باريس - "فيرا" روبوت روسي أجرى مقابلات توظيف مع 1,4 مليون مرشح، شأنه في ذلك شأن تطبيقات كثيرة لتقنية الذكاء الاصطناعي يزداد استخدامها يوما بعد يوم في مجال التوظيف، ما يثير مخاوف أخلاقية.
حتى قبل تصميم الروبوت فيرا، كانت شركة ستافوري الروسية ترى نفسها رائدة في مجال التوظيف مع جيش من الأشخاص غير المثبّتين في عملهم يجرون مكالمات هاتفية في مقابل بدل مالي.
ومنذ يناير/كانون الثاني 2017، بات برنامج معلوماتي يطرح الأسئلة عينها عبر الهاتف لإيجاد عمال لوظائف لا تتطلب مستوى عاليا من المهارات.
وبحسب "ستافوري"، ينجز هذا التطبيق في ساعة من الوقت مهاما كان يستغرق تنفيذها أسبوعا في السابق.
ويقول أليكسي كوستاريف الذي ساهم في تأسيس هذه الشركة الناشئة "كانت المقابلات تدوّن في بادئ الأمر، لكن الحال لم يعد كذلك الآن. ففيرا في وسعها أن تجيب على الأسئلة التي تفهم 85% منها. وقد درّبناها بواسطة مقابلات وبالتعاون مع ويكيبيديا. وهي حفظت 160 ألف كتاب".
ولهذا الروبوت مئتا زبون، بينهم شركات كبيرة مثل "إيكيا" يتولون بعد ذلك الاشراف على كامل مسار الاختيار. وفي وسعه أيضا إجراء مقابلات من نوع آخر، في حالات الاستقالة مثلا. ويقول كوستاريف أن "الناس يكونون عادة أكثر صراحة مع روبوت ويخبرونه بأمور لا يقولونها للغير".
تقترح منصة التوظيف الأميركية "زيبريكروتر" على الشركات "تجربة في الوقت الفعلي". وينشر كلّ عرض على حوالى مئة موقع وشبكة تواصل اجتماعي في الوقت عينه. ويبلّغ التطبيق المرشحين الأوفر حظا وفق معادلاته الحسابية، من بين 10 ملايين شخص مسجل في الشركة.
ويتلقى صاحب العمل من جهته قائمة بالمرشحين المختارين. ويؤشر التطبيق إلى هؤلاء الأوفر حظا، مقدما المزيد من الاقتراحات بحسب المعايير التي استحسنتها الشركة.
ويقول يان سيغل المدير التنفيذي لـ "زيبريكروتر" إن "البرمجية الحسابية جد متطورة لدرجة لا يمكننا أن نحدّد كيف توصّلت إلى هذه الخيارات. غير أن مستوى الرضى هو أعلى بكثير من ذاك الذي تحققه الوسائل التقليدية".
ولا يخفى على سيغر أن هذه الآلية قد تعكس الاحكام المسبقة لأصحاب العمل.
ويؤكد جيريمي لامري رئيس جمعية "لاب آر اتش" التي تضمّ عدة شركات ناشئة إن "مشكلة الذكاء الاصطناعي الذي يعرف بالقوي هو أنه مجرّد استنساخ".
فإذا كانت برمجية حسابية ذاتية التعلّم تستند إلى منصات مثل "لينكد إن" الواسعة الاستخدام في أوساط المدراء، قد تتوصل مثلا إلى أن المواصفات المثالية لمسؤول عن قسم المعلوماتية هو رجل أبيض في الثانية والأربعين من العمر يحمل شهادة في هذا الاختصاص.
فكيف لنا إذن أن نقوّم هذه الميول التمييزية؟ يكمن الحلّ في نظر جيريمي لامري في استخدام أنظمة ذكاء اصطناعي "أكثر ضعفا" ومعادلات حسابية "أبسط" مع معايير محددة مسبقا من قبل أشخاص من دون أن يكون في وسع البرمجية التعلّم من تجاربها.
كما يميل القطاع إلى ابتكار برامج قادرة على رصد مواصفات أكثر موضوعية في ظل تبدّل معايير التوظيف.
باتت المهارات "السلوكية" تزداد أهمية على حساب المعارف لكن من الصعب تقييمها، لذا يسعى المسؤولون عن التوظيف إلى امتلاك تقنيات تساعدهم في إجراء تقييم من هذا النوع.
ويشدد لامري على ضرورة "اعتماد إطار أخلاقي، فليس لنا أن نوكل التكنولوجيا بمهام ما بمجرّد أنها قادرة على تنفيذها".
ويلفت لوران دا سيلفا المدير العام لشركتي "بادنوتش أند كلارك" و"سبرينغ" التابعتين لمجموعة "أديكو" والمتخصصتين في مجال توظيف الطواقم الإدارية إلى أنه "مع انتشار الأدوات الجديدة يوما بعد يوم، سيصبح في وسعنا مثلا رصد المشاعر على الوجوه".
لكنّ هذا الأخير لم يقتنع بعمل شركة ناشئة تقيم مقابلات بالفيديو بحسب معايير موضوعية، مثل نبرة الصوت، مشيرا إلى أن تسجيل المقابلات يؤثر على أداء المرشحين.
ويؤكد دا سيلفا أن الآلات في وسعها الاهتمام بمراحل الاختيار الأولى، غير أن "المراحل النهائية هي دوما محور لقاء، كما الحال في العلاقات العاطفية... حيث يقترن الشخصان في نهاية المطاف".