يتطلع العراقيون الى مؤتمرالدول المانحة الذي بدأ أعماله في دولة الكويت، برعاية أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لإعادة الاستقرار والمساهمة في إعمار المناطق المدمرة في العراق بناءً على طلب بغداد .
الاعلام الغربي
قناة فوكس نيوز تناولت الامر وكما أوردته في تقرير لها الشهر الماضي حيث تخشى أن الكثير من المانحين قد يترددون في الاستثمار في العراق، وهي دولة غنية بالنفط ، وتعد من بين الدول التي تعاني من الفساد، وفقا لبيانات منظمة الشفافية الدولية، حيث حذرت المنظمة مخاطر ذلك على المجتمع .
وتتشارك معها تلك المخاوف وكالة اسوشيتد برس الامريكية في تقريرها الذي نشرته في 25/1/2018 حول مؤتمر المانحين والذي اعربت فيه عن نفس المخاوف، وان العراق مطالب بتقديم ضمانات للدول المانحة بعدم ذهاب الاموال الى غير مستحقيها .
برنامج "العراق اليوم" الاذاعي من قناة "دبليو دي" في المانيا طرح سؤالا على فيسبوك : (يريد العراق من مؤتمر المانحين في الكويت 100 مليار دولار نقدا، فيما يطالب كثيرون ان تنفذ شركات اجنبية مشاريع الاعمار بشكل مباشر، ما تعليقك على ذلك؟ ووردت عليه مئات التعليقات والاجوبة، وكانت في الغالب تذهب الى ان الافضل والاصلح والاجدر ان تاتي شركات أجنبية وعربية لاعادة الاعمار بالمحافظات وان تأخذ مستحقاتها من المانحين والمستثمرين مباشرة، وعدم تسليم الحكومة سنت واحد "وهي عبارة تتردد لدى الجميع".
مخاوف الشارع العراقي
وتلاقي هذه المخاوف صدى كبيرا في الشارع العراقي, الكثيرون يرون أن الاجدر بالذين لم يحرصوا على أموال العراقيين أن يساهموا وبجدية في عملية إعادة الاعمار، بدلا من استجداء الاخرين ليطلبوا منهم اعمار ماخربوه بايديهم .
الدكتورة سلام سميسم الخبيرة في الشأن الاقتصادي في حديث لوكالة عين العراق نيوز، رجحت حصول العراق على 10 مليارات دولار من مؤتمر المانحين المنتظر عقده في الكويت وحسب تقديرها، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية كافة احتياجات اعادة الاعمار في محافظات الموصل وصلاح الدين والانبار وديالى، وأن من واجب الحكومة المساهمة في بشكل فعال في اعادة الاعمار، وحذرت من أن وجود حلقات الفساد ونفوذها سيجعل التلاعب بهذه الاموال أمرا محتملا، وبالتالي لن تحقق النفع العام وهذا أمر يثير المخاوف .
الكاتب والباحث الاقتصادي د. عبد على عوض وعبر موقع أخبار العراق يرى أن هنالك الكثير من الذين يعتقدون أن ألمشاركين في مؤتمر الكويت سيغدقون على العراق بهباتهم المالية المجانية، وهذا الأمر لن يحصل، وعلى الجانب ألعراقي أن يحسم ألأمور التالية قبل فتح أبواب ألإستثمار ..
- القضاء على عصابات الفساد المرتبطة بأحزاب السلطة وألتي تقف حائلاً أمام الشركات الاستثمارية لإبرام العقود بشفافية .
- تأسيس محكمة تختص بمحاكمة الجهات ألتي تحاول إبتزاز الشركات ألأجنبية مالياً وأمنياً .
- التضييق على نافذة بيع الدولار بأقصى ما يمكن، لكي يتسنى للحكومة العراقية توفير العملة الصعبة ألممكنة لاستثمارها في مشاريع مشتركة مع شركات الاستثمار ألأجنبية .
- عدم ألسماح لمجالس ألمحافظات بالاتصال مع الشركات الاستثمارية ألأجنبية، ويجب أن تُبرَم عقود الاستثمار من قِبل الحكومة الاتحادية مباشرةً مع الشركات المعنية، ويجري تحذير مجالس المحافظات من إعاقة عمل تلك الشركات .
الدور الروسي
يبدو أن الروس ربما سيساهمون من خلال شركاتهم في اعادة الاعمار"كمستثمرين" وليس مانحين, سعد الحديثي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الوزراء تحدث لوكالة سبوتنيك في 11/1/2018 إلى إمكانية مساهمة شركات روسية, في عملية الاستثمار في السوق العراقية ومن الممكن أن يكون لها دور فاعل ومهم وأساسي في هذا المؤتمر . وحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والممثل الخاص للأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش اعادة إعمار البلاد بعد الحرب .
