ظهور نادر لبوتفليقة يثير مجددا تساؤلات حول وضعه الصحي

آخر تحديث 2018-04-10 00:00:00 - المصدر: ميدل ايست

الجزائر - أثار ظهور نادر علني للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة الاثنين علامات استفهام حول وضعه الصحي، حيث بدا عليه الوهن رغم تأكيدات السلطة ومقربين منه بأنه في صحة جيدة ولايزال متوقدا.

كما أثار ظهوره تكهنات بأنه سيترشح لفترة رئاسية خامسة في انتخابات العام المقبل في خطوة قد تؤدي لاستقرار على المدى القصير على الأقل لحليف مهم للولايات المتحدة ومورد رئيسي للغاز لأوروبا.

ولم يظهر بوتفليقة إلى حد كبير في مناسبات عامة منذ إصابته بجلطة دماغية عام 2013 لذا فقد اعتُبر ظهوره يوم الاثنين لافتتاح مسجد أعيد ترميمه ومحطتين لمترو الأنفاق مؤشرا إلى أن النخبة الحاكمة في البلاد تريد بقاءه لتفادي عملية خلافة تتسم بعدم الوضوح.

ويتولى بوتفيلقة السلطة منذ عام 1999 وقد حيا الرئيس الجزائري الذي كان جالسا على مقعد متحرك وبدا واهنا حشدا من الناس خارج مسجد كتشاوة في مدينة الجزائر كانوا يلوحون بالأعلام الجزائرية ويحملون لافتات عليها صور للرئيس.

وجاء ظهور بوتفليقة أيضا بعد يومين من دعوة حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم له للترشح مجددا، فيما سعت وسائل الإعلام الرسمية لتبديد الشكوك بشأن حالته الصحية باستعراض اجتماعاته السابقة مع شخصيات دولية.

وعلى الرغم من أن تولي بوتفليقة فترة رئاسة أخرى سيمنح النخبة الحاكم من مسؤولي جبهة التحرير الوطني وكبار قادة الجيش ورجال الأعمال فسحة من الوقت لتنظيم عملية انتقال سلسل للسلطة، فإنه سيكون مصدر إحباط للشبان الجزائريين القلقين من البطالة وإجراءات التقشف في اقتصاد تسيطر عليه الدولة ويرزح تحت وطأة انخفاض أسعار النفط.

وقال أمين فراح (22 عاما) وهو طالب يعمل في مطعم للبيتزا "لا أكترث بالسياسة والساسة. هل سيترشح بوتفليقة لفترة خامسة أو سادسة أم لا؟ ليست مشكلتي. السياسة ليست عالمي".

وفي بلد تقل أعمار نحو 50 بالمئة من سكانه عن 25 عاما فإن الكثير من الشبان الجزائريين يتطلعون للخارج. ويريد فراح السفر لكندا بينما عبر آخرون البحر في رحلة محفوفة بالمخاطر إلى أوروبا.

وقالت الحكومة إنها تريد تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط والغاز اللذين يمثلان 60 بالمئة من تمويل الموازنة، لكن كانت هناك مقاومة داخل النخبة الحاكمة للانفتاح على الاستثمار الخارجي.

ومتخذو القرارات الرئيسية في الجزائر من قدامى المحاربين الذين شاركوا في الحرب ضد الاحتلال الفرنسي من عام 1954 وحتى عام 1962 ويعارضون بقوة ما يصفونه بالتدخل الخارجي الأمر الذي جعل الاقتصاد تحت هيمنة الدولة والشركات تحت إدارة رجال أعمال كبار.

"موقف حساس"

ويقول معارضون إن الجزائر بحاجة لحوار وطني للتغلب على ما يصفونه بخطورة الوضع في دعوة ضمنية لأصحاب السلطة في البلاد لتقييم صحة بوتفليقة.

