أعاد الفيلم التونسي "حب الرجال" المعروض حاليا في القاعات السينمائية التونسي الجدل حول مفهوم الجسد في السينما.
وتلقى بطل الفيلم الجديد رشدي بلقاسمي والمتهم بنشر الاباحية تهديدات بالقتل ودعوات لاهدار دمه من جماعات دينية متشددة لظهوره عاريا تماما في العمل.
وظهر الممثل والراقص التونسي رشدي بلقاسمي في مشهد أثار موجة من الغضب والاستياء، في حين شدد البعض الاخر على حرية التعبير والابداع وضرورة الغاء فكرة الخطوط الحمراء والمحرمات في السينما التونسية.
من مشاهد الحمّام والاباحية الى السهر في العلب الليلية والمجون... تلك هي المواضيع المطروحة في السينما التونسية التي يعتبرها البعض تحلق خارج سرب مجتمع انهكته المشاكل الاجتماعية والاقتصادية لوقت طويل لتنضاف اليها قائمة التحريم والتحليل وحوادث التشدد والارهاب في عهد ما بعد ثورة الياسمين.
ويروي الفيلم الجديد قصة مصورة فوتوغرافية تحمل الكاميرا وتجول في أحياء تونس القديمة لتقتحم عالم الرجال وتعري عدستها أجسادهم بطريقة فنية تخفي وراءها أبعادا شهوانية.
حفصية الحرزي بطلة الفيلم وتلعب دور أمال توفي زوجها نبيل، فتوقفت عن التصوير الا أنها وجدت مساندة من والد زوجها الذي دفعها لمواصلة مشوارها الفني والقيام بمعرضها، ولم يعارض تصوير الرجال باعتبارها فكرة فنية جديدة ومختلفة عن السائد.
تعرفت أمال على سامي الذي ساعدها على تحقيق حلمها ولم تبادله مشاعر الحب رغم ما جمعهما من علاقة حميمة واقتناعه بحبها له.
والتقت بطلة الفيلم بالعديد من الرجال الذين وافقوا على التصوير بمقابل مادي لتأخذهم إلى بيتها وتلتقط لهم صورا، وكان رابح أول هؤلاء الذين وجدتهم ولكنه رفض التصوير عاريا.
وكانت أمال تبحث في كل مكان تذهب إليه عن جسد بمقاييس مثالية يضفي الجمال على عدستها ويرضي رغبتها كأنثى، فكانت مع كل رجل تختاره تتفنن في إحياء المرأة المسيطرة أمام الرجل مسلوب الارادة والخاضع لنزوات المرأة.
والتقت المصورة الهاوية بالجسد المثالي قيس.
وقبل قيس التقاط الصور بملابسه ثم قام بالتعري الكامل.
واعتبر نقاد ان البعد التجاري طغى على الفيلم، وساهم في بلورة فلسفة جديدة تقوم على تمييع دور الرجل وتشييئه وتحويل جسده الى سلعة.
ويوجد قرابة 11 شريطا سينمائيا تدور أحداثه في الحمام، 15 عنوانا أو أكثر تصوّر لقطات جنسية.. كما يخيم العنف اللفظي تقريبا على جلّ الأفلام التونسية.
"الخشخاش"، و"صمت القصور"، و"الحلفاوين"، و"عصفور سطح"، و"الدواحة"، و"المشروع" بعض العناوين من مئات الأشرطة السينمائية التونسية بين أفلام قصيرة وطويلة تدور أحداثها في الحمام وغرف النوم والعلب الليلية وتصوّر المرأة الجسد والرجل الشاذ والشاب المدمن.
واعتبر مراقبون انها مواضيع مستهلكة تتكرّر من شريط الى آخر وباتت تؤرّق المشاهد التونسي وتعلن عن أزمة السيناريو في السينما التونسية.
ويرى شق كبير من الشارع التونسي ان السينما التونسية تحاول جاهدة الانخراط في المنظومة التجارية للسوق السينمائية العالمية حتى على حساب الذوق العام.
كما انها بعيدة عن الواقع التونسي ومشاغل الناس. وينتقد صف من المثقفين قيام وزارة الثقافة التونسية بمنح الامتيازات المادية وبسخاء لأفلام العري والجنس والكبت.
على الجانب الاخر، اعتبر البعض ان "حب الرجال" أول انتاج تونسي يظهر ثنائية الفن والرغبة لدى امرأة ويمنحها قوة وسلطة ناعمة عبر كاميرا التصوير ويقطع مع المجتمع الذكوري.
وعادة ما تطل المرأة على صفحات الجرائد ضحية لعنف الرجل، وفي الفيديو كليب راقصة، وفي السينما والتلفزيون ممثلة تتركز أغلب أدوارها على الاغراء والاثارة او الضحية فتكون على شاكلة ربة البيت المضطهدة والمغلوبة او الريفية الجاهلة وغيرها من الأدوار الموغلة في الدونية والسلبية.
وركز نجوم الاخراج في تونس على الاضطهاد العاطفي والاجتماعي والجنسي للمرأة داخل المجتمع امثال نوري بوزيد في شريطه "بنت فاميليا" وكذلك في شريطه "عرائس الطين" وعبداللطيف بنعمار في شريطه "نغم الناعورة" لقدرتها العالية على استقطاب المشاهد بما تحويه من مشاهد اثارة حتى ان بعضها كان يكتب عليه ممنوع من العرض لاقل من 18 عاما.