تحليل.. البنوك المركزية فشلت في الاتفاق بشأن العملات الإلكترونية

آخر تحديث 2018-05-04 00:00:00 - المصدر: موقع مباشر

تحرير – نهى النحاس:

مباشر: منذ طفرتها الكبرى في العام الماضي، والعملات الإلكترونية تستحوذ على الاهتمام الأكبر لدى مسئولي السياسة النقدية في العالم، وهذا ما اتضح في اجتماع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بحضور ممثلين من البنوك المركزية في العالم.

وفي تحليل كتبه "فرناندو جيليانو" لوكالة بلومبرج فيو" ذكر أن البنوك المركزية تشعر بالقلق منذ الارتفاع الكبير في أسعار العملات الإلكترونية، حيث اتجهوا لإجراء المحادثات ونشر مذكرات بحثية حول دورها وطرح الأسئلة بشأن تنظيم تعاملاتها.

نقاط اتفاق مبدئية

ومع الانتشار الواسع للعملات الإلكترونية ظهرت متطلبات تنسيق تعاملاتها، لكن يزال الاختلاف حول كيفية صنع ذلك.

واتفقت البنوك المركزية على رأي واحد وهو أن الإصدارات الخاصة للعملات الإلكترونية مثل "البيتكوين" و"الإٌيثريوم" لا يمكن استبدالها بالعملات التقليدية، وتم تلخيص ذلك في الإصدار الحديث لصندوق النقد الدولي تحت عنوان "الاستقرار المالي العالمي".

وانتهى هذا التقرير إلى التسليم بأن العملات الإلكترونية بعيدة عن الوفاء بالوظائف الثلاث للنفود، وذكر "بينما قد تُستخدم العملات الإلكترونية كمخزن للقيمة فإن استخدامها كوسيلة تداول محدود، بالإضافة إلى أن تقلباتها الحادة تمنعها من معيار حسابي موثوق.

كما يتفق المشرعون على أنه في الوقت الذين هم في حاجة إلى مراقبة العملات الإلكترونية، فإنه سيكون هناك أمور أخرى تستدعي القلق.

وأوضحوا أن من ضمن تلك الأشياء أن العملات الإلكترونية لاتزال تمثل حصة ضئيلة من النظام المالي العالمي، وعلى الرغم أن قيمتها الإجمالية نمت بشكل قوي إلا أنها لاتزال أقل من 3% من إجمالي الميزانية العمومية للبنوك المركزية الأربعة الكبرى في العالم.

هوة الخلاف تتسع

وعلى الرغم من الاتفاق حول هذه الحقائق، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بكيفية تنظيم العملات المشفرة يظهر الانقسام بين مسؤولي البنوك المركزية.

وفي مذكرة جديدة حول السياسة المالية والنقدية في معهد "بروكينغر" عرض "إيسوار براساد" أستاذ الاقتصاد في جامعة "كورنيل" قائمة موسعة حول الطرق العديدة التي يقترب فيها المشرعون من التساؤلات حول "البيتكوين".

وتتدرج تلك المستويات بداية من الحرية الاقتصادية التي تمنحها لجنة تداول العقود الآجلة للسلع الاقتصادية الأمريكية للعملات الإلكترونية الأمريكية عبر تصنيفها كسلعة ،انتهاءً للصين حيث منع المركزي تداولات العملات الإلكترونية.

ويعد الاختلاف بين الاتجاهيين السابقين تعني أن فعالية القواعد التنظيمية محدودة، فعلى الرغم استمرار تداول الأفراد في الصين عملة "البيتكوين" عبر منصات أمريكية لكنه يعد نشاط يحتوي على مخاطرة.

وتكمن مخاطرة ذلك النشاط ليس فقط نتيجة للتقلبات، ولكن أيضاً مع وجود أعمال تزوير ونقاط ضعف التكنولوجيا في عدد من منصات التداول.

ومن شأن الإخفاقات الكثيرة أن تتسبب في أزمة ثقة والتي قد تكون ذات تداعايات عالمية، ولمواجهة الانتشار واسع النطاق للخسائر بين المستهلكين فإن المنظمين يجب أن يستهدفوا التوفيق بين مواقفهم المختلفة.