وقال علي بن فليس وهو شخصية معارضة بارزة ترشح أمام بوتفليقة في انتخابات 2004 و2014 للصحفيين في فبراير/شباط "بلادنا لم تواجه قط مثل هذا الموقف الحساس الذي ينطوي على خطر هدم السلم الأهلي والاستقرار والأمن الوطني مثلما هو الحال الآن".

وكان بن فليس يشير إلى إضرابات المدرسين والأطباء المستمرة منذ شهور بسبب عدم قدرة الحكومة على زيادة رواتبهم مثلما كانت تفعل في السابق بسبب انخفاض أسعار النفط الذي أدى لاستنزاف موارد الدولة.

وتراجعت إيرادات الطاقة بواقع النصف منذ عام 2014 وطبقت الحكومة إجراءات تقشف وحظرت استيراد 900 سلعة وجمدت التعيين في القطاع العام ومشاريع التنمية.

ولم يقل بوتفليقة إنه يريد الترشح مجددا، لكن الحملات الرئاسية السابقة جاءت بعد تصريحات مشابهة من جبهة التحرير تدعوه للاستمرار. ويقول أنصار بوتفليقة إن ذهنه لا يزال متوقدا رغم أنه يحتاج لمكبر صوت للحديث.

وقال الأخضر الإبراهيمي وهو أحد دبلوماسي الأمم المتحدة المتقاعدين كما أنه صديق مقرب لبوتفليقة خلال مقابلة مع وسائل إعلام محلية في الآونة الأخيرة "الرئيس يتمتع بقواه الذهنية والفكرية فذاكرته قوية جدا وهو يذكرني أحيانا بالتواريخ والأشخاص. فما عدا صوته الخافت هو بصحة جيدة وهذا للأمانة فهو يحكم ويسير ويتابع الملفات وشؤون البلاد".

وبوتفليقة هو جزء من نخبة آخذة في التناقص من المحاربين القدامى الذين قاتلوا فرنسا في حرب الاستقلال وتحكم الجزائر منذ ذلك الحين. وينسب إليه كثيرون الفضل في إنهاء الحرب الأهلية مع الإسلاميين خلال التسعينات والتي راح ضحيتها 200 ألف شخص.

ومن غير المرجح أن يواجه منافسة داخل الدوائر الحاكمة. وقال رئيس الوزراء أحمد أويحى زعيم حزب التجمع الوطني المتحالف مع جبهة التحرير الوطنية بالفعل إنه لن يرشح نفسه إذا ترشح بوتفليقة لفترة خامسة.

ويقول محللون إنه من غير المرجح أيضا أن تمثل المعارضة المنقسمة بين إسلاميين معتدلين وجماعات يسارية تحديا خطيرا في الانتخابات الرئاسية المتوقع إجراؤها في النصف الأول من 2019. ولم يتحدد موعد بعد للانتخابات.

وإلى جانب ذلك فمن المحتمل أن يصبح آلاف من المقاتلين الإسلاميين السابقين الذين قبلوا عفوا جزئيا عنهم لإنهاء الحرب الأهلية من أنصار بوتفليقة إذا ترشح مجددا.

ورغم أنهم لم يحصلوا على أي حقوق سياسية بموجب الاتفاق الأصلي فمن المتوقع أن يمنحهم بوتفليقة حقوقا كاملة الآن.

ولم يعلن أحد بعد أنه سيترشح أمام بوتفليقة رغم أن الرئيس قال إنه يريد قدرا أكبر من المنافسة.

وفاز بوتفيلقة بنسبة 82 بالمئة من الأصوات في 2014 و90 بالمئة في 2009 و 85 بالمئة في 2004 و 74 بالمئة في 1999.

وقال بوتفليقة في رسالة تلاها أحد مستشاريه الشهر الماضي "يحق للساحة السياسية في بلادنا أن تعرف تنوعا وصراع البرامج وسعي الجميع للوصول إلى سدة الحكم".