بقلم إياد الصالحي
ضربت انتخابات اتحاد كرة القدم العراقي رقماً قياسياً في عدد حالات الخروق التي تضمّنها النظام الأساسي المصادق عليه من الاتحاد الدولي للعبة في أيار 2017 من دون مصادقة أو تمحيص أو اعتراض أو تعديل أعضاء الهيئة العامة لمسودته بحسب شهادات من أهلها قدّموا للإعلام الرياضي ما يفيد بأن مجلس إدارة الاتحاد الحالي أراد استحصال الـ(نعم) بطريقة السليقة لتمرير فخاخ النظام.. بسلام!
ما يثير الريبة أن عدداً ليس قليلاً من أعضاء مجلس إدارة الاتحاد منتهي الصلاحية، يواصلون تسيير شؤون الانتخابات بحرصٍ شديد بغية عدم إضاعة أية فرصة ربما تنغّص عليهم (بروفات) إعلان الفوز الكاسح بولاية جديدة قبل 45 يوماً بعدما ذادوا عن قلعة الاتحاد الحصينة بكل الوسائل وأولها تكتيم حقيقة الشرط الاساسي لقبول أوراق المرشح عبر ما سُمي بـ(التثنية) التي لا موضع لها بين سطور النظام المحشورة بعضها لغايات لا يعلمها إلاّ كاتبها المشاور القانوني د.نزار أحمد، بدليل أن الزميل طه أبو رغيف، استفهم منه عبر برنامجه في قناة آسيا الفضائية عن أكثر من مادة ضبابية في النظام عانى د.أحمد كثيراً من أجل تفسيرها فكيف بمن يعنيهم الأمر سواء أعضاء الهيئة العامة أم المرشحين؟ وكان مشهد ارتباك المشاور عند إلحاح أبو رغيف عن أسباب تباين نسخة النظام باللغة الانكليزية عن العربية دليل فاضح على أن هناك أموراً دبّرتْ لتعمّ فوضى التفسيرات قبيل إجراء الانتخابات، ولا أحد يستطيع إدانة مجلس إدارة الاتحاد الحالي بتواطئه لتضمين فقرات تمنح الضوء الأخضر لمرشّحين يُراد لهم الاستمرار بمناصبهم بحسب التثنيات المتوفرة والتي استعصتْ على آخرين بسبب محدودية عدد أعضاء الهيئة العامة!
مجلس القضاء الأعلى
شهر ونصف الشهر، كل ما تبقّى على إجراء انتخابات اتحاد كرة القدم للدورة 2018-2022، ولم يزل النظام القانوني الخاص بها يشكّل مثلبة رئيسة، بل فضيحة كبرى لا نعلم لماذا لم تثر اهتمام مجلس القضاء الأعلى الجهة الضامنة لتطبيقات أصول القانون الانتخابي في بلدنا بشكل سليم لا يخلّ بالعملية الديمقراطية أو يطعن في شرعيتها؟ ألا يعد ما ينشر في الصحف من حقائق بيّنة وما يضيفه الزملاء في البرامج الحوارية، وإن كنا نختلف ونتحفّظ على إعداد بعضهم للحلقات وسلوك المقدم في استفزاز أو مجادلة ضيفه، لكن بالمُجمل سلّطت تلك البرامج الضوء الأحمر على ما يدور في كواليس انتخابات الكرة، ألا يعد كل ذلك بلاغاً عاماً يتوجّب أن يستثير القضاء لإنقاذ القانون من مُريدي تطويعه لشرعنة إجراءات غير صحيحة على يد أعضاء لجنتي (الانتخابات والاستئناف)؟
الضرر المعنوي
كيف يقبل القضاء وجود خرق فاضح قبيل إقامة العملية الانتخابية ويصيبه الضرر المعنوي جرّاء ذلك؟ اتحاد كرة القدم خالف نظامه الأساسي نفسه ولم تنبثق لجنة الانتخابات قبل ستة أشهر، بل لم تؤد واجبها المنصوص في المادة (54) الخاص بـ(التنظيم والإشراف على انتخابات الاتحادات الفرعية والروابط وفقاً لقانون الاتحاد العراقي لقواعد الانتخابات) بل قام عدد من أعضاء الاتحاد وهم أنفسم مرشحون للدورة الانتخابية الجديدة بالإشراف على انتخابات الاتحادات الفرعية ورابطتي اللاعبين الدوليين السابقين والمدربين، أما رابطة الحكام يكفي الاطلاع على مذكرة الطعن التي قدمها الحكم الدولي السابق رعد سليم، للاستدلال على مدى تسطيح الاتحاد للعملية الانتخابية ودوره في تحديد شكل اللجنة التنفيذية المقبلة من خلال إهماله تنفيذ بنود النظام الأساسي بما ينبغي.
