وأخيراً انتصر المواطن في الجولة الأولى

آخر تحديث 2018-02-08 00:00:00 - المصدر: نواة

بقلم : رائد الهاشمي

يُعاني المواطن العراقي منذ سنوات طويلة من كم هائل من الضغوطات النفسية والاقتصادية فهو يعاني من نقص كبير في الخدمات الأساسية من كهرباء وماء صالح للشرب ونقص كبير في مفردات البطاقة التموينية وخدمات النقل وسوء خدمات البنية التحتية من مجاري وتبليط الشوارع ناهيك عن انتشار البطالة وانعدام فرص العمل سواء في القطاع العام أو الخاص ما أدى الى انخفاض القدرة الشرائية له بحيث أصبح عاجزاً عن تلبية المتطلبات الضرورية له ولعائلته ويقابل ذلك ارتفاع عام في الاسعار ولجميع السلع وارتفاع في أسعار الخدمات والأجورالمقدمة من قبل الدولة بعد أن كانت معظمها مجانية ولكن بفعل الظرف الاقتصادي المتردي الذي يمر به البلد نتيجة لأسباب كثيرة أهمها سوء الأداء السياسي والتناحرات الكتلوية والحزبية, فأصبح المواطن المسكين يرزخ بين مطرقة هذه الضغوط الاقتصادية الكبيرة وبين انخفاض قدرته الشرائية وأصبح حاله لايسُرّ عدوٍ ولاصديق, وللخلاص من هذا الوضع المزري وهذه الضغوطات الكبيرة لابد أن يبحث عن حل فلجأ المواطن الى الاعلام لبثّ همومه ومظلوميته فقامت وسائل الاعلام العراقية وبكل أنواعها المرئية والمسموعة والمقروءة بممارسة دورها الوطني بشكل رائع وسلطت الأضواء وبشكل يومي على معاناة المواطن العراقي وشخّصت الأخطاء واقترحت الحلول المناسبة وحللت واستضافت الشخصيات السياسية والاقتصادية وتوسعت وكررت في عرض المشاكل من أجل ايصال صوت المواطن الى الحكومة من أجل رفع الضيم والقهر عنه ولكن مع الأسف كانت الاستجابة من قبل الحكومة قليلة أو معدومة, ولجأ المواطن في حالات كثيرة الى السياسيين أنفسهم الذي أنتخبهم بصوته الثمين ليكونوا ممثلين له تحت قبة البرلمان وللدفاع عن حقوقه ولكن خاب أمله فيهم لأنه وجدهم منشغلين بقضايا أهم من قضيته حيث انغمسوا في البحث عن مصالحهم الشخصية ومكاسبهم المادية والحزبية فرجع خالي الوفاض, وأخيراً بعد أن أغلقت الأبواب جميعها بوجهه لم يجد غير اسلوب التظاهر السلمي والعفوي للمطالبة بحقوقه بعد أن طفح الكيل ووصل السيل الزبى ولم يتبقَ له غيرهذا الاسلوب واطلاق صوته في عنان السماء للمطالبة برفع الحيف عنه, في الأشهر الأخيرة تصاعدت الأصوات في جميع محافظات العراق برفضها لتسعيرة وزارة الكهرباء الأخيرة والتي ارتفعت بشكل كبير وبما لايتناسب مع الدخل الواطيء للمواطن وقدرته الشرائية, وأوصل المتظاهرين في كل مكان مطاليبهم بإلغاء هذه التسعيرة الظالمة أو تعديلها ولكن لم يكن لهذه المطالب آذان صاغية من قبل الحكومة ما أثار استياء المواطنين في كل مكان فأصرّوا على ثباتهم على الحق وعاودوا التظاهر وبشكل أكبر وأوسع وتوسعت رقعة المظاهرات في معظم محافظات العراق وتصاعدت مطالب المواطنين وارتفعت أصواتهم أكثر لأنها أصوات مطالبة بالحق فهي لاتخشى في الحق لومة لائم فأخذت هذه التظاهرات شكلاً آخر ووصلت هذه المرة الى الحكومة بشكل آخر حيث عرفت الحكومة بأن هذه الأصوات لن تسكت ولن تهديء حتى تتحقق مطالبها لأنه لم يبقَ عندها شيء لتخاف عليه فرضخت الحكومة ووزارة الكهرباء لإرادة الشعب ولصوت المواطن المظلوم وكان القرار بتغيير هذه التسعيرة الظالمة والمجحفة وتنزيل التعرفة الى النصف تقريباً وخاصة للوحدات الأولية والتي تشمل الطبقة الفقيرة التي يكون استهلاكها قليلاً , ومن هذا توصل المواطن الى حقيقة دامغة وهي أن صوت المظلوم أقوى من كل الأصوات ومن كل الحكومات وأن الحق يجب أن يُنتزع ولايستجدى من المسؤول.
ألف تحية لجميع الأصوات التي خرجت وطالبت بحقوقها المشروعة وأصرّت على مواقفها ولم تسكت ولم تهديء حتى نالت مطلبها ونصيحتي الى الحكومة بأن تراجع حساباتها في كل المظلوميات التي أصابت هذا الشعب المسكين وأن تسارع الى رفعها لأن المواطن عرف اللعبة جيداً ولن يسكت بعد هذا ولن تستطيع أي قوة في العالم أن تمنعه من المطالبة بحقوقه المشروعة وعليهم أن يعرفوا جيداً بأن هذه هي الجولة الأولى والنصر كان فيها للمواطن وستتبعها جولات أخرى بعد أن ذاق المواطن طعم النصر.