بيان ثقافي:
* عندما تُظلم الثقافة في ميزانية الدولة العراقية لسنة 2018 .
تفاجأ الوسط الثقافي العراقي بمخرجات (ميزانية الدولة لعام 2018)، وتفاجأ اكثر باستسهال عملية التلاعب بمواد وبنود الميزانية العامة لخدمة مصالح شخصية وعائلية على حساب الهموم والمسؤوليات الثقافية في البلد.
ففي الوقت الذي ينبغي فيه على الدولة السعي الى مكافحة الأفكار الظلامية والتخلف والجهل، من خلال إعادة بناء الثقافة والمعرفة والسلام في عقول الرجال والنساء، وعبر دعم التعليم والنشاطات الثقافية، والتعاون مع المنظمات الأممية ، والانفتاح على التجارب الدولية، نجد أن اللجنة المالية في مجلس النواب قد استثنت (بعثة العراق لدى اليونسكو) من المخصصات المالية لسنة 2018 (بحجة التقشف) دوناً عن بعثة العراق لدى الامم المتحدة في نيويورك وبعثة العراق لدى مجلس حقوق الإنسان في جنيف ، وهذا يشكل استهدافاً للبعثة العراقية لدى اليونسكو التي هي الوحيدة المختصة بالتعليم والثقافة.
* الإدانة توجه لرئيس اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي (النائب محمد تميم).
“إذا ما عرف السبب بطل العجب” ، وهو ما ينطبق فعلاً على ما جرى من تلاعب في بنود ميزانية الدولة، حيث جرى صياغة بعضها لمصالح ترتبط بعائلة (النائب محمد تميم) رئيس اللجنة المالية في البرلمان، الذي قام بصياغة بند في الميزانية يقضي بسحب سفير العراق لدى منظمة اليونسكو باعتباره (رئيس البعثة العراقية) وتسليم مهمة أدارة البعثة للموظف (اسماعيل الجبوري) الذي جرى تعيينه قبل خمسة سنوات في البعثة العراقية الدائمة لدى اليونسكو بقرار من (محمد تميم) نفسه عندما كان وزيراً للتربية.
المثير للسخرية والاشمئزاز في هذا التلاعب المفضوح لبنود ميزانية الدولة على حساب الثقافة ، والذي جرى لمصالح خاصة محصورة بين (النائب محمد تميم) وقريبه (اسماعيل الجبوري) الذي هو (إبن خال النائب)، هذه السخرية تتمثل بانعدام المؤهلات لدى (اسماعيل الجبوري) الذي لا يجيد حتى التحدث باللغة (الانگليزية أو الفرنسية) فضلاً عن الضعف باللغة العربية، وهذا مؤكد بكتب ومخاطبات رسمية ، ننشرها مع هذا البيان.
* نص المادة التي جرى حشرها ضمن بنود ميزانية الدولة لسنة 2018 والتي تكشف بوضوح حجم التلاعب لمصالح شخصية على حساب المؤسسات الثقافية.
المادة (26 / خامساً / د) :
“على الجهات المختصة اعادة رؤساء الممثليات والبعثات العراقية الدبلوماسية من العاملين في المنظمات العربية والاقليمية والدولية الى مركز الوزارة المعنية على ان يبقى التخفيض لموظفي الملاك الدائم والمستخدمين المحليين على حاله والتي تم اقراره في موازنة عام 2017، ويتولى سفير العراق في تلك الدولة ادارة شؤون الممثلية المالية على ان يتولى موظفو الممثلية او البعثة تسيير الامور الادارية، ويستثنى من ذلك بعثة العراق في نيويورك والمنظمة الدولية في جنيف”.
* تجدر الإشارة في هذا الصدد الى أن للعراق ثلاثة ممثليات لدى الامم المتحدة فقط ، هي :
1- البعثة العراقية لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
2- البعثة العراقية لدى مجلس حقوق الانسان في الممثلية الأوربية الدائمة للأمم المتحدة في جنيف.
3- البعثة العراقية لدى منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلم (اليونسكو) في باريس.
* محطات سريعة عن علاقات العراق مع اليونسكو وحجم التعاون المشترك وطبيعة احتياجات الدولة العراقية من اليونسكو :
1-لعبت اليونسكو أدواراً أساسيةً في (تجريم تنظيم داعش الإرهابي) حيث قامت المنظمة في وقت مبكّر من دخول داعش للموصل بإطلاق (حالة إنذار) عالمية لحماية الممتلكات والآثار التاريخية لحضارات بلاد ما بين النهرين التي قام التنظيم بتخريبها ونهبها، فكان لتلك البيانات والمواقف ثأثيراً عالمياً بالغاً في لفت انتباه المجتمع الدولي لحقيقة هذا التنظيم الإرهابي وطبيعة توجهاته العدمية، ما قاد الى إصدار سلسلة من القرارات التي تجرم هذا التنظيم، فيما بعد، وتهيئة المناخ لمكافحته بجهود دولية مشتركة.
