نواب يطالبون بعدم استخدام النازحين في الدعاية الانتخابية ...
طالبت جهات سياسية، وكذلك نواب في البرلمان العراقي، بمعرفة ماهية آلية التصويت العادل والشفاف التي ستعتمدها مفوضية الانتخابات داخل مخيمات النزوح، في حال عدم عودة النازحين إلى مناطقهم، فيما دعت جهات أخرى المفوضية إلى تقديم ضمانات بعدم اختراق أجهزة التصويت.
ورغم انتهاء العمليات العسكرية في عموم المدن العراقية، إلا أن مخيمات النزوح ما زال يسكنها مليونان ونصف المليون نازح، وفقاً لأحدث تقرير للمنظمة الدولية للهجرة.
وأشارت المنظمة الأممية، إلى أنه على مدى السنوات الأربع الماضية تأثر العراق بشدة خلال صراعه مع تنظيم داعش، مما أدى إلى نزوح ما يقرب من ستة ملايين شخص، لكن بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في التاسع من كانون الأول / ديسمبر عام 2017، عن «انتصار» العراق في معركته ضد داعش، حددت عدد العائدين إلى مناطقهم الأصلية بحوالي 3.2 ملايين شخص.
ومع استمرار إجراءات مفوضية الانتخابات في مختلف المحافظات العراقية، إلا أن مخيمات النزوح لم تشهد أية نشاطات وفعاليات لغاية الآن، فيما تساءل مراقبون عن طبيعة الإجراءات التي ستتخذها المفوضية ليتمكن نحو مليوني نازح من التصويت.
وتشير المعلومات التي حصلت عليها (باسنيوز)، إلى أن مخيمات محافظتي كركوك ونينوى لم تتخذ مفوضية الانتخابات فيها أية إجراءات لإشراك النازحين في الانتخابات، فيما يرى آخرون صعوبة مشاركتهم في الانتخابات، «لانعدام المستلزمات الضرورية، كالطاقة الكهربائية وتحديث بيانات الناخبين في ظل ضياع الأوراق الثبوتية للكثير من النازحين».
وبحسب رئيس الدائرة الانتخابية في مفوضية الانتخابات رياض البدران، فإن المفوضية قامت بمسح مخيمات النازحين في كل العراق، وألغت بطاقات الناخب القديمة وطبعت أخرى جديدة لمحافظة نينوى وقضاء الحويجة وبعض مناطق محافظة الأنبار.
ولفت البدران في تصريح له، إلى وضع خطة خاصة لإنشاء مراكز انتخابية في مخيمات النازحين واستخدام أجهزة التصويت السريع، لافتاً إلى أن «المفوضية ستسير بالجدول الزمني المعتمد من أجل عدم تأخير الانتخابات، مع اللجوء إلى آلية تسريع النتائج وآلية التحقق لضمان نزاهتها».
لكن النائبة عن محافظة نينوى جميلة العبيدي تشكك بتلك الإجراءات، في ظل الظروف الراهنة التي تغيب فيها مستلزمات الحياة الضرورية عن مخيمات النازحين، كالمراكز الطبية والطاقة الكهربائية والغذاء والمياه الصالحة للشرب.
وأضافت لـ (باسنيوز)، أن «انعدام مقومات الحياة في مخيمات النزوح يغيّب الثقة تماماً بالعملية الانتخابية والسياسية، وكيف لنازح فقد كل شيء أن يذهب إلى صندوق الاقتراع ويختار سياسيين يعتقد أنهم جزء من المشاكل التي يعانيها منذ سنوات؟».
وطالبت العبيدي الحكومة العراقية بتفعيل الإجراءات الحقيقية لتمكين المواطنين من العودة إلى منازلهم ومناطقهم، وعدم استخدام ملف النازحين الإنساني في الدعاية الانتخابية.
