القدس المحتلة/واشنطن – مع اقتراب موعد 12 مايو/ايار التاريخ الذي حدّده الرئيس الأميركي دونالد ترامب للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني ما لم يتم تعديله، أعلن مسؤول اسرائيلي رفيع المستوى الأحد أن ترامب لم يبلغ إسرائيل بقراره.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تدفع فيه إسرائيل باتجاه تعديل الاتفاق أو إلغائه وخصوصا إثر كشفها وثائق استخبارية تشكل بحسب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو "دليلا جديدا قاطعا على برنامج الأسلحة النووية الذي تخفيه إيران منذ سنوات عن أنظار المجتمع الدولي في محفوظاتها النووية السرية".
ويعتقد خبراء ومحللون أن ترامب سينسحب من الاتفاق الموقع في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في 2015، على خلفية انتقاداته الشديدة له.
غير أن الوثائق التي عرضها رئيس الوزراء الاسرائيلي أدت إلى بروز اتهامات فورية من البعض بأن البيت الأبيض ونتانياهو نسقا هذه الخطوة مع استعداد ترامب لاتخاذ قراره.
وقال المسؤول الإسرائيلي طالبا عدم كشف هويته "في الواقع، لا أعلم ما سيقرره ترامب لأنه لم يبلغني به"، موضحا أن إسرائيل لم تتبلغ بقرار ترامب.
وتابع المسؤول الإسرائيلي "أعتقد أن لديه وجهة النظر المشككة نفسها".
ويقول بعض المحللين وعدد من مؤيدي الاتفاق النووي، إن نتانياهو قدم تفاصيل معروفة سابقا وتشكل دليلا على أهمية الاتفاق النووي.
وفي المقابل يقول نتانياهو إن الوثائق تظهر أن الاتفاق الموقع مع إيران بني على كذبة، فإيران تنفي السعي للحصول على أسلحة نووية في حين تظهر الوثائق أنه لدى طهران برنامجا سريا للأسلحة الذرية يمكن تفعيله في أي وقت.
بدورها، اعتبرت القوى الكبرى الموقعة على الاتفاق النووي ومن بينها فرنسا وبريطانيا، أن ما عرضه نتانياهو يؤكد الحاجة للاتفاق الذي يضمن عدم امتلاك إيران للأسلحة النووية، لافتة إلى أن الوثائق الاستخبارية التي حصلت عليها إسرائيل في فبراير/شباط، لم تظهر أن طهران انتهكته.
ومن المتوقع أن يعلن الرئيس الأميركي في 12 مايو/ايار قراره بشأن الاتفاق. وفي حال قرر التخلي عنه ستعيد الولايات المتحدة فرض العقوبات التي رفعت بموجبه.
وقال المسؤول الإسرائيلي إنه لا يعلم ما سيقرره ترامب، مشيرا إلى وجود عدد من الخيارات.
وأوضح أن أحد الخيارات قد يكون احجام ترامب عن تمديد رفع العقوبات وهو قرار تنتهي مفاعليه في 12 مايو/ايار واستخدام الرئيس الأميركي الفترة الفاصلة قبل اعادة فرض العقوبات للتفاوض من موقع قوة.
وقد يقرر ترامب اخضاع الشركات الأساسية للاقتصاد الإيراني لما بات يعرف بعقوبات ثانوية للضغط على إيران.
"اتفاق خطير"
والأحد رفض نتانياهو موقف مؤيدي الاتفاق النووي بأن الوثائق التي كشفها لا تتضمن جديدا. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه لا يهم أن انتهكت إيران الاتفاق أو لا لأنه يتضمن ثغرات قاتلة، معتبرا أن "عدم انتهاك اتفاق خطير لا يجعله أقل خطورة".
ويعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تملك أسلحة نووية، رغم أنها لا تنفي أو تقر بذلك.
وقال مسؤول كبير في الاستخبارات الإسرائيلية أن غالبية الوثائق التي كشفت لم تكن معروفة سابقا.
ويعتبر ترامب وحلفاؤه في الشرق الأوسط وبخاصة إسرائيل أن الاتفاق سيئ ويجب استبداله بترتيبات أكثر دواما ومراقبة البرنامج الصاروخي الإيراني.
وقال نتانياهو إن رفع العقوبات عن إيران زاد من قدراتها على تمويل مقاتلين موالين لها.
وتشهد الجبهة السورية توترا شديدا بين إسرائيل وإيران التي تدعم الرئيس السوري بشار الأسد.
وتؤكد إسرائيل أنها لن تسمح لإيران بترسيخ وجودها العسكري في سوريا.
وتتهم سوريا إسرائيل بشن ضربات دامية على أراضيها كان آخرها في 9 و30 ابريل/نيسان وقد أدت إلى مقتل إيرانيين وجنود سوريين.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي "نحن مصممون على منع العدوان الإيراني حتى لو تطلب ذلك كفاحا".
وأضاف نتانياهو "الأفضل (أن يحصل ذلك) الآن وليس لاحقا... نحن لا نريد التصعيد، لكننا مستعدون لكل الاحتمالات".
وفي السياق ذاته ذكر الرئيس الجمهوري للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي أن على الرئيس دونالد ترامب ألا ينسحب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015.
ويواجه ترامب مهلة تنقضي في 12 مايو/أيار لتحديد ما إذا كان سيفرض مجددا عقوبات أميركية علقتها واشنطن على إيران بموجب الاتفاق النووي.
وقال عضو الكونغرس ماك ثورنبيري لقناة فوكس نيوز الأحد، إن ترامب سيكون مخطئا لو انسحب من الاتفاق، مضيفا "سأنصح بمعارضة ذلك الانسحاب".
وبصفته رئيسا للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، يعتبر ثورنبيري صوتا جمهوريا رئيسيا بشأن قضايا الأمن القومي.
وقال ثورنبيري أنه على الرغم من معارضته الاتفاق عندما وقعته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما عام 2015، فإن الخروج من الاتفاق الآن سيقوض نفوذ واشنطن في ما يتعلق بمناهضة إيران.
وأضاف "أعتقد أنه اتفاق سيء، لكن السؤال الرئيسي هو حسنا، ماذا سيحدث بعد انسحاب الولايات المتحدة. هل تطرد إيران هؤلاء المفتشين بما يجعلنا نفقد قدرتنا الحالية على رؤية المواقع؟"
ولمح ترامب إلى أنه ربما يمزق اتفاق 2015 ويفرض العقوبات مرة أخرى هذا الشهر. ويقول مسؤولو إدارته، إن الاتفاق النووي لا يتصدى لبرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني وسيسمح لطهران ببناء برنامجها النووي مجددا بعد انقضاء أجل بعض بنوده.
وقال ثورنبيري إن ترامب يجب أن يعمل مع الحلفاء الأوروبيين للتصدي لهذه العيوب والنقائص في الاتفاق، لكنه أضاف أن إلغاء الاتفاق سيزيل الضغط من على طهران بإحداث انقسام بين واشنطن وحلفائها.
وتابع "الأوروبيون لن يفرضوا العقوبات من جديد لذلك أين سيتركنا ذلك نحن وإيران؟".