المرجعية حين تعي مسؤوليتها

آخر تحديث 2018-05-05 00:00:00 - المصدر: الموقف العراقي

المرجعية حين تعي مسؤوليتها

5 مايو, 2018 | 10:55 ص   -   عدد القراءات: 10 مشاهدة

شبكة الموقف العراقي

بقلم : سليم الحسني.

في عام ١٩٠٦ شهدت الحياة السياسية في إيران تقاطعات حادة بين الاتجاه التغريبي والاتجاه الإسلامي، وكان شاه ايران محمد علي القاجاري يميل الى روسيا القيصيرية المعادية للحياة النيابية في إيران وتشجع الشاه على تقويضها.

إزاء تلك الصراعات الفكرية والسياسية، تصدى مراجع الدين لحسم الجدل الساخن داخل البرلمان الإيراني حول توجهاته السياسية وما يتصل بالتشريعات التي يصدرها. وكذلك مواقف الكيانات السياسية المسيطرة على الساحة.

كانت كلمة مراجع الدين صريحة مباشرة لا تقبل التفسير والتأويل، فقد أعلنوا عن إدانتهم الشديدة لمحاولات السلطة في اضعاف الحياة الدستورية، كما واجهوا الاتجاه الساعي الى الارتباط بالخارج، وشددوا على ضرورة كشفهم ومحاربتهم، باعتبار أن هذا الاتجاه يتسبب في اضعاف سيادة البلد وتمزيق وحدته.

أضع هنا بعض النصوص من رسائل وبيانات عدد من مراجع الدين حول تلك الأحداث التي شهدتها ايران:

ففي رسالة شديدة محددة المطالب، كتب الشيخ محمد كاظم الخراساني (صاحب الكفاية) الى محمد علي شاه يقول له في إحدى نقاطها:

(الحذر كل الحذر من تدخل الأجانب، والعناية كل العناية في قطع دابر فتنتهم، فان البلاء مخيم على تلك الأنحاء بسببهم).

وشدد المرجع الخراساني على ضرورة المشاركة الانتخابية، وعلى الحكومة وجوب اختيار الكفاءات في مناصب الدولة فقد كتب يقول:

(ومن اللازم على رجال إيران المحبين لوطنهم انتخاب الرجال الأكفاء لإدارة السلطنة).

وخلال فترة صياغة الدستور نشطت الماسونية في محاولة صياغة دستور علماني، فتصدى لها مراجع الدين، وطالبوا بوجوب مطابقة تشريعات المجلس لأحكام الشريعة الإسلامية، وافتوا بذلك.
وأصدر الشيخ فضل الله النوري عدة بيانات خاطب فيها شاه ايران بعبارات مباشرة قاسية، وصفه بأنه يعمل على تفتيت المجتمع والاتجاه به نحو القوى الغربية وتشجيع التيار العلماني والتغريبي في البلاد.

ففي أحد بياناته كتب يقول:
(إنكم تعلمون أن الإسلام هو أكمل الأديان وأتم الشرائع، وقد ساد الدنيا بعدله وبالشورى، فما الذي يدعونا هذه الأيام الى الأخذ بقوانين القضاء من باريس ومن بريطانيا؟.. وأن الأمر الغريب أن المسؤول الأول في الدولة وهو جلالة الشاه يؤيد هذه الفئة).

لقد كانت بيانات وخطابات مراجع الدين واضحة، تتجه نحو نقاط الخلل وتعالجها بما لا يقبل التأويل، لأنهم يرون أن موقعهم في قيادة الأمة يستدعي منهم إرشاد الأمة الى الموقف الواضح لتمضي في رسم حاضرها ومستقبلها.

وبشكل عام فان مواقف مراجع الدين ـ وعاصمتهم النجف الأشرف ـ عبر التاريخ الشيعي تميزت بالدقة والصراحة والمباشرة، وكانوا يتابعون تفاصيل الحياة، ويستمعون الى شكاوى الناس، ويتصدون الى القرار المؤثر، فصنعوا الكثير من أحداث التاريخ الحديث.