قبل عدة اشهر كان يمكن لهذا العنوان او الخبر ان يكون الاول في كل نشرات الاخبار والوكالات العالمية والفضائيات، وان يتصدر تعليقات وتحليلات الخبراء والمحللين والمراقبين الذي كانوا سينقلون ويبينون اهمية ومسارات ونتائج وتوقعات هذه الزيارة التي كانت يمكن ان تأخذ وصف زيارة تاريخية من اجل تخفيف حدة التوتر والظروف التي أعقبت اجراء الاستفتاء يوم 25 ايلول/سبتمبر الماضي.
لكن ومنذ ما يزيد على سبعة اشهر وفي ذروة الازمات التي عصفت بالمواطن في الاقليم والضائقة المالية ومشكلة توزيع الرواتب وتأثر الاسواق والحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والتي وصلت حد الاضرابات والمظاهرات في بعض المدن للمطالبة بالحقوق المشروعة للموظفين والمعلمين والمتقاعدين والمعوقين والفلاحين وكل من تأثر وحصل له ضرر وأذى من القرارات التي اصدرها مجلس النواب العراقي ورئيس الوزراء حيدر العبادي والتي فرضت الحصار وحظرت الطيران وخلقت ازمات ومشكلات للمواطنين الابرياء من دون ان يكونوا سببا او طرفا فيها.
مع كل تلك الظروف لم يصل العبادي الى اربيل رغم انه سافر الى اليابان والكويت والسعودية والعديد من البلدان القريبة والبعيدة عن كردستان، لكنه لم يلتفت او ينتبه او يستمع الى معاناة مرضى التلاسيميا والسرطان الذين توفى العديد منهم والذين كان من الممكن ان يلتقي بهم ويخفف معاناتهم لو زار الاقليم في تلك الفترة العصيبة وخلال فترة الحصار.
زيارة العبادي لاربيل يوم الخميس 26 نيسان 2018 التي اجمعت الآراء على انها دعاية انتخابية للقائمة التي يتزعمها، وانه في زيارته لم يكن سوى مرشحا كباقي المرشحين رغم انه ما زال يحمل لقب ومنصب رئيس الوزراء، وهذه الزيارة فقدت اهميتها ورمزيتها الكبيرة للسيد العبادي وللمواطن على حد سواء فلا العبادي جاء وهو حسب المادة (78) من الدستور "رئيس مجلس الوزراء والمسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة والقائد العام للقوات المسلحة" حيث ظهر مع اعضاء قائمته البسيطة والذين لا حظوظ او أمل لهم بالفوز ولو في مقعد واحد حسب تصريحات احدهم.
اما المواطن وكيف ينظر الى هذه الزيارة وتساؤلاته: ألم يكن من المفروض ان يزور العبادي الاقليم قبل هذا الوقت؟ وهل يمكن استثمار هذه الزيارة لتهدئة الامور وتحسين العلاقة بين بغداد واربيل؟ فان الاجوبة عليها تتوضح من وقائع الزيارة التي يجب ان ننظر اليها في اطارها وحجمها الحقيقي من كونها جزءاً من الحملة الانتخابية للقائمة التي يتزعمها الدكتور حيدر العبادي، فهذه الزيارة من اجل الدعاية الانتخابية، لكن من الممكن استثمارها في تحسين العلاقة بين بغداد واربيل وايجاد حلول للعديد من الملفات العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم، لكن توقيت هذه الزيارة وخلال فترة الحملات الانتخابية التي تسبق الانتخابات القادمة والوقت القصير الذي استغرقته يجعلنا نميل الى الاعتقاد بانه لا حلول سريعة في ضوء الوضع الراهن الذي يجعل الجميع مشغولين بالانتخابات واستحقاقاتها وتحالفاتها القادمة الى جانب ان حكومة العبادي سوف تتحول بعد اسابيع قليلة الى حكومة تصريف اعمال وبالتالي فان من كان يريد ايجاد الحلول ورفع المعاناة عن الناس والمواطنين في الاقليم كان يمكن له ذلك لو قام بهذه الزيارة قبل هذا الوقت، عليه يجب ان لا يُعلق عليها الكثير من الآمال والتطلعات لان قصر الوقت والظرف ووقائع هذه الزيارة يُبين وبوضوح انها زيارة ودعاية انتخابية فقط ولا غير ذلك.
عبدالستار رمضان
نائب المدعي العام
أقليم كوردستان العراق
Sattar88@hotmail.com