ثمّة أمر آخر، كيف يسمح القضاء العراقي أن يمضي اتحاد الكرة بإجراءاته الانتخابية حتى الآن و12 من أعضاء لجنتي الانتخابات والاستئناف طُرحت اسماؤهم على عجالة أمام الهيئة العامة للتصويت عليهم، خمسة منهم فقط قدّموا سيرهم الذاتية والمهنية، وأحدهم قدّمه رئيس الاتحاد أنه حاصل على شهادة البكالوريوس في القانون، واتضح لا علاقة له بهذا التخصّص؟!
استقالة تحت الضغط
مَن يراقب ويتابع ويحقق مع قاضٍ يقدّم استقالته طواعية من عمل مؤثر في نزاهة القانون، ويصرّح للإعلام بأن هناك ضغوطاً مورست عليه لإخراجه عن مساحة العدالة التي يمارس مهنته فيها؟! لماذا ترك القضاء رئيس لجنة الانتخابات ونائبه وأحد أعضاء لجنة الاستئناف الذين استقالوا مُكرهين تحت الضغط من دون أن يتقصّى الحقيقة منهم لإيقاف العملية الانتخابية وإدانة المتورطين أو المشتبه بهم في توهيم العمومية بنظافة اللعبة الانتخابية؟!
خلّفت تحضيرات انتخابات اتحاد كرة القدم مفاجآت عدة للمتابعين مع تضارب تفسيرات نصوص النظام لدى رئيس الاتحاد عبد الخالق مسعود الذي يصرّ على أن جميع الخطوات منفّذة صحيحاً ووقع في خطأ شنيع أمام مشاهدي قناة دجلة الفضائية عندما ذكر أن العمومية صادقت على النظام الأساسي فباغته الزميل حيدر زكي بقراءة رسالة وردت من نائب الرئيس علي جبار يؤكد فيها عدم صحّة معلومة الرئيس!
انتخابات حمود
من يسترجع تداعيات انتخابات رئيس الاتحاد السابق ناجح حمود، التي أصدرت محكمة”كاس”الدولية قراراً بإلغائها على خلفية خرق واحد تمثل بإدخال ثلاثة أندية ضمن الهيئة العامة دون مصادقة الأخيرة، لن يصعب عليه الإجابة عن مصير خروق عدة يوثقها المعترضون سواء عبر تصريحات اعضاء الاتحاد أنفسهم أو ما تعرضه برامج الرياضة في التلفاز أو ما يقدّمه بعض اعضاء العمومية من شهادات دامغة عن قبول تثنية فلان وحجبها عن علان؟ ومن المتوقع – كما توعّد أحد المعترضين- أنه يمضي باتجاه طرق باب محكمة”كاس”الدولية ليضع ملفاً موسعاً عن خروق الانتخابات حال إعلان لجنة الاستئناف يوم غدٍ الاثنين، قرارها بخصوص الطعن المقدّم بشأن إبعاد ملف ترشيحه!