الدور الاممي - المناشدة
وقد ناشدت اليونيسيف السلطات في العراق والمجتمع الدولي وعلى أثر زيارة الى الموصل قام بها نهاية العام الماضي المدير الإقليمي لليونيسيف، جيرت كابيلير، دعت فيها الى إنهاء جميع أشكال العنف حتى يتمكن الأطفال وأسرهم من العيش في أمان وكرامة، ومواصلة تقديم المساعدة الإنسانية، بما في ذلك المساعدة في المخيمات والمستوطنات غير الرسمية .
الدور الامريكي والاوروبي والعالمي
قالت السفارة الامريكية في بغداد وحسب اسوشيتدبرس ان المؤتمر يجب ان يوفر فرصة للحكومة العراقية لعرض الفرص الاستثمارية "وليس المنح" الجاذبة للمستثمرين الاجانب بما في ذلك الشركات الامريكية واقناعهم بان العراق مفتوح للمشاريع التجارية، من جانبه اكد السفير الامريكي "دوغلاس سليمان" في خبر اوردته موازين نيوز، ان بلاده ستكون داعمة بقوة لمؤتمر الكويت وحشد الدعم الدولي للعراق للحصول على الدعم المطلوب، وكشف عن استعداد اكثر من 100 شركة امريكية كبيرة للدخول والاستثمار في العراق ، فيما لفت الى ان هناك اكثر من 400 شركة عالمية من دول اوروبية وآسيوية مختلفة ستشارك في مؤتمر الكويت لإعمار العراق .
الدور السعودي والخليجي
تشارك دول الخليج وفي مقدمتها المملكة والامارات والكويت بشكل فاعل في مؤتمر المانحين في الكويت، وقد استقبل الملك سلمان في 18/1/2018 وزير التخطيط ووزير التجارة العراقي بالوكالة سلمان الجميلي، حيث جرى التأكيد على أهمية مجلس التنسيق السعودي العراقي في تنمية وتعزيز التعاون بين البلدين، واكد العاهل السعودي ووفقا لوكالة واس استعداد المملكة لتقديم كل انواع الدعم للعراق واعانته في اعادة البناء والاعمار، وشدد على أن العراق يمثل عمقا أخويا واستراتيجيا للمملكة العربية السعودية .
من جانب آخر وفي حديث له مع وكالة سبوتنيك رأى الخبير الاستراتيجي السعودي، اللواء متقاعد أنور عشقي، أن السعودية ترغب في الحصول على ضمانات من بغداد، بأن أي أموال تدفعها ضمن جهود إعادة إعمار العراق لن تستغل في "مآرب أخرى" . وقال عشقي، العضو في اللجنة الاستشارية الخاصة لدى مجلس الوزراء السعودي، المملكة أبدت استعدادها للمشاركة في مؤتمر إعادة إعمار العراق المرتقب عقده بالكويت، وأن السعودية تريد أن يكون القرار العراقي سيادياً، وليس تحت تأثير خارجي، ويجب أن يتمتع العراق بسيادة كاملة، وأضاف عشقي، موضحاً طبيعة المشاركة السعودية في المؤتمر، الحقيقة أن العراق، إلى الآن، يقع تحت تأثير إيراني ودول أخرى، والمملكة تريد أن تعرف أين ستُستغل أموال المنحة، "وهذا حق مشروع ويتوافق مع مطالب الشعب العراقي" وأشار عشقي، إلى أن بلاده "لن تتوانى" عن مساعدة العراق . ولفت الخبير الاستراتيجي إلى أن بلاده تقدم مساعدات إلى دول كثيرة، بضمانات "البنك الدولي" وجهات دولية أخرى، "للطمأنينة بشأن مصير المساعدة السعودية" .
الدور المصري - المهندس محلب في الموصل .
