'حكايات آل الغنيمي' .. ترصد أحوال القرية المصرية

آخر تحديث 2018-05-05 00:00:00 - المصدر: ميدل ايست

الإسكندرية ـ تتناول رواية "حكايات آل الغنيمي" أحوال القرية المصرية المتغيرة فى تسعينيات القرن العشرين، كاشفة العلاقات الاجتماعية المهلهلة بفعل الجرى وراء المصالح الخاصة، وتغلغل التيار الدينى بين أوساط الشباب، والفساد الذى يسود القرية برغم ما يظنه البعض من طوباوية القرية المصرية.

يقول الناقد محمد محمود عبدالرازق عن الرواية التي - صدرت حديثا طبعتها الثانية عن دار حسناء للنشر والتوزيع بالإسكندرية -: "أرادت الرواية السكندرية أن تبحث لنفسها عن أماكن أخرى غير المناطق العشوائية والحارات المنسية، فانتقل منير عتيبة بروايته (حكايات آل الغنيمي) إلى قرية قريبة من الإسكندرية لم يسمها؛ وإن ذكر بعض أماكنها مثل "سكة العامية" و"عزبة البحر"، وكان هدفه تحريك البرك الآسنة أو البؤر الفاسدة لكشف ما يخفيه ظلام القرية من عفن وأدران: كانت القرية نائمة، مظلمة إلا من مصباح صغير على باب دكان سيد محروس البقال، ومصباحين فى أعلى مئذنة المسجد، وبعض النجوم الشاحبات متناثرة في القبة السماوية السوداء!!.. الخبير بليل القرية وحده يستطيع أن يشم رائحة الرغبات المحمومة، والمشاعر المجنونة الهائجة، والأحاسيس الخطرة المفعمة بلذات الشبق المحرم، وهي تسرح في ليل القرية الذي لا تبدو على سطحه الساكن الهادئ حقيقة ما يحدث تحت السطح من فوران وغليان لا نهائي، فوحده ابن الليل القروي هو الذي يمكن لأذنيه أن تميزا بين حركة الأغصان الطبيعية بفعل هبات الهواء، أو حركتها بفعل حركات أجساد بشرية تقتنص لذتها من قبضة الليل!!".

وتقول الناقدة إيمان الزيات: يكتب الأديب منير عتيبة نصوصه السردية بلغته، واستراتيجيته الخاصة من خلال ذلك الوعي الذي لا يطأ منطقة الطمأنينة الراسخة المتعارف عليها من قِبل القارئ في الموضوعات الروائية المتناولة عادة، بل من الجهة المغايرة تماماً، جهة (القلق) وأحداث الخفاء المنتجة للأحداث الظاهرة، مؤثراً الرجوع للأصول والوقوف على المسببات المؤدية للنتائج، والنظر إلى تلك الفئات المهملة التي إن تركت على حالة التهميش توحشت واستدارت للمجتمع مكشرة عن أنيابها له. أو بمعنى أصح أنه يقف على أسباب المرض غير متلهٍ بالعَرَض.

حيث تتسلل عدسة سرد "التعرية" لديه لترصد الجميع، فيحكي السارد (العليم) بضمير "الغائب" نائياً بنفسه عن الانخراط في خضم الأحداث الملوثة عندما يمر في الأزقة المظلمة، ويختفي خلف الجدران المشروخة، وبين أعواد البوص الحاد، ووراء الصخرة الكبيرة بمنطقة العامية، ـوفوق العشب الكتوم في أرض (إبراهيم علوان)، يحتمل روائح مخلفات الوحدة البيطرية، ويسمع قهقهات غرفة المدرسات الصغيرات، ناقلاً للجميع تلك المشاهدات التي تشكلها رياح الأفعال الخفية في عالم القرية بروايته (حكايات آل الغنيمي) فيدخل في كواليس المشهد مستنطقاً المسكوت عنه.

جاءت النهاية المفتوحة أفضل أنماط النهايات وأشدها ملاءمة مع الواقع والحالة المعلقة غير المحسومة للرواية التي لا يشوبها سوى التبئير المكثف على جانب الحياة العكر دون غيره من الجوانب الأخرى ربما لأنها كتبت في سنوات يغلب عليها هذا الطابع المثير للقلق الذي تناوله (عتيبة) برهافة واستشعر توابعه بحساسية شديدة، والذي تحققت جميع مخاوفه وتحسباته فيما بعد.

يذكر أن منير عتيبة روائي وقاص وناقد مصري، وهو مؤسس والمشرف على مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية، وعضو اتحاد كتاب مصر، وعضو لجنة القصة بالمجلس الأعلى للصحافة، حصل على جائزة الدولة التشجيعية وجائزة اتحاد كتاب مصر وغيرها من الجوائز والتكريمات.

أصدر منير عتيبة حوالى عشرين كتابا في القصة والرواية والمسرح والنقد وأدب الطفل، منها روايات: حكايات آل الغنيمي - أسد القفقاس- حاوي عروس. ومجموعات قصصية: حكايات البيباني - كسر الحزن - مرج الكحل - بقعة دم على شجرة - وكتاب في السرد التطبيقي - وكتاب عن الكتابة السحر والألم، وغيرها.