مساءلة الرياضة البرلمانية
قبل أن تدخل فضيحة ملف الانتخابات قاعة محكمة”كاس”الدولية، أليس من حقّنا مساءلة لجنة الشباب والرياضة البرلمانية بشخص رئيسها جاسم محمد جعفر، لماذا نأت لجنته عن مناقشة النظام الأساسي لاتحاد كرة القدم، بينما دخلت في تحدّيات كبيرة مع وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية لفرض سطوتها التشريعية ورفض أية محاولة للي ذراعها وثنيها عن التمسّك بعدد من بنود مسودة قانون الأندية؟ لقد قامت الدنيا ولم تقعد وأضطر رئيسها جعفر الى سحب مسودّة القانون قبل قراءته الثانية والأخيرة، والأمر نفسه أدخل اللجنة البرلمانية في أزمة أخرى مع اللجنة الأولمبية، وكانت هناك أحاديث ساخنة بين رئيسيها جاسم محمد جعفر ورعد حمودي، على صفحات (المدى) في 2 أيار 2017، أكد فيها الأول (لا نقبل استقواء الأولمبية بعصا الآسيوي لتهديد الدولة) وردّ حمودي بعد سبعة أيام (أنا جاهزٌ للتحقيق في التشاور الدولي ووثائقي تبرِّئ الأولمبية)!.
هل من المنطق أن تمحّص لجنة الشباب والرياضة البرلمانية كل حرف في قانوني الأندية والأولمبية وتدخل في مساجلات قانونية ومهنية لحذف كلمة أو إضافة عبارة، بينما تغضّ الطرف عن نظام أساسي لاتحاد كرة القدم بنسخته الجديدة برغم المشكلات التي تابعتها اللجنة البرلمانية عمّا سبّبته انتخابات الاتحاد قبل الأخيرة التي أبطلت محكمة”كاس”الدولية شرعيتها في تشرين الثاني 2013؟
تصريح المالكي
ما أدلى به المستشار القانوني للجنة الشباب والرياضة البرلمانية صالح المالكي للزميل هشام عبد الستار عبر قناة الرياضية العراقية من تصريحات مهمة، يؤكد أن اللجنة كانت تجهل أيّ معلومة عن نظام اتحاد الكرة، وقال (لم تكن لجنتنا تعلم بالنظام الأساسي إلاّ بعد أن أثار الإعلام الرياضي اعتراض يونس محمود ووصلتها نسخـــــــــــة من النظام عبر طرف غير الاتحاد، وحتى بعض ممن رشحوا لانتخابات الروابط لم تكن لديهم نسخ من النظام، وطالبــــــــوا بها ولم يزوّدوا، وعندما تفحّصت لجنتنا النظام وجدت فيه الكثير من الملابسات والمخالفات الدستورية وهناك إجراءات ستتخذ لاحقاً بعد دراسة الموضــــــــوع) لافتاً الى أن (النظام الأساسي يُعد جزءاً من أنظمة الدولة، بينما اتحاد الكرة لا يعترف بقانون 16 الذي تعده محكمة”كاس”الدولية شأناً داخلياً لا يتعارض مع نظام الفيفا، وحده اتحاد الكرة يعتبر نفسه جمهورية خارج البلاد، وعندما يكتب اللوائح لا يضع أمامه المرجع الأساسي”الدستور العراقي”)!!.
موقف القضاء
هل هناك حقائق أوجَع مما نرى ونسمع بخصوص عدم شرعية انتخابات اتحاد كرة القدم؟ أملنا أن الكلمة الأخيرة مرهونة بموقف القضاء قبل أن تقضي الانتخابات المقبلة على أمل إصلاح اللعبة وتغيير ستراتيجيات قيادتها نحو النجاح في عمل الاتحاد الإداري والفني والقانوني وإرساء أعمدة الثقة بينه وبين الإعلام والجمهور من خلال انتخابات شفافة تسهم فيها هيئة عامة ممثلة لأندية شرعية وليست باطلة كما حالها اليوم، حيث مضى على انتهاء مددها القانونية سنتين وثلاث!
لا يجوز بقاء هيئة عامة تُقاد ملجومة منذ عام 2003 لا يعوّل عليها حتى بتغيير النظام الأساسي الحالي، فالنظام الفكري لعضو العمومية يفتقد الكثير من المقوّمات المُصلِحة لقراره قبل تفاعله إيجابياً مع اللعبة، ولابد أن ينشد تثبيت ركائز مستقبلها وليس توريثها للأشخاص!