واشنطن/باريس- تظهر تصريحات وتحركات عزم عدد من الدول الغربية تتصدرها فرنسا والولايات المتحدة وأيضا بريطانيا التحرك بشكل أكثر صرامة في مواجهة استخدام النظام السوري أسلحة كيمياوية في هجمات على معاقل المعارضة كان آخرها في دوما قبل اتفاق جديد على اخراج مسلحي فصيل جيش الاسلام وعائلاتهم.
وفي هذا السياق قال وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس الاثنين إنه لا يستبعد "أي شيء" بعد أن أثار هجوم يشتبه بأنه كيمياوي في سوريا مطلع الأسبوع تكهنات برد عسكري أميركي.
وألقى ماتيس باللوم على روسيا لأنها لم تف بالتزاماتها لضمان تخلي سوريا عن أسلحتها الكيمياوية.
وقال قبل بدء اجتماع مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني "أول ما يجب علينا بحثه هو لماذا ما زالت الأسلحة الكيمياوية تستخدم في سوريا أصلا رغم أن روسيا هي الضامن للتخلص من كل الأسلحة الكيمياوية. لذا سنتعامل مع هذه القضية بالتعاون مع حلفائنا وشركائنا من حلف شمال الأطلسي إلى قطر وغيرها".
وردا على سؤال عما إذا كان بوسعه استبعاد تحركات مثل شن ضربات جوية ضد حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، قال ماتيس "لا أستبعد شيئا في الوقت الحالي".
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الاثنين إنه يجب محاسبة الدول الداعمة للحكومة السورية.
وأضافت خلال مؤتمر صحفي في الدنمارك ردا على سؤال عما يشتبه بأنه هجوم بالغاز على مدينة دوما السورية الخاضعة لسيطرة المعارضة "نعم.. الأمر يتعلق بالأفعال.. الأفعال الوحشية لنظام الأسد. وبالطبع روسيا واحدة من هؤلاء الداعمين.هذا النظام الوحشي يهاجم شعبه ونحن واضحون تماما في ضرورة محاسبته ومحاسبة داعميه أيضا".
بدورها أعلنت فرنسا الاثنين أنها ستعمل عن كثب مع الولايات المتحدة بشأن الرد على هجوم دوما في مطلع الأسبوع وإن البلدين اتفقا على ضرورة تحديد المسؤول عن الهجوم.
وقال قصر الإليزيه في بيان إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتفق مع نظيره الأميركي دونالد ترامب في اتصال هاتفي الأحد على أن مواد كيمياوية قد استخدمت في الهجوم المميت الذي وقع في السابع من أبريل/نيسان.
وسيكون هجوم دوما اختبارا لمصداقية ماكرون بعدما توعد مرة بعد أخرى بأن "فرنسا ستضرب" إذا ثبت أن أسلحة كيمياوية استخدمت في سوريا وأدت إلى سقوط قتلى.
وقالت الرئاسة الفرنسية إن الرئيسين "تبادلا المعلومات والتحليلات التي تؤكد استخدام أسلحة كيمياوية".
لكن نص المحادثة لم يصل إلى حد إلقاء اللوم على القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في الهجوم الذي قال اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية إنه أسفر عن مقتل 60 شخصا على الأقل، على خلاف موقف رئيسة الوزراء البريطانية ووزير الدفاع الأميركي الذين اشارا إلى مسؤولية روسيا أيضا كونها الضامن للتخلص من أسلحة النظام السوري الكيمياوية وباعتبارها أوثق حلفائه وأكبر داعميه في الحرب منذ سبتمبر/ايلول 2015.
وجاء في بيان الإليزيه "يجب تحديد جميع المسؤوليات في هذا الصدد بوضوح".
وقال البيان أيضا إن الزعيمين أصدرا تعليمات لفريقيهما بتنسيق الجهود في مجلس الأمن الدولي الاثنين، مضيفا أنهما سيناقشان الأمر مرة أخرى خلال 48 ساعة.
وكان النص الصادر عن البيت الأبيض أشد قوة. وجاء فيه أن الزعيمين اتفقا على "ضرورة محاسبة نظام الأسد على انتهاكاته المتواصلة لحقوق الإنسان" وأنهما تعهدا "بتنسيق رد قوي مشترك".
واستخدام أسلحة كيمياوية في سوريا قضية شائكة بالنسبة لماكرون، حيث سبق للرئيس الفرنسي أن قال في مايو/أيار 2017 وهو يقف إلى جوار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إنه لن يدع الخلافات بشأن سوريا تتسبب في تأزم العلاقات التي توترت في ظل حكم سلفه فرنسوا هولاند.
وفي نفس الوقت حذر ماكرون من أنه لن يقبل استخدام الأسلحة الكيمياوية وهو أمر وصفه بأنه "خط أحمر" سيدفع فرنسا للتحرك حتى ولو من جانب واحد.
وقُتل أو نزح آلاف السوريين الآخرين منذ ذلك الحين واستمرت هجمات يشتبه بأنها بأسلحة كيمياوية كما ينذر تصاعد العنف بانتشار الصراع خارج الحدود.
ورغم تكرار ماكرون لتهديده بشن ضربات فرنسية بعد ورود تقارير متواصلة عن هجمات بغاز الكلور فإن فارقا دقيقا ظهر في مواقف وزير خارجيته ومساعديه.
وأكد هؤلاء أن أي رد عسكري سيتوقف على أن تثبت معلومات المخابرات الفرنسية استخدام مواد كيمياوية وسقوط قتلى بسببها. وقالوا إن الرد سيكون على الأرجح بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
وقال محللون إنه لا يمكن لماكرون بعد الآن أن يقول إن الخط الأحمر الذي وضعه لم ينتهك.
وقال برونو ترتريه نائب مدير مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية ومقرها باريس على تويتر "بغض النظر عن هوية الضابط الذي سمح باستخدام الغاز وبغض النظر عن نوع المادة الكيمياوية المستخدمة، لم يعد ممكنا بعد الآن قول إنه لم يتم تجاوز الخط الأحمر الفرنسي".