بروكسل - تدفع العديد من الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا لجعل محاكمة مجرمي الحرب في سوريا من كل الأطراف، شرطا أساسيا للسلام والمصالحة في هذا البلد، رغم العقبات التي تعترض تحقيق هذا الأمر.
وبناء على طلب فرنسا، عقد اجتماع في بروكسل الأربعاء ضم ممثلين عن ألمانيا والمملكة المتحدة والسويد وهولندا والدنمارك وبلجيكا، خصص لمناقشة كيفية منع "الإفلات من العقاب" في سوريا.
والتقى مسؤولون من هذه الدول الست الأربعاء بعيدا عن الأضواء، على هامش أعمال مؤتمر للمانحين مخصص لسوريا، عقد في بروكسل تلبية لدعوة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وقال سكرتير الدولة الفرنسي للشؤون الخارجية جان باتيست لوموان خلال هذا الاجتماع "لن نتهاون على الإطلاق علينا أن نقسم اليمين في بروكسل، معاهدين بان أي مسؤول (عن الجرائم) لن يفلت من قبضة العدالة".
من جهته قال وزير الخارجية الألماني هيكو ماس "لا يمكن التوصل إلى سلام دائم في سوريا ما لم يحاسب المسؤولون عن هذه الجرائم".
وفي السياق نفسه أيضا قالت سكرتيرة الدولة السويدية للشؤون الخارجية انيكا سودر "لن يكون هناك سلام طويل الأمد من دون عقاب ومصالحة".
إلا أن الوزير الألماني اقر في الوقت نفسه أن هذه "الطريق ستكون صعبة"، مضيفا "نقوم حاليا بجمع الأدلة على أن نواصل العمل لاحقا".
وأفادت مصادر دبلوماسية أن المستهدفين هم مجرمو الحرب، أكانوا من جهة النظام أو من جهة الجهاديين والفصائل المسلحة المعارضة.
وأضاف المسؤول الفرنسي لوموان "أن التحديات هائلة، والوصول إلى سوريا غير ممكن، ويتم تدمير الأدلة والشهود يختفون".
وتتهم الدول الغربية النظام السوري مع حلفائه الروس والإيرانيين بالسعي لعرقلة جمع الأدلة.
في حين أن موسكو تتهم منظمة الدفاع المدني السورية التي تعمل في مناطق المعارضة والمعروفة باسم الخوذ البيضاء، بأنها تتلاعب بالأدلة لفبركة تهم ضد النظام.
ضد الإفلات من العقاب
وقال في هذا الإطار السفير الروسي لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير شيزوف خلال تمثيله بلاده خلال مؤتمر المانحين من اجل سوريا، في مقابلة مع موقع يورواكتيف الأوروبي الإخباري، في إشارة إلى الخوذ البيضاء "ما كانوا لينوجدوا لولا التمويل الغربي، وهم يقدمون الأخبار الكاذبة".
من جهتها قالت سكرتير الدولة البريطانية للتنمية بيني موردونت "ندرب السوريين على كيفية جمع الأدلة وتوثيق أعمال التعذيب والاغتصاب"، مضيفة "علينا أن نطمئن السوريين بان صوتهم مسموع لان هؤلاء الشجعان يجازفون بحياتهم".
وأعلنت وزيرة التعاون الدنماركية اولا تورنايس "ندين بالاحترام الكبير للذين يجمعون الأدلة. فهم يتيحون لنا بان نكون جاهزين عندما سيحين الوقت لمعاقبة المسؤولين عن الجرائم".
وقال نائب رئيس الحكومة البلجيكية الكسندر دي كرو "تم انتهاك كل المعايير الدولية في سوريا، وبات هذا البلد مثالا فاضحا عن كيفية الإفلات من العقاب".
وأضاف "أن استخدام الفيتو وأعمال العرقلة تغذي ثقافة الإفلات من العقاب وتشرعن أعمال العنف".
وكانت الأمم المتحدة أنشأت في كانون الأول/ديسمبر 2016 "آلية دولية محايدة ومستقلة" بهدف "وضع استراتيجيات لجمع الأدلة لتعويض العجز عن إمكانية دخول الأراضي السورية".
وتترأس القاضية الفرنسية كاترين مارشي اوهل هذه الآلية، وأعلنت أنها تتعامل مع كمية هائلة "غير مسبوقة" من المعلومات.
وتعرف هذه الهيئة باسم "أم 3 آي" وتمول من مساهمات دول أوروبية عدة. وقدرت ميزانيتها لعام 2018 بنحو 14 مليون دولار. وقالت القاضية الفرنسية أن هناك وعودا ب11 مليونا ونصف مليون دفع منها سبعة ملايين حتى الآن.
وحاول الأوروبيون إحالة هذا الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية إلا أن روسيا والصين استخدمتا الفيتو داخل مجلس الأمن لمنع ذلك.
وأعرب المسؤول الفرنسي عن الأسف لهذا الأمر وقال "لقد منعا إحقاق العدل" في سوريا.