تونس – بعينين ثاقبتين وقبضة محكمة ونفس عميق، ترمي منى الباجي الكرة صوب الهدف… وتحلم بطلة الكرة الحديدية التونسية (بيتانك)، مع غيرها من اللواتي احترفن هذه اللعبة، بالمشاركة في أولمبياد 2024 في حال ادراجها.
على الشاطئ بالقرب من منطقة المرازقة المتاخمة لمدينة الحمامات الساحلية (شرق)، تروي الباجي (32 عاما) ، "بدأت ممارسة الكرة الحديدية منذ سن العاشرة بدعم من الوالد الذي علمني اصول اللعبة، ثم انطلقت صوب الاحتراف ضمن الفرق التونسية".
وتشير الى أن والدها شجعها على "المواصلة نظرا للتقنيات التي كنت أجيدها خصوصا في الدقة في التصويب والتحركات الصحيحة على الميدان".
وفازت الباجي مع المنتخب الوطني التونسي ببطولة العالم في الكرة الحديدية في تركيا في العام 2011. وهي واحدة من عدد من الشابات التونسيات احترفن اللعبة المستوردة من اوروبا والتي يتوسع انتشارها في البلاد.
وتعتبر تونس "معقلا" لهذه اللعبة منذ حلولها في الضفة الجنوبية للمتوسط أوائل القرن العشرين.
وتتحدث الباجي وصيفة بطلة العالم أربع مرات بينما الكرة لا تفارق يدها وتتلاعب بها بين اصابعها، عن الصعوبات التي واجهتها في بداياتها، خصوصا أن اللعبة كانت حكرا على الرجال.
وتقول مرتدية زي المنتخب التونسي المُدجج بنجوم التتويجات الدولية،"وجدت صعوبة في البداية خصوصا ونحن في مجتمع ذكوري يرفض ممارسة الفتاة لرياضة طالما كانت حكرا على الرجال، لكنني مع الوقت وجدت الاحترام والتقدير من الجنس الاخر وقدموا لي العون. مع ذلك، لم يكن الامر سهلا، (..) لكن الطموح والشجاعة كانا دوما وسيلتي".
وتشير الى "تضحيات كثيرة تواجه النجاح في هذه اللعبة (..) التي تتطلب تدريبات اضافية لتحسين المستوى الشخصي وهو ليس بالامر السهل لان لي عائلة… لكن بعد التضحيات تأتي التتويجات التي تُسعد".
ومنذ بداية العام 2018، اصبحت الباجي أول لاعبة كرة حديدية تونسية تحترف في ناد فرنسي، هو "ليون كانو".
وينشط في تونس نحو 3200 من المجازين في اللعبة، 10 الى 12% منهم فقط من النساء ضمن خمس رابطات وطنية كما يمارس بضعة آلاف هذه اللعبة في الاحياء المتاخمة للعاصمة كمنطقة مقرين وباردو وحي الخضراء، خلال أيام العطل والآحاد.
وقد فازت تونس بتسع بطولات عالمية لهذه اللعبة التي اعتمدت رسميا في البلاد منذ 1960.
موارد محدودة
ويقول الصحافي المختص في الشأن الرياضي في صحيفة "لابراس" اليومية الصادرة بالفرنسية وليد النالوتي "الكرة الحديدية مثل كل الرياضات الفردية تعاني من قلة الموارد وقلة التغطية الاعلامية".
ويتابع "هي لعبة سهلة الممارسة وتزدهر في الاحياء التي سكنها الايطاليون والمالطيون زمن الاستعمار، في حلق الوادي (الضاحية الشمالية للعاصمة) وفي بنزرت ومنزل بورقيبة في الشمال".
ويقول مدرب المنتخب الوطني التونسي فتحي الوشتاتي إن من أهم الخصال التي تميز اللاعب التونسي في هذه اللعبة قدرته على اللعب في مختلف الملاعب و"خصوصا الملاعب ذات الطبيعة الصعبة"، ما يشكل حافزا له لتحقيق الانتصارات.
في أواخر آذار/مارس، نظم الاتحاد التونسي للكرة الحديدية الدورة الدولية للكرة الحديدية في نسختها الرابعة والعشرين استعدادا للمسابقات الدولية بمشاركة فرق اوروبية وعربية. وحصلت خلالها منى الباجي وأحلام ساسي وأسماء البلي على الميدالية الذهبية بعد فوزهن على المنتخب الالماني في صنف الثلاثي.
وتمنح وزارة الشباب والرياضة التونسية ميزانية سنوية قدرها 350 الف دينار (حوالى 145 الف دولار) لاتحاد الكرة الحديدية.
ويرى رئيس اتحاد الكرة الحديدية محمد لسعد بالضيف أن "هذا قليل خصوصا بعد قرار الوزارة تقليص الميزانيات المخصصة للاتحادات الرياضية بنسبة 30%".
ويعمل المشرفون على اللعبة على وضع استراتيجية تقوم على محاولة "إدراج اللعبة في المدارس لاستقطاب اكثر ما يمكن من اللاعبات"، على ما يقول المدير الفني للفريق الوطني اسكندر الشريف.
ويتوقع ان تدرج لعبة الكرة الحديدية بين مسابقات الالعاب الاولمبية التي ستحتضنها باريس سنة 2024. وستنظر اللجنة الاولمبية الدولية في هذا الملف في كانون الاول/ديسمبر.
وتقول البطلة التونسية "نأمل ان تدرج اللعبة في المنافسات الاولمبية في العام 2024".
ويأمل اسكندر الشريف هو أيضا في اعتماد اللعبة اولمبيا موضحا "سيقع عندها حتما مضاعفة الميزانية المخصصة للاتحاد 10 مرات تقريبا".
ويرى رئيس اتحاد الكرة الحديدية في تونس ان اولمبياد باريس 2024 يشكل "فرصة للتتويج، إن تم اعتماد اللعبة".
وإن تم ذلك، تعقد الباجي العزم على ان تكون "من المتوجات في الالعاب الاولمبية بالميدالية الذهبية.. لتفرح تونس بهذا الانجاز".