الامازيغية في ليبيا، موروث ثقافي ام خطوة نحو الانفصال ـ

آخر تحديث 2018-04-25 00:00:00 - المصدر: ميدل ايست

العرب المستعربة (البربر) الذين يعرفون أنفسهم بالأمازيغ، يتواجدون في جبل نفوسة وبقية دول المغرب العربي ويقال أنهم يرجعون في نسبهم إلى سيدنا حام، وقال شمس الدين الذهبي "البربر، وبربر من ولد قيذار بن إسماعيل." ويقول آخرون إنهم من نسل مازيغ بن كنعان، ويقال إن دار البربر كانت فلسطين وملكهم هو جالوت فلما قتله نبي الله داود جلت البربر إلى المغرب واستوطنوا جبالها. ويتواجد البربر بليبيا بالمنطقة الحدودية مع تونس وينقسمون إلى جزأين: بربر الساحل وهم الذين يقيمون بمدينة زوارة وما حولها؛ وبربر الجبل (الجبالية) المقيمون بجبل نفوسة. بمعنى انهم يلتقون والعرب عند اسماعيل عليه السلام.

الذي جعلني اسوق هذه المعلومات عن مكون من مكونات الشعب هو ظهور اصوات نشاز تحاول اظهار ذاك المكون وكأنه يعيش العصر الحجري ولم يستفد على مر العصور من الحضارة العربية والثقافة الاسلامية طيلة الاربعة عشر قرنا الماضية. وقد لاحظنا في العقود الاخيرة زيادة الترابط الاجتماعي بين العرب والبربر وذلك عن طريق المصاهرة وخاصة في المدن الكبرى التي تضم خليطا بشريا من كافة انحاء البلاد. واعتقد شخصيا ان الحكومات المتعاقبة بالدولة الليبية لم تفرق بين هؤلاء وغيرهم من مكونات الشعب فهناك بالمناطق الجبلية المدارس والمشافي ومراكز الخدمات والطرق والمشاريع الاسكانية اضافة الى ان البربر يعملون في كافة المناشط العامة ومنها الجيش والشرطة وتبوؤوا مناصب عليا قيادية بالبلد.

الأكثر من ذلك الدعوات المطالبة بإحياء اللغة الامازيغية وجعلها لغة رسمية وتدريسها للطلاب بكافة انحاء البلاد رغم ان كافة السكان عربا وبربرا يتكلمون ويتحدثون اللغة العربية لغة القرآن ويستخدمونها في تعلّم كافة انواع المعرفة طوال الفترة الماضية فلماذا هذه المطالب؟ هل البربر في حاجة ماسة الى احياء لغتهم؟ وهل ستكون وسيلتهم الاساسية للتعلم والإطلاع على ثقافات الاخرين وما يبتكرونه من اختراعات في كافة المجالات؟ ألم يلاحظ هؤلاء اننا نبذل ومنذ عقود جهودا كبيرة في سبيل ملاحقة الابتكارات الاجنبية المتسارعة بالتعريب فما بالك لو استخدمنا الامازيغية بدلا منها؟

ان تضمين اللغة الامازيغية في الدستور والاعتراف بها رسميا يرتب على الدولة اعباء جديدة منها ان تترجم كافة الاوراق والمستندات الرسمية للدولة وكذلك أسماء الشوارع ويافطات الدوائر الحكومية في كافة الامكنة وسوف يترتب على ذلك إنفاق اموال قد يكون البلد في أمس الحاجة اليها.

لا شك ان لكل مكون حقه في ممارسة العادات والتقاليد الخاصة به والتباهي بمآثره وأمجاده. ولكن المطالبة بان تكون الامازيغية لغة رسمية ويشار اليها بالدستور هي خطوة نحو تمزيق الدولة وكيانها الاجتماعي خاصة بعد ان لاحظنا ظهور علم (راية) جديد لم نعتد على رؤيته من قبل. أليس العلم دليلا على وجود كيان سياسي ولو بعد حين؟ ألا يحفز ذلك بقية مكونات المجتمع الليبي فتكون هناك أكثر من لغة وأكثر من راية وبالتالي أكثر من دولة وان طال الزمن. وذاك مطلب الاعداء (فرق تسد). ولن تزيد البلد إلا فرقة فما الذي سنستفيده من تعلمنا اللغة الامازيغية؟ ألم تصبح من الماضي شأن بقية اللغات الاخرى التي اندثرت وبالتالي يمكن ان تدرس في الجامعات لأجل معرفة الحضارة القديمة في البلاد.

ان الشعوب المتخلفة ومنها الشعب الليبي بها العديد من المشاكل المتمثلة في الطائفية والقبلية وهما عنصران اساسيان في تكوين المجتمع ويساعدان في تفكيكه إذا وجد من يعزف على وتر الطائفية وما اكثرهم هذه الايام، والى عهد قريب شاهدنا استقلال الباكستان عن الهند ثم انفصال باكستان الى شرقية وغربية بفعل العامل العرقي (ألاثني).

ألا يدرك هؤلاء أننا جميعا عربا وبربرا مستهدفون في أرضنا؟ أ لم يقل روبرت موغابي (زيمبابوي) الذي دعمته ليبيا بكل الوسائل في سبيل تحرير أرضه بان على البيض في شمال أفريقيا أن يرحلوا عنها لأن أفريقيا سوداء ولن يعيش فيها إلا السود.

 

ميلاد عمر المزوغي

كاتب ليبي