نداء تونس يرفع غطاءه السياسي عن الشاهد

آخر تحديث 2018-04-07 00:00:00 - المصدر: ميدل ايست

رفع نداء تونس غطاءه السياسي عن يوسف الشاهد رئيس الحكومة بعد عملية تقييم لأدائه تكفلت بها لجنة سياسية تم تركيزها خلال الفترة الماضية في خطوة من شأنها أن تضعف حركة والنهضة الداعمة له وتعزز من حظوظ الضغوط التي ما أنفك يمارسها الاتحاد العام التونسي للشغل لتركيز حكومة جديدة.

وقالت مصادر سياسية من النداء "الحزب قرر رفع غطائه السياسي عن الشاهد في ظل تعقيدات الأزمة الهيكلية وارتقاع منسوب الاحتقان الاجتماعي الذي بات يهدد السلم الأهلي، مشيرة إلى أن المكان الطبيعي للشاهد هو داخل الحزب"، في إشارة على أنه سيتم تكليفه بعد تركيز الحكومة الجديدة بمهام أخرى.

وأقرت المصادر لميدل ايست أونلاين بأن "حصيلة أداء الحكومة لم تحظ لا برضاء النداء ولا الطبقة السياسية ولا بقوى المجتمع المدني وفي مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل" مضيفة أن المرحلة الحالية "تفرض توافقا سياسيا ومدنيا بما من شأنه أن يضفي المزيد من الشرعية على العملية السياسية".

ومع رفع النداء غطاءه السياسي تكون حركة النهضة أول الخاسرين إذ كثيرا ما أعربت قياداتها وفي مقدمتها راشد الغنوشي عن تمسكها بالشاهد معتبرة أن تونس اليوم في أمس الحاجة إلى الاستقرار الحكومي والسياسي.

ويواجه الشاهد انتقادات لاذعة من قبل عدة قيادات داخل النداء على خلفية سياسة الاسترضاء التي ينتهجها تجاه النهضة لتوفير أكثر ما يمكن من الحزام السياسي في ظل وعيه بأن حزبه مستعد للتضحية به من أجل تركيز حكومة جديدة في حالة أشبه ما يكون بما تعرض له رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد الذي تخل عنه النداء قبل النهضة.

وخلال الفترة الأخيرة ارتفع منسوب التراشق بين القوى السياسية واتحاد الشغل بشأن المسؤولية عن الأزمة السياسية والأزمة الهيكلية وهو تراشق يستبطن، كما يذهب إلى ذلك مراقبون، غياب الوعي السياسي بأن الأزمة تتجاوز الأحزاب والحكومة معا.

ولقي رفع الغطاء السياسي عن الشاهد ارتياحا لدى المركزية النقابية المتمسكة برحيله حيث قال نورالدين الطبوبي، السبت، إن "هناك تغيير إيجابي فيه خير لتونس سيقع قريبا" دون أن يقدم إيضاحات أخرى.

غير أن قيادات نقابية قالت "إن ضغوط المركزية النقابية كانت نتائجها إيجابية ونجحت في الإقناع برحيل الشاهد"، مشددة على أن الجهود التي بذلها الطبوبي واللقاءات التي قام بها مع الرئيس قائد السبسي ومع محمد الناصر رئيس البرلمان أقنعت الجميع برؤية الاتحاد القاضية بضخ دماء جديدة في مفاصل الدولة والقطع مع الوضع الراهن.

ولفتت مصادر نداء تونس أن الحزب المؤتمن على الحكم "لا يمكن أن يلازم الصمت في ظل تفاقم الأزمة الهيكلية التي تعصف بالبلاد وأنه يسعى إلى تقديم رؤيته للخروج منها خلال الفترة القليلة القادمة على قاعدة أرضية سياسية ومدنية".

وأضافت المصادر أن "هناك تقارب بين رؤية الاتحاد ورؤية النداء بشأن التعاطي مع الملفات الكبرى الخلافية وفي مقدمتها غلاء الأسعار والتفويت في المؤسسات العمومية وصياغة خطة عمل تراعي المسائل الاجتماعية للتونسيين وخاصة الفئات الهشة".

ويبدو، كما يذهب إلى ذلك محللون سياسيون، أن رفع الغطاء السياسي عن الشاهد فرضته الأوضاع أكثر مما هو خيار إرادي يعكس توجها جديدا للنداء، ويشير المحللون هنا إلى أن هناك مفارقة دفع ثمنها الشاهد تتمثل في مطالبته بالإصلاحات من جهة، وكلما اتخذ إجراء وفق البرنامج الذي نال ثقة البرلمان تقوم الاحتجاجات.

غير أن رفع الغطاء السياسي يبقى "معلقا" بحسب موقف الرئيس السبسي الذي يقود حاليا جهودا لاحتواء غضب اتحاد الشغل حتى أنه شدد في أكثر من مناسبة على أنه لا معنى للوحة الوطنية دون الاتحاد وهي رسالة موجهة من جهة إلى الأحزاب السياسية الحاكمة وموجهة من جهة أخرى إلى يوسف الشاهد نفسه المتهم بتهميش الاتحاد.

وقالت مصادر النداء إن "الحزب عازم على الانفتاح أكثر ما يكون على القوى السياسية والمدنية بما فيها العرضة حيث تجري مشاورات معها" غير أنها لفتت في المقابل أن "من حق النداء بعد تجربة الحكومات الائتلافية المتعاقبة أن يقود الحكومة بعيدا عن التحالفات التي أرهقته لينفذ برامجه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية".

ويرى مراقبون أن رفع الغطاء السياسي عن الشاهد من شأنه أن يخفف من حدة ضغوط الاتحاد الذي يسعى إلى أن يكون ممثلا في مواقع القرار السياسي والإداري وهو ما عبر عنه الطبوبي في أكثر من مناسبة غير أن ذلك لن يكون كفيلا بتوفير الحلول العاجلة لأزمة هيكلية ذات جذور اقتصادية تعود إلى فترة حكومة الترويكا.

ويشدد المراقبون على أن الأحزاب السياسية سواء منها الحاكمة أو المعارضة هي أحزاب ضعيفة تفتقد للبرامج وتفتقد للانفتاح على عديد الفئات الاجتماعية وفي مقدمتها المرأة والشباب والكفاءات المستقلة وهو واقع يفرض على النداء ألا يحكم بمفرده حتى وإن فاز بنتائج الانتخابات البلدية المقرر إجراؤها في شهر مايو القادم.