معظم الفصائل القوية ذات النفوذ داخل هذه المليشيات بالدعم الإيراني، ومن بينها منظمة بدر التي يقودها العامري .

ولا ترتبط كل هذه المجموعات بطهران، بحسب ما أورده الجيش الأميركي.

وذكر الميجور أدريان رانكين جالوواي، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية : ان"قوات الحشد الشعبي هو مصطلح شامل. فهناك قوات مسيحية ويزيدية وشيعية لا ترتبط بإيران" وفق قوله .

قوات الحشد الشعبي توفر الدعم للجيش

والآن ومع تراجع وتيرة القتال في معظم أنحاء البلاد، تستمر العديد من فصائل هذه الميليشيات، وخاصةً على المستوى المحلي، في توفير الدعم للجيش العراقي المنتشر بأنحاء البلاد. وذكر ساجد جياد، رئيس مركز البيان للتخطيط والدراسات، وهو مركز بحثي مقره بغداد، أن "الشرطة والجيش ينتشران في معظم أنحاء البلاد. وقوات الحشد الشعبي ليست وحدات من النخبة، ولكنها تسهم في زيادة عدد الأفراد اللازمين بالفعل".

ومع ذلك، تظهر حالياً عملية إيجاد صياغة فعالة لدمج تلك الجماعات ضمن قوات الأمن العراقية باعتبارها قضية حساسة بالعراق في أعقاب سقوط تنظيم داعش. ويرى بعض المسؤولين الحاليين أن السياسة الأميركية لا تواكب ذلك بعد.

وذكر أحد معاوني السياسة الخارجية بالكونغرس من المشاركين في صياغة السياسة العراقية: " كانت معظم القرارات الصادرة بالعراق وسوريا على مدار السنوات الماضية ، تستهدف القضاء على تنظيم داعش . ورغم نجاحنا في تحقيق ذلك الهدف ، لم تتغير خياراتنا حالياً كي تضع بالاعتبار كيفية القضاء على فكرة تنظيم داعش بأسلوب فعلي".

ومن دون الموازنة الأميركية لعام 2018، تعد المساعدات العسكرية الأميركية المقدمة إلى الجيش العراقي - أحد السبل الرئيسية التي تتخذها الولايات المتحدة لكسب النفوذ في هذه العملية- محدودة أيضاً. ويمكن أن تتوقف المساعدات العسكرية على تسريح بعض المجموعات. وباستثناء ذلك، تتمثل الوسيلة الوحيدة أمام الولايات المتحدة لممارسة النفوذ، في إجراء "محادثات ثنائية من خلال وزارة الخارجية والجيش، بحسب ما ذكره أحد النواب الآخرين بالكونغرس.

وقد أقر بعض صانعي السياسة الأميركيين الدور الذي اضطلعت به قوات الحشد الشعبي خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى المسار السياسي الذي يتعين على رئيس الوزراء العراقي حالياً أن يسلكه. وقال أحد المسؤولين الأميركيين، الذي رفض ذكر اسمه ، لـ "فورين بوليسي" "هناك توازن سياسي لدى العبادي بين الرغبة في إعادة دمج قوات الحشد الشعبي وتسريح تلك القوات تماماً".

الانتخابات نقطة دخول الميليشيات ذات الطموحات السياسية

ومع ذلك، أشار مسؤولون حاليون وسابقون آخرون إلى أن الإخفاق في دمج أجزاء من مليشيات الحشد الشعبي، بصفة رسمية، ضمن قوات الأمن العراقية الرسمية أو تفكيك بعض الميليشيات بالكامل ، يمكن أن يزعزع استقرار الحكومة ويؤدي إلى تفاقم العداوة الطائفية في أنحاء البلاد.

وتوفر انتخابات مايو/أيار 2018 نقطة دخول محتملة لبعض المجموعات ذات الطموحات السياسية. وبعد الدعوة التي أطلقها السيستاني أواخر عام 2017، للجماعات إلى التخلي عن أسلحتها، قامت بعض تلك الجماعات بالفصل بين أجنحتها العسكرية والسياسية. ويعد زعماء فصائل الحشد الشعبي الآخرين ، مثل العامري، وزراء سابقين بالحكومة يسعون إلى استعادة مناصبهم مرة أخرى.

خطورة طموحاتهم السياسية

ومع ذلك، يشكل هذا التحول خطراً على هيكل السياسة العراقية ويمهد الطريق لشرعنة بعض التوجهات الخطرة المحتملة، بحسب ما أوردته بلكس ويلي، كبيرة الباحثين العراقيين بمنظمة هيومان رايتس واتش. ونقلت "فورين بوليسي"  عنها قولها: "حتى وقتنا هذا، حينما تقترف قوات الحشد  الشعبي أي انتهاكات، يتم اعتبارها عناصر ضالة وفاسدة. وإذا ما أصبحت الآن أطرافاً سياسية، فإن ذلك يمنحهم غطاءً هاماً للغاية".

ومن ناحيتهم، خفف مسؤولو الحكومة العراقية من المخاوف الناجمة عن الأخطار التي تفرضها مليشيات الحشد الشعبي. وذكر مسؤول عراقي، رفض ذكر اسمه، أن "هناك قانوناً ينظم وضع قوات الحشد الشعبي كجزء من النظام الأمني العراقي". ومن الأرجح أن يعود بعض أفراد تلك القوات إلى حياتهم المدنية الطبيعية أو يتخلوا عن أسلحتهم .

وذكر جياد، من مركز البيان، ذلك الأمر، مشيراً إلى أن الرأي الشعبي يؤيد فكرة التسريح بصورة حاسمة. وقال: "جمهور العامة لا يريد أن يرى هؤلاء الزعماء يترأسون حزباً أو ميليشيا".