طرابلس - مازالت حرية الإعلام في ليبيا تعيش أزمة كبيرة بعد سبع سنوات على الثورة التي أنهت حكم معمر القذافي بسبب الوضع الأمني الذي تعيشه البلاد وما يصاحبه من أزمة سياسية خانقة.
وفي آخر تقرير لمنظمة مراسلون بلا حدود مؤشر حرية الصحافة لعام 2018، وصدر في الـ25 من أبريل نيسان والذي يقيس أوضاع الصحافة في 180 بلداً حول العالم، فقد احتلت ليبيا المرتبة 162 على المؤشر محققة تقدماً لمرتبة واحد عن العام 2017، وهي في المرتبة 15 عربيا، والأخيرة بالنسبة لدول إفريقيا الشمالية.
وذكرت المنظمة أن العمل الصحافي في ليبيا محفوف بالمخاطر ووصفته المنظمة بأنها واحدة من أخطر دول العالم.
كما أوضحت أن الصحافيين في ليبيا يتعرضون لمضايقات من قِبل الأطراف المتناحرة، حيث رصدت المنظمة 332 حالة عنف وإساءة معاملة تعرض لها الصحافيين منذ العام 2011.
وجهت المنظمة انتقادات للسلطات الليبية، قائلة إنها لم تتخذ خطوات لتوفير الحماية للعاملين في الإعلام، وغالبا يصبح المنفى الاختيار الأفضل للعاملين في هذا الحقل.
وتتنازع سلطتان الحكم في ليبيا ولم تنجح أي منهما في إحلال النظام بالكامل في الأراضي التي تؤكد أنها تسيطر عليها. فحكومة الوفاق الوطني التي انبثقت في نهاية 2015 عن اتفاق رعته الأمم المتحدة، تتخذ من طرابلس مقرا لها بينما تتمركز سلطة منافسة لها في شرق البلاد الذي تسيطر على أجزاء كبيرة منه القوات الموالية للمشير خليفة حفتر.
كما تنشط جملة من المليشيات المسلحة في ليبيا تفرض قواعدها ورؤاها بقوة السلاح، ما يساهم بشكل كبير في مزيد إرباك الوضع الأمني المنفلت أساسا في البلاد.
وألقى هذا الوضع الأمني والسياسي بظلال وخيمة على واقع الصحافة والإعلام في ليبيا، وساهم بشكل كبير في قمع حرية التعبير، بعد أن وجد الصحافيين أنفسهم عرضة للاغتيال والخطف والتعذيب دون حماية أمنية ولا قضائية ولا قانونية.
وفي ظل غياب المعايير المتعلقة بحرية التعبير والإعلام، كالضمانات الدستورية والقانونية للصحفيين والإصلاح الهيكلي للإعلام، ومع تزايد أعمال العنف والهجمات الدامية والاعتداءات الجسيمة، لا يجد الصحافيين في هذا البلد من خيارات سوى المغادرة أو الإقلاع الإجباري عن مزاولة العمل الصحفي.
وسبق أن حذرت منظمة مراسلون بلا حدود في احد تقاريرها من إفراغ ليبيا من الصحفيين بسبب استمرار الانتهاكات المسلطة على الصحفيين وتفشي سياسة الإفلات من العقاب، في ظل فشل الحكومات الموجودة، سواء عن قصد أو عن عجز، على حماية الإعلاميين وتتبع الأطراف المتورطة في جرائم ضدهم.
وتتكرر حالات الاختفاء والاختطاف والتعذيب من قبل عدة أطراف في ليبيا، ما جعل من الصحفيين والإعلاميين الليبيين وغيرهم طرائد سهلة وأهداف قريبة لإطلاق النار.
وقتل، منذ 2011، 18 صحفيا فيما هاجر 68 آخرين البلاد خوفا من القتل أو الخطف والتعذيب، فيما تنشط أكثر من 8 منابر إعلامية في دول مختلفة بالشرق الأوسط.
كما يؤكد المراقبون أن غياب المعايير الدقيقة للإعلام في ليبيا وعدم وجود أي مجلس وطني أعلى للإعلام وافتقاد التشريعات المناسبة وسيطرة الشخصيات النافذة على غرف أخبار العديد من القنوات الإعلامية، وتحويلها لمنابر لتمجيد البعض ومهاجمة الخصوم، أسهم في انتشار خطاب الكراهية في الإعلام الليبي بشكل واسع.