2- قادت اليونسكو وما تزال تقود مساعٍ عالمية مكثفة لمحاصرة تجار الآثار والأسواق السوداء لاستعادة جميع القطع الآثارية المنهوبة من العراق.
3- تسعى اليونسكو الى تشجيع الدول المانحة لدعم المؤسسات الثقافية والتعليمية في العراق وقد عقدت لأجل ذلك العديد من ورش العمل والمؤتمرات، وتُعد اليونسكو على الدوام أحد أكثر المتحمسين في العالم لمساعدة العراقيين في تطوير المناهج الدراسية ووسائل التعليم.
4- اليونسكو كانت دائماً بوابة للعراقيين للتعبير عن هويتهم الحضارية والثقافية وهي على الدوام منصة مفتوحة امام المبدعين العراقيين، وهي لأجل ذلك إختارت الموسيقار العراقي الكبير (نصير شمة)، في العام الماضي، كسفير للثقافة والسلام، وهي بقرارها هذا تعبر عن تقديرها للفنان العراقي الكبير نصير شمة ولفنه وموسيقاه الرائعة علاوة على تقديرها للعراق الحضاري ولشعبه العريق.
5-كما منحت اليونسكو جائزتها الدولية للثقافة العربية للخطاط العراقي الكبير د. غني العاني كتقدير واحترام لمدرسة بغداد للخط العربي، التي ما زالت خالدة حتى الان، وما زالت مصدر إعجاب العالم.
6-اختارت اليونسكو مطلع هذا العام السفير العراقي لديها وهو البروفيسور د. محمود ملا خلف ليترأس لجنة (77+ الصين) وهي أكبر لجان المنظمة، بالاضافة الى عضوية هيئة التراث، ومن المؤمل ان تحقق البعثة العراقية مكتسبات اكبر خلال الفترة القادمة.
7- قامت منظمة اليونسكو بإدراج (الأهوار) على لائحة التراث وهو ما سوف يجعل العراق اكثر قوة في حماية حقوقه (المائية) من دول الجوار ووفق القوانين والمعاهدات الدولية.
8-تسعى اليونسكو هذا العام الى إدراج (بابل) على لائحة التراث العالمي، وهي عملية إعادة إحياء لبابل التاريخية العظيمة.
9-شاركت اليونسكو في مؤتمر المانحين في الكويت وقد أعلنت عن (مبادرة ريادية) لإعادة إعمار المواقع التاريخية التي دمرت.
10-كما تسعى اليونسكو الى دعم برامج تعزيز التعليم في العراق عبر التكنولوجيا على المدى القريب.
ان كل ما جاء في هذا البيان عبارة عن مرافعة إعتراض أمام الرئاسات الثلاث والقوى السياسية لإعادة النظر ببنود ميزانية الدولة لسنة 2018 وتصحيحها، لكونها صيغت بهذا الشكل المهلهل والفاسد، وغير المسؤول، الذي سمح بجعل حصة الثقافة والتعليم، رغم فقرها وبساطتها، لمصلحة بعض الأقارب والأصدقاء.
إن الثقافة العراقية التي ننتمي لها، وتاريخ الحضارات الرافدينية العريقة، يدفعنا الى حشد القوى الثقافية والمثقفين، لإيقاف هذا الخراب الذي بات يحمل ملامح واحدة، هي ملامح الفساد.
نطالب بتصحيح المادة (26 / خامساً / د) ورفعها من ميزانية الدولة العامة لسنة 2018 فوراً.
ندعو كافة العراقيين الى التضامن مع مضامين هذا البيان والسعي الى دعمه كقضية (رأي عام) وعدم السكوت عن هذا الخراب.
ندعوا أبناء محافظة بابل وإدارتها المحلية ومجلسها الى عدم السماح بقتل بابل مرتين والإعتراض على محاولات عرقلة جهود اليونسكو من أجل نهضة بابل من جديد.
ندعو السادة النواب الشرفاء الى الاعتراض على المادة (26/خامساً/د) وتصحيحها.
لا يجب ان نسمح للفساد بالبقاء في بلدنا.