عملات البنوك المركزية؟

والحاجة إلى التنسيق ستكون أكبر في حال اتجاه البنوك المركزية إلى إصدار عملات إلكترونية خاصة بهم مثلما تخطط السويد في الوقت الحالي، تلك الطريقة التي ستستلزم السماح للمواطنين بامتلاك حساب مباشر مع البنك المركزي مثلما يحدث الآن مع المقرضين التجاريين.

كما ستمنح العملات الإلكترونية الصادرة عن البنوك المركزية آثارا كبيرة على كل من إدارة السياسة النقدية والاستقرار المالي.

وقد ترى البنوك المركزية أنه من الأسهل تنفيذ مجموعة من السياسات غير التقليدية مثل "معدلات الفائدة السلبية" "أو "هيلكوبتر الأموال"، وهي التي ستُقدم بشكل مباشر في الحساب البنكية الفردية لكل شخص، وستجعل الأمر أكثر تأثيراً بدلاً من المرور عبر النظام المصرفي التقليدي.

لكن في الوقت نفسه فإن تأثير الأمر على الاستقرار المالي قد يكون له جوانب سلبية، حيث أن المستهلكين قد يختارو حيازة عملات البنوك المركزية الإلكترونية، مما سيحرم المقرضين التجاريين من مصدر رخيص للتمويل.

وفي أوقات الأزمات فإن الكثير من المودعين ممن يفضلون إيداع أموالهم لدى البنوك سيتجهو نحو ملاذ آمن والمتمثل في العملات الإلكترونية للبنوك المركزية.

وفي النهاية فإن الأزمة قد تؤدي إلى تدفقات شديدة عبر البلاد حيث يفضل المستثمرون نقل  أموالهم بعيداً عن عملة رقمية معينة إلى عملة اكثر أماناً.

وقد يشعر المنظمون المتمركزون في بلد يعاني تدفقات خارجة حادة من العملات الرقمية بأنهم ملزمون بفرض قيود على رأس المال، وفي الوقت نفسه فإن نظرائهم ممن يرون تدفقات جوهرية إلى الملاذات الآمنة في بلادهم قد يفضلون منع الأجانب من الاحتفاظ بعملة رقمية خاصة بهم، لتجنب التعرض المفرط في الخارج.

وحتى الآن كانت هناك محاولات محدودة لتعاون البنوك المركزي، ففي المركزي الياباني والمركزي الأوروبي تم التعاون لدراسة تكنولوجيا العملات الإلكترونية قبل أن ينتهيا إلى أن ذلك لم يكن هاماً بشكل كافي لتحفيز أنظمة الدفع الرئيسية العالمية.

وفي البنك المركزي الكندي والسلطات النقدية في سنغافورة تم التعاون في دراسة أيضاً، فيما يقود بنك التسويات الدولية الذي يضم 60 مصرفاً مركزياً الجهود الدولية في تحليل العملات الرقمية.

وتكمن المشكلة في أن الدول تواجه حوافز مختلفة في إقرار سواء ما إذا كانت ستتجه لتطوير العملات الرقمية إلى عملة رسمية أم لا.

ويمكن للبنوك المركزية في الأسواق الناشئة التحرك وبسرعة نحو الوصول إلى تمويل بشكل أكبر من الاقتصاديات المتقدمة، فتلك البنوك لديها مخاوف أقل بشأن التفوق على المقرضين التقليدين نظراً لأنظمتهم التي ينقصها التطور.

ومن الطبيعي أن تتحرك الدول بسرعات مختلفة، الأمر الذي سيجعل التعاون أكثر صعوبة، وبالطبع نحن لانزال بعيداً عن اللحظة التي سيختار فيها إحدى البنوك المركزية تبني عملة رقمية.

ولدى صانعي السياسة النقدية قنوات اتصال راسخة أثبتت فعاليتها خلال الأزمة المالية ولحظات الاضطراب الأخرى، لكن من الواضح بالفعل أنه سيكون من الأفضل بكثير إذا توصلت البلدان إلى أفكار مشتركة بدلاً من المضي بمفردها.