القدس المحتلة - نددت اسرائيل والامم المتحدة وعدة دول غربية الأربعاء، بتصريحات للرئيس الفلسطيني محمود عباس اعتبرت معادية للسامية، بعدما أشار في خطاب إلى أن الدور الاجتماعي لليهود وخصوصا في القطاع المصرفي يقف وراء المذابح التي تعرضوا لها في أوروبا خلال القرن الماضي.
وقال عباس في خطاب ألقاه الاثنين أمام المجلس الوطني الفلسطيني إن "معاداة السامية في أوروبا لم تنشأ بسبب الدين اليهودي"، واقتبس كلاما للمفكر الالماني كارل ماركس جاء فيه أن "المكانة الاجتماعية لليهود في أوروبا وعملهم في قطاع البنوك والتعامل بالربى، أديا إلى اللاسامية التي أدت بدورها إلى مذابح في أوروبا".
ويأتي هذا الجدل حول كلام عباس متزامنا مع تدهور كبير في العلاقات بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
وعلق رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو على هذا الكلام بالقول "أبو مازن القى خطابا آخر معاديا للسامية، بمنتهى الجهل والوقاحة زعم أنه تم اضطهاد وقتل يهود اوروبا ليس لانهم كانوا يهودا، بل لانهم عملوا في مجال الأموال والقروض بفائدة."
واتهم نتانياهو عباس بأنه "اطلق مرة أخرى أحقر الشعارات المعادية للسامية. يبدو أن من أنكر المحرقة يبقى منكرا للمحرقة. أدعو المجتمع الدولي إلى ادانة معاداة السامية الخطيرة التي يتميز بها أبو مازن والتي آن الاوان لزوالها".
مطالبة بتنحية عباس
وطالب وزير الأمن الاسرائيلي جلعاد اردان على صفحته على فيسبوك بتنحية عباس. وقال "ان هذا الخطاب البغيض يعلمنا شيئا مهما: لقد حان الوقت لأن يتنحى رئيس السلطة الفلسطينية. ومع كل يوم يمر، تتراكم العنصرية لدى أبو مازن وتكبر الدعاية السامة والخبيثة المعادية للسامية."
وأضاف "اللاسامي يبقى لا ساميا، عاد أبو مازن لبث سموم اللاسامية" قبل أن يقول "كيف يعقل أن يستمر النظر إلى هذا الرجل في العالم كزعيم شرعي للشعب الفلسطيني".
كما اتهمت وزارة الخارجية الاسرائيلية عباس الأربعاء بتأجيج "الكراهية الدينية والوطنية ضد الشعب اليهودي وإسرائيل".
وفي أول رد فلسطيني أعرب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في بيان "عن استغرابه للهجمة المنسقة التي تقوم بها إسرائيل في العالم في محاولة لاتهام الرئيس محمود عباس بمعاداة السامية ورفض المفاوضات واتهامه بالإرهاب مرات عديدة".
واتهم عريقات الاسرائيليين بـ"تحريف أقواله (عباس) أثناء افتتاح المجلس الوطني الفلسطيني عندما نقل رأي بعض المؤرخين اليهود، علما أن الرئيس لم ينف المذابح التي تعرض لها اليهود بما فيها المحرقة".
واعتبر منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الاوسط نيكولاي ملادينوف في بيان أن تصريحات الرئيس الفلسطيني "غير مقبولة ومقلقة للغاية".
وقال ملادينوف إن عباس "اختار أن يستخدم خطابه أمام برلمان منظمة التحرير الفلسطينية لتكرار بعض الاهانات المعادية للسامية الأكثر ازدراء بينها الافتراض أن مكانة اليهود في المجتمع كانت سبب المحرقة"، مضيفا أن هذه التصريحات "غير مقبولة ومقلقة للغاية ولا تخدم مصالح الشعب الفلسطيني او السلام في الشرق الأوسط".
بدوره، اعتبر المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات أنه "لا يمكن بناء السلام على هذا النوع من الأسس"، واصفا تعليقات عباس بأنها "مؤسفة للغاية ومثيرة للقلق للغاية" داعيا إلى التنديد بها بشكل "غير مشروط من قبل الجميع".
كما كتب السفير الأميركي لدى اسرائيل ديفيد فريدمان وهو يهودي على حسابه على تويتر في وقت متأخر مساء الثلاثاء إن "ابو مازن وصل إلى مستوى متدن جديد فهو يعزو قضية مذابح اليهود التي حدثت على مر السنين إلى سلوكهم الاجتماعي المتعلق بالفوائد والبنوك".
وأضاف "لأؤلئك الذين يعتقدون أن إسرائيل هي السبب بعدم تحقيق السلام، فكروا مرة اخرى".
وكان عباس الذي واجه اتهامات بمعاداة السامية سابقا، قال في خطابه أمام المجلس الوطني الفلسطيني مساء الاثنين إنه "قرأ الكثير من الكتب لكتاب يهود ومن بينهم ثلاثة كتاب حللوا فكرة العداء للسامية في أوروبا" وذكر اسماءهم.
وتحدث عن كتابات لكارل ماركس قائلا ان "قراءاته لهذه الكتب بينت أنه من القرن الحادي عشر في أوروبا وحتى المحرقة اليهودية في ألمانيا تعرض اليهود لمذبحة كل 10 إلى 15 عاما. ولكن لماذا حدث هذا؟ هم يقولون لأنهم يهود، لكن السبب هو المكانة الاجتماعية"، موضحا أن "مثل هذا الأمر لم يحدث في الدول العربية".
"كلام غير مقبول"
وندد الاتحاد الأوروبي بما اعتبره "كلاما غير مقبول حول أسباب المحرقة وشرعية إسرائيل"، مشددا على ضرورة مواجهة "أي محاولة تهدف إلى تغطية أو تبرير أو التقليل من أهمية المحرقة".
وهي ليست المرة الأولى التي يتهم فيها عباس باستخدام تعابير معادية للسامية.
ففي يونيو/حزيران 2016 أعلن أمام البرلمان الأوروبي أن حاخامات طلبوا من الحكومة الاسرائيلية "تسميم المياه لقتل الفلسطينيين". واعتبر الاسرائيليون هذا الاتهام نسخة حديثة عن اتهامات مشابهة كانت توجه إلى اليهود في القرون الوسطى.
إلا أن الرئيس الفلسطيني عاد وأوضح أنه استخدم معلومات اعلامية لم يتم التأكد منها. وقال إن "فلسطين هي مهد الديانات الثلاث السماوية ونحن نرفض الهجمات ضد كل الديانات".
وانهارت العلاقات الفلسطينية الأميركية بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ديسمبر/كانون الأول 2017 نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة ما أثار غضب الفلسطينيين الذين يعتبرون الجزء الشرقي من هذه المدينة عاصمة لدولتهم المنشودة، ما دفعهم إلى القول إن واشنطن ألغت بذلك دورها التقليدي كوسيط في المفاوضات مع اسرائيل.
وعملية السلام مع اسرائيل متوقفة منذ فترة طويلة بسبب التعنت الاسرائيلي والاستمرار في بناء المستوطنات ورفضها بحث القضايا النهائية مثل القدس واللاجئين.