جعفر الونان
سقط صدام حسين في مثل هذا اليوم، لكنه لم يسقط من عقولنا، من تفكيرنا، من اساليبنا، الصدامية، ليست ملكا لصدام حسين وحده وانما تنمو وتتكاثر وتزداد لكثير من الناس حسب الظروف والبيئة، حسب النفوذ والمال والسلة وكذلك كلما انتشر المصفكجة والمهوسجة.
“الصدامية “، او ” الحجاجية” او ” الهتلرية” موجودة في المدرسة وفي الدائرة وفي الشارع وفي المضيف وحتى في المسجد، وهي مرض بداية معالمه حب الذات وتمركز الانا الى حد الضياع وحد رفض استماع اي نقد او ملاحظة!
الظلم والشيطنة والبطش تشكل عند صدام حسين من اول هوسة ومن اول تصفيق ومن اول رهبة من سلطان، تشكل صدام تصرفات الحاشية التي تخرب الاول والاخر التي تظهر البياض سوادا والسواد بياضا !
كل الملوك، كل الحكام، كل السلاطين، كل المدراء، كل مريدي السلطة، بداية هلاكهم هو التصفيق الزائد، والمديح الزائد، والدفاع الزائد عنهم، بداية هلاكهم انه عندما يظلم لانقول له قف لقد ظلمت وتجبرت واستكبرت، الصدامية مرض ينتشر في البلدان الشرق اوسطية التي تضيف للسلطان شكل الملائكة وروح الاله، الصدامية او الحجاجية او الهتلرية كلها امراض تنشأ عندما يُغيب الفكر المؤسساتي، عندما يُغيب القانون وتتحول المؤسسة من مؤسسة الى حكر عقل المدير والزعيم والقائد المقدس والضرورة.
صحيح، سقط صدام كفرد، لكنه لم يسقط كفكر، كم صدام بيننا يعيش بيننا الان ؟ وكم صدام ينتظر الفرصة المناسبة والوقت المناسب حتى يظهر صداميته الحقيقة ؟ وكم صدام تقدس عندنا، اذين صدام الحقيقي يعيش بيينا وهو اخطر من صدام الذي اعدم!
يمكن القضاء على الظواهر الصدامية والهتلرية والحجاجية من المجتمع بمجرد التفكير بعقلية المؤسسة بمنعنى اكثر وضوحا بالابتعاد عن تسخير الموسسة وحصر جهودها بشخص واحد وهو الوزير او المدير او الرئيس.
الحاكم الناجح، السلطان الذي لايريد ان يُصاب بالمرض الصدامية ، هو الذي يتذوق النقد ويراجع ادارته ولايستمع الى حاشية المصفكجية والذي لاينام على وسادة دون ان يروض نفسه ان السلطة لاتبقى و غادرة فكم من سلطان اضحى ذليلا بعد وسادة مطرزة بالنعيم والتبجيل والمديح ؟!