وأعلنت منظمة الهجرة الدولية الأسبوع الماضي أن عدد العائدين العراقيين إلى مناطقهم الأصلية قد تجاوز عدد النازحين للمرة الأولى منذ بداية الأزمة في العراق عام 2013، فيما أكدت الأمم المتحدة وقوفها مع مفوضية الانتخابات العراقية لمواجهات تحديات تواجهها ومساعدتها على إنجاز مهمتها.
وأوضحت المنظمة أنه عقب تحسن الوضع الأمني في المناطق المستعادة، عاد عدد كبير من العراقيين النازحين إلى مواقعهم الأصلية، حيث عادوا بصورة أساسية إلى كل من محافظات الأنبار الغربية بنسبة (38 في المائة، أي أكثر من 1.2 مليون شخص)، نينوى الشمالية (30 في المائة، أي حوالي 975 ألف شخص)، وصلاح الدين بنسبة (14 في المائة، أي ما يقرب من 360 ألف شخص)، موضحة أن تلك المحافظات الثلاث كانت هي الأكثر تضرراً من سيطرة داعش على مناطقها، وتمثل 86 في المائة من السكان النازحين الحاليين في البلد.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن تلك المخيمات ما زالت تأوي أكثر من 71 ألف نازح، يتلقون الإغاثة والخدمات الطبية من المنظمة الدولية للهجرة، كما يتلقون مجموعات متنوعة من الخدمات الأخرى من المنظمات الإنسانية.
وتمثل حركة العودة داخل المحافظات نحو 55 في المائة من نسبة العائدين، حيث كان هذا الإتجاه شائعاً في جميع المحافظات الأكثر تضرراً، ومن المرجح أن يستمر لأن نسبة النازحين داخلها مازالت عالية. وفي الواقع فإن أكثر النازحين يتمركزون حالياً في نينوى بنسبة (57 في المائة)، أما عدد السكان النازحين داخل المحافظات فيبلغ نحو 97 في المائة.
وكانت أطراف سياسية تجاذبت مواقف حادة تجاه النازحين مع اقتراب الانتخابات المزمع إجراؤها في 12 أيار / مايو المقبل؛ إذ بدأت كتل وأحزاب بالدعوة إلى تأجيل الانتخابات حتى عودة النازحين إلى مناطقهم، وفشلت المحاولة مع تأكيد المحكمة الاتحادية عدم دستورية تأجيلها؛ ما دفع ببعض الجهات إلى المطالبة بإرجاع قسري للنازحين إلى مناطقهم، رغم تأكيد نسبة كبيرة من النازحين صعوبة عودتهم؛ جراء استمرار الاضطراب الأمني، وفي ظل مناطق مهدمة بالكامل.
بدوره أكد النائب عن محافظة صلاح الدين مطشر السامرائي، أن ملف النازحين أصبح «ورقة سياسية ويخضع للمزاجيات الشخصية من قبل المتنفذين والجهات الحزبية، حيث تسارعت مساعي إعادة النازحين إلى مناطقهم، فضلاً عن تدارك وضعهم الانساني لإشراكهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة بأية طريقة».
وأضاف السامرائي في تصريح لـ (باسنيوز)، أن «مخيمات النازحين ما زالت تعاني أوضاعاً إنسانية متردية، وغياب للمنظومة الصحية والتعليمية والنفسية، فكيف يمكن إشراك هؤلاء المواطنين في عملية اقتراع، فضلاً عن غياب إجراءات مفوضية الانتخابات بشأنهم وكيفية التعاطي مع ملفهم في ظل الظروف الراهنة».
وتتخوف أوساط سياسية وقوى تسعى للوصول إلى مقاعد البرلمان من حصول عمليات تزوير تكون ساحتها مخيمات النزوح، حيث تسهل عملية التلاعب بالأصوات في ظل غياب الدعم والمستلزمات التقنية والبعد عن الرقابة، وهو ما يهيئ الظروف لعمليات تزوير واسعة قد تحصل في عملية الاقتراع.