زار المهندس إبراهيم محلب مساعد الرئيس المصري للمشروعات الستراتيجية, مدينة الموصل في 1/2/2018 في مستهل زيارة رسمية الى العراق مع وفد يضم وزراء ورجال اعمال مصريين, وهاله حجم الدمار فيها كما عبر عنه مع موقع "النور نيوز", ووفقاً لبرلماني عراقي وحسب تقرير لموقع كتابات العراقي، يتوقع أن يفتح المؤتمر ساحة تنافس جديدة، خاصة بين الشركات المصرية والتركية، ذلك أن غالبية الدول المشاركة في المؤتمر المرتقب، لن توافق على تولي شركات إيرانية مشاريع إعمار المدن المحررة من خلال المنح التي تقدمها بسبب التقاطع السياسي الحالي . وهناك احتمالات لتقديم مساعدات خليجية في شكل مشروعات تنفذها شركات مصرية بالتحديد، وليس للعراق كما يبدو تحفظات على هذا الامر مادام سيحقق الهدف المطلوب, واكد المصدر ان مصر تطمح للدخول في مؤتمر المانحين كقوة تنفيذية لا تمويلية، مبينا أن الوفد لديه ما يقدمه من مشاريع لغرض إعادة الإعمار.
الدور الايراني
يبدو ان الدور الايراني كان سباقا في اعادة اعمار العراق وقبل غيره بكثير، حيث افتتح مؤخرا وحسب صحيفة المرصد مدرسة تحمل أسم "الامام الخميني" في الموصل ناحية برطلّة، وتم بناؤها من قبل منظمة الخلاني الايرانية وباشراف مباشر من القنصل الايراني، وتم نشر فيديو ينقل ويغطي وقائع الافتتاح، وهناك مدرسة اخرى قيد التنفيذ ايضا، " علما ان عشرات المدارس المماثلة تم بناؤها خلال السنوات السابقة في معظم المحافظات والمدن العراقية"، الامر الذي أثار استياء اهالي المدينة التي تم تحريرها من تنظيم داعش، واعتبروه استفزازا يكرس الطائفية، فيما كان يتمنى أهالي الموصل، إعادة بناء جامعة الموصل العريقة والتي تهدمت نتيجة القصف اثناء تحرير المدينة بدلا من ذلك .
وكشف السفير الايراني في العراق إيرج مسجدي في مؤتمر عقد في طهران أواخر الشهر الماضي بحسب وكالة تسنيم الايرانية وبحضور قاسم سليماني، ان أيران ستساعد بالتأكيد في اعادة اعمار العراق، في مختلف المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية, وأنها تساهم في بناء الجيش العراقي وجهاز الشرطة وعبر مستويات مختلفة، وكذلك التبدل التجاري والسياحة الدينية والتي تسهم في زيادة الموارد الاقتصادية، وكذلك وجود اربعة آلاف طالب عراقي يدرسون في المدارس والجامعات الايرانية يساهم في "إعادة بناء" علاقات أخوية، وهذا كما يبدو هو المفهوم الايراني في مساعدة العراقيين، ويرى بعض المحللين ان ايران تنظر بترقب الى نتائج مؤتمر المانحين في الكويت كفرصة لشركاتها للحصول على عقود لإعادة الاعمار .
صندوق إعادة الإعمار
الجهة الاكثر مسؤولية من الناحية الفنية واللوجستية والانسانية، هي "هيئة صندوق اعمار المناطق المتضررة في العراق" والذي يرأسها "الدكتور مصطفى الهيتي" وهو أكاديمي معروف ومشهود له بالكفاءة ، عقد مؤخرا اجتماع حضره كل من فريق عمل البنك الدولي، وممثلين من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، الشيخ احمد علي الصباح، والمدير الاقليمي عبد الله المصيبيح، ناقشوا فيه الاستعدادات لعقد مؤتمر المانحين، والذي يشمل النواحي التنظيمية وتحديد مقترحات التوقيتات والمحاور الرئيسة له، والمتحدثين وقائمة المدعوين وتوقعات مخرجات المؤتمر وآليات متابعة تلك المخرجات .
الاصل في حقيقة الامر،هو "وصول" تلك المساعدات بكل اشكالها ومسمياتها الى مستحقيها كهدف اساسي وهو الغاية منها . وكما يبدو جليا أن الدول المانحة والشركات والجهات التي ستساهم في المؤتمر، سواء كانت عربية او اقليمية او دولية، لديها خلفية واضحة عن واقع الحال العراقي، وحجم التعرية والتآكل التي خلفها ومايزال الفساد في الجسد العراقي تاركا آثاره الاجتماعية والاقتصادية المدمرة، وهو ربما سينعكس سلبا على حجم المنح والاستثمارات وإحجام المانحين والمستثمرين، في ظل صعوبة ايجاد آليات تضمن ما تهدف اليه من اصلاح وتنمية .
ورغم كل هذا وذاك, وما بين منح أواستثمارات سيظل مئات الآلاف من العراقيين يسكنون المخيمات في ظل الفساد .