حين حكمت الأورغواي عالم كرة القدم

آخر تحديث 2018-02-01 00:00:00 - المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

(المستقلة)/ sport 360/.. بالنسبة لمشجعي كرة القدم فإن سنة 2018 تعني شيئاً واحداً فقط: كأس العالم. وإلى حين وصولنا للحظة المنتظرة يوم الرابع عشر من حزيران دعونا نأخذ نظرة سريعة إلى الماضي لنرى كيف انتشرت كرة القدم في كل من البلدان المشاركة في كأس العالم؛ واليوم الحديث عن بطلة نسختي 1930 و1950 الأوروجواي

تاريخ الأوروغواي الكروي الحديث مليء بأسماء بعض من أفضل نجوم عالم كرة القدم كلويس سواريز، دييجو فورلان وألفارو ريكوبا. لكن هذه الأسماء الممتازة والمستويات المميزة في كأس العالم وكوبا أميركا مؤخراً لا يمكنها أن تضاهي تاريخ الأوروجواي الكروي اللامع في أوائل القرن الماضي. وإن كنتم تظنون عن أن هذا المقال هو عن مونديال 1950 والمباراة النهائية وكيف حطمت الأوروجواي أمال ملايين البرازيليين ومنحت صبياً في العاشرة من عمره يدعى ايدسون حافزاً ليفوز بكأس العالم لمحي أحزان والده فأنتم مخطئون!!

كرة القدم دخلت الأوروغواي عبر البحارة الانجليز (نعم أدرك أنها نفس الطريقة التي قلت أن كرة القدم وصلت عبرها إلى روسيا، لكن Spoiler Alert هذه هي نفس القصة في معظم دول العالم) في ثمانينيات القرن التاسع عشر. العام 1882 شهد تأسيس نادي ألبيون وهو أول نادي متخصص بكرة القدم فقط على يد الانجليزي ويليام بوول. ألبيون حلّ ثانياً في أول دوري وطني تم تنظيمه في العام 1900 على يد الاتحاد الوطني المؤسس في نفس السنة.

التقارب الجغرافي الكبير بين الدولتين عنى أن الأروغواي لعبت 40 مباراة دولية بين عامي 1900 و1916 جميعها ما عدا واحدة كانت ضد الأرجنتين (المباراة الأخرى كانت ضد تشيلي). البلدان كانا يمثلان قطبي كرة القدم اللاتينية ولكن الأوروغواي سريعاً ما فرضت سيطرتها على كوبا أميركا وفازت بخمس من النسخ الثمان الأولى. وبعد أن فرضت سيطرتها على أميركا الجنوبية بشكل كامل اتجهت الأوروجواي عام 1924 إلى باريس لتشارك في مسابقة كرة القدم في الأولمبياد كونها بطلة كوبا أميركا عام 1923 لتكون أول منتخب من أميركا الجنوبية يلعب في أوروبا.

نسخة عام 1924 من الأولمبياد كانت حدثاً مميزاً في تاريخ كرة القدم العالمية، حيث كانت أول نسخة تنظمها الفيفا (بدلاً من الاتحادات الوطنية كما جرت العادة)، أول نسخة سُمح فيها بمشاركة اللاعبين غير الهواة (أي من كانوا يتقاضون تعويضات مادية لغيابهم عن أعمالهم خلال البطولة)، والأهم أنها كانت أول بطولة يشارك بها منتخب من أميركا الجنوبية (إضافة لمصر، تركيا والولايات المتحدة)؛ لذلك فأن العديدين يعتبرون نسختي 1924 و1928 بمثابة نسختين من كأس العالم (خصوصاً وأن نسخة 1924 ضمت 22 فريق وهو رقم لم يصل له كأس العالم حتى العام 1982)  منتخب السيلسيتي وجد طريقة ليضيف أهمية للبطولة من خلال ضمه لأول لاعب أسمر البشرة في تاريخ بطولات كرة القدم الدولية جوزيه لياندرو اندراديه والذي لقب بالمعجزة السوداء.

لكن لون بشرة أندراديه لم يكن الشيء الوحيد الذي قدمته الأوروجواي لكرة القدم العالمية. حيث تشير التقارير الصحفية من تلك الفترة أن منتخب الاوروغواي سافر إلى باريس برفقة طبيب ومعالج بدني لكي يحافظ اللاعبون على لياقتهم بعد السفر الطويل. إضافة لاهتمامهم بالجوانب البدنية، فإن لاعبي الأوروجواي قدموا مستوى خيالياً بالنسبة لمعايير عصرهم من خلال اعتمادهم على الكرات القصيرة والسريعة بدلاً من القوة البدنية التي اعتمدت عليها معظم منتخبات العالم. الأرجنتين، والتي اختارت عدم المشاركة في الأولمبياد تحدت الاوروجواي مباشرة إلى مباراتين فازت بهما (بعد حالات شغب متكررة من الجمهور الارجنتيني) لتعلن نفسها “بطلة معنوية للعالم”. وهذا يدل على أن مسابقة كرة القدم الأولمبية كانت تعتبر بمثابة كأس عالم في تلك الحقبة.

انتقام الأوروغواي كان قاسياً حيث هزمت جارتها بعد 4 سنوات في نهائي أولمبياد أمستردام لتحقق اللقب الأولمبي/العالمي الثاني على التوالي بنفس الأداء المذهل. وبفضل سطوتها المطلقة على كرة القدم العالمية قررت الفيفا منح الأوروجواي شرف تنظيم أول نسخة من كأس العالم عام 1930 التي فازت به بعد أن هزمت الأرجنتين، التي أعلنت صحافتها قبل بداية البطولة بأن “أبطال العالم” في طريقهم لمونتيفيديو الأمر الذي اعتبرته صحافة الأوروجواي بمثابة إعلان للحرب، مرة أخرى في النهائي.

الأوروغواي رفضت المشاركة في نسخة 1934 بسبب تجاهل معظم البلدان الأوروبية قبول دعوتها للمشاركة في النسخة الأولى، وعادت وقاطعت نسخة 1938 بسبب تجاهل الفيفا لوعدها السابق بتنظيم البطولة بنظام التناوب بين أوروبا وأميركا الجنوبية. لكنها عادت وشاركت عام 1950 وفازت باللقب لتكون قد فازت بأربع ألقاب دولية في 4 محاولات فقط لتحفر اسمها كواحد من أنجح المنتخبات الوطنية حتى يومنا هذا وتكسر قلب اديسون الفتى الصغير ذو العاشرة الذي كبر وأصبح بيليه.