ليعلم البعض من جمهورنا الرياضي اولئك الذين ينسون انفسهم على المدرجات ويرمون بعقولهم خارجها ويطلقون العنان لعواطف غير محتشمة، بأن فريق الزوراء سواء بتأسيسه الاول نهاية الثلاثينيات بمسمى (السكك) او بتأسيسه الثاني نهاية الستينيات في القرن الماضي بمسمى (المواصلات) لم يكن من بناة افكار السلطة او الحكام او الاحزاب، بل جاء بأفكار اناس رياضيين محبين لكرة القدم ولذلك لم يكن يوما فريقا للسلطة على مر الازمنة وتعاقب الحكومات، لكن الذي حدث ويحدث كثيرا في اوطان عدة وليس في العراق حسب، ان بعض الملوك او الامراء او الرؤساء او ابنائهم تستفزهم وتستهويهم في الوقت نفسه هذه القواعد الجماهيرية العريضة التي تعشق الاندية وتتابعها في حلها وترحالها، ولذلك يعمدون الى تجييرها لأنفسهم بالتقرب منها واظهار رعايتهم لها لعلهم يكسبون جماهيرها وهذا ما حصل مع الزوراء الذي وجدته السلطة الحاكمة في العهد السابق انه صاحب جماهيرية مرعبة تفتقر هي اليها لذلك حاولت التقرب الى الفريق لعلها تحظى ببعض الحب الذي يحظى به وهي التي جاءت اليه ولم يأت هو اليها وسعت اليه ولم يسع اليها ولكنها فشلت في ذلك فشلا ذريعا لأن عشاق الزوراء لايمكن ان يبيعوا عشقهم لكائن اخر غير الزوراء بأي ثمن وظل الزوراء نقيا ،اببضا بلون القميص الذي يرتديه دائما.
اما الجوية فهو الاخر لم يكن يوما من الايام عارا على الكرة العراقية لكي يطلق عليه من لا ذوق لهم بأنه (عارية)، بل كان على مر تاريخه الطويل فخرا للكرة العراقية وللشعب العراقي برمته فهو اعرق الاندية على الاطلاق وهو الذي كانت الجماهير الواسعة من ابناء الشعب العراقي تعتبر انه يلعب بأسمها عندما كان يلاعب الفريق الملكي انذاك وهو الذي فاز على منتخبات لدول معروفة وهذه حالة نادرة الحدوث.
فالزوراء والجوية اذن هما الرافدان الرياضيان الاساسيان في العراق مثلما هما رافدا العراق الكبيران دجلة والفرات وهذا مدعاة لأن نعتز بهما ونعظمهما ونفخر لأن لدينا ناديين كبيرين مثلهما ولنتذكر هنا شيئا واحدا مهما ارى باستذكاره اننا كجمهور يحب الكرة ان نقدم لهما اسمى ايات الشكر والامتنان لسبب ارجو ان نعترف به جميعا وهو ان هذين الفريقين الكبيرين ظلا يقدمان المتعة الحقيقية بكرة القدم كلما التقيا وجها لوجه حتى في سنوات القحط والجدب التي تفقد فيها الكرة العراقية بريقها ومتعتها بسبب الظروف الحالكة التي مرت بها. وقد كان لقائهما الاخير قبل ايام ضمن منافسات الدوري الممتاز خير دليل على ما تقدم فقد قدما وجبة كروية دسمة فيها كل متعة كرة القدم من الاداء الفني الراقي الى الاهداف فاستحقا اعجاب العرب قبل العراقيين وحصلا على اشادات وشهادات على اعلى المستويات حتى ان بعض العرب تمنى ان يحظى دوري بلاده بمثل هذا الكلاسيكو النادر علما ان دوري بلاده من الدوريات المتقدمة في المنطقة.
اذن هي دعوة لوأد ظاهرة التنابز بالالقاب من على مدرجاتنا ولتبقى هذه المدرجات وجمهورها الحبيب سببا في تطور كرة القدم العراقية مثلما كانت سببا في رفع الحظر عنها.