عمان - في معسكر تدريبي وسط عمان وتحت الأضواء الكاشفة، تشق الشابة روزبهان فريج (17 عاما) طريقها نحو مرمى منتخب السيدات الأردني لكرة القدم الذي يستعد لاستضافة كأس آسيا، ويحلم بأن يصبح أول منتخب عربي يبلغ نهائيات كأس العالم.
بين 6 نيسان/أبريل و20 منه، يستضيف الأردن كأس آسيا بعد عامين على استضافته كأس العالم لما دون 17 عاما، في دليل على الاهتمام المتزايد الذي تلقاه اللعبة الشعبية التي بقيت لعقود حكرا على الذكور.
روزبهان هي أصغر لاعبات المنتخب الذي يضم أكثر من 20 لاعبة بعضهن من المحجبات، ويشرف عليهن المدرب الأميركي مايكل ديكي.
وتقول اللاعبة الناشئة خلال استراحة من التدريب في ملعب البتراء وسط عمان: "ألعب كرة القدم منذ كنت صغيرة بعمر ست سنوات. في البداية لم تكن أمي موافقة، كانت تقول لي هذه لعبة الشبان، ولكن الأمور تغيرت".
تضيف اللاعبة التي تشغل مركزا دفاعيا، والعرق يتصبب من جبينها، "نعمل بجد ونضغط على أنفسنا ونحن متحمسات جدا ونريد الوصول الى كأس العالم، هذا حلم يعمل عليه الاردن" منذ تأسيس المنتخب عام 2005.
الا انها تؤكد ان التجربة غير سهلة "فأنا أحاول ان أوفق بين التدريب وحبي الكبير لكرة القدم وبين دراستي الثانوية. لذلك، رغم التعب والاجهاد أصحو في الرابعة فجرا كي أكمل فروضي المدرسية، فالدراسة مستقبلي".
تشارك في البطولة الآسيوية ثمانية منتخبات وزعت على مجموعتين، تضم الأولى الأردن والفيليبين والصين وتايلاند، والثانية اليابان (حاملة اللقب) واستراليا وكوريا الشمالية وفيتنام. وتتأهل خمسة منتخبات الى كأس العالم، هي الأول والثاني من كل مجموعة، وأفضل ثالث. وهي المشاركة الآسيوية الثانية للمنتخب النسائي الأردني بعد 2014 (خرج من الدور الأول).
وشهدت هذه اللعبة نموا في الأردن خلال الأعوام الماضية.
وبحسب الامين العام للاتحاد الأردني سيزار صوبر، ارتفع عدد اللاعبات بنحو 40 ضعفا منذ تأسيس المنتخب. ويوضح "نحن من أول الدول التي أسست (منتخب) كرة القدم النسوية في المنطقة وذلك في عام 2005 لاننا نعتبر كرة القدم حقا للجميع وحقا للسيدات اللواتي يمثلن نصف المجتمع".
يضيف انه لدى تشكيل المنتخب الأول "كان عدد اللاعبات لا يتجاوز 15 لاعبة، أما اليوم فعددهن 611 لاعبة مسجلة رسميا ولدينا 16 ناد نسوي".
ويحتل المنتخب الأردني النسائي حاليا المرتبة الأولى عربيا والـ 51 عالميا في تصنيف الاتحاد الدولي (فيفا). أما منتخب الرجال فهو الـ 117 عالميا.
"تحول في العقلية"
منذ حزيران/يونيو الماضي، تتدرب لاعبات المنتخب، وأغلبهن تراوح أعمارهن بين 16 و30 عاما، بمعدل خمس مرات أسبوعيا، وذلك بهدف تعزيز اللياقة البدنية لمنتخب يضم ثلاث لاعبات مقيمات في الولايات المتحدة وأخرى في ألمانيا، بحسب منسقه الاعلامي ينال ملكوش.
ويرى ملكوش ان المجتمع يشهد "تحولا في العقلية، وحاجز سيدة وبنت لا تلعب كرة قدم تخطيناه منذ زمن"، مضيفا ان الاعتراضات تحولت "الى دعم. حتى الاهالي الذين كانوا ضد الموضوع أصبحوا من أكبر الداعمين".
تذهب بعض اللاعبات الى الحد الأقصى لتحقيق حلم المشاركة عالميا، ومنهن شهناز جبرين (26 عاما)، لاعبة خط الوسط الهجومي المحجبة، التي استقالت من عملها كمدرسة تربية رياضية لتتفرغ للمنتخب.
وتقر جبرين بأن البداية "كانت صعبة بسبب نظرة المجتمع تجاه فتيات يلعبن كرة القدم. أما الآن فالكل يقف معنا وعائلتي تشجعني كثيرا".
تضيف "كرة القدم في دمي منذ كنت صغيرة وكنت ألعب في الشارع مع أولاد حارتنا... فما بالك وانت تستعد لتمثل بلدك في نهائيات كأس آسيا ولديك احتمال ان تتأهل لكأس العالم؟ هذا شعور جميل جدا لا يوصف".
حتى المدرب الأميركي الذي عين في نيسان/أبريل 2017 للاشراف على المنتخب، فوجئ بالأهمية التي يوليها الأردن للكرة النسائية.
ويقول مايكل ديكي "لم يسبق ان قرأت عن الاردن ولا عن فريقه النسوي لذا عندما تلقيت دعوة لاكون المدرب... شعرت بالفضول".
يضيف "حضرت الى عمان حتى ألقي نظرة على الفريق والمنشآت الموجودة، وكنت سعيدا للغاية بأداء اللاعبات... الاتحاد الأردني لكرة القدم سهل على هؤلاء النسوة ان يجدن الوقت الكافي في حياتهم اليومية كي يركزن على اللعب لفريقهم الوطني".
"حلمنا جميعا"
خصص الاتحاد العام الماضي ملعبا لتمارين المنتخب في مدينة الحسين الرياضية بعمان بهدف المساهمة في تطوير المنتخب. ولقي الجهد الأردني في كرة القدم للسيدات، تنويها في مراحل سابقة من الفيفا.
ويؤكد صوبر إصرار السلطات الأردنية على تنمية هذا المجال "لأننا نعرف ما هو مستقبل كرة القدم النسوية في العالم وليس فقط في منطقتنا"، معتبرا ان بلوغ المونديال سيكون "ثمرة عمل اللاعبات طوال السنوات الـ 13 الماضية".
ولدى اللاعبات، يبدو التصميم على تحقيق ذلك كبيرا.
ستيفاني النبر (30 عاما) هي قائدة المنتخب، ودافعت عن ألوانه منذ تأسيه عام 2005. كما انها من ذوي الخبرة في التشكيلة النسائية الأردنية، بعدما خاضت تجارب احترافية في الدنمارك ولبنان والامارات.
بالنسبة إليها، المنتخب "بذل مجهودا كبيرا... وهو جاهز" لخوض غمار كأس آسيا والتأهل الى كأس العالم، فذلك "حلمنا جميعا ونريد تحقيقه".