سلام نديم القطيفان: السوريون كالماء يخلقون الحياة

آخر تحديث 2018-05-07 00:00:00 - المصدر: ميدل ايست

لم تكن رحلتها الوصول الى ألمانيا سهلة برفقة طفليها، بنت درعا الفنانة التشكيلية السورية سلام نديم القطيفان، تلك الرحلة الشاقة ماتزال ذكرى مريرة لحجم المعاناة الهائلة التي خاضوها على طريق الوصول.

تقول: "لكن والحمدلله لم تذهب معاناتنا في فراغ .. فقد قدمت لي المانيا المساحة الكافية من الحرية للتعبير عن فني بأسلوبي الخاص ومنحتني جوازاً يسمح لي السفر بكل سهولة في أوروبا حتى تحولت أوروبا الى قرية صغيرة انتقل فيها بكل سلاسة حاملة معي رسالتي الفنية واسمي واسم بلدي سوريا ومنحت عائلتي الأمان."

• لم أجد أي صعوبة في الاندماج رغم احتشامي

سلام القطيفان، فنانة محجبة لكنها كما تقول لم يمنعها حجابها من الاندماج مع المناخ الفني الذي يتسم بالتحرر الكامل توضح أكثر بقولها: "التحرر الفكري في الفن هو السائد في كل نشاطاتي الفنية مع بداية مشواري الفني في أوروبا .. لم ألقَ أية معوقات في مسيرتي ترتبط بحجابي ولم أجد أي صعوبة في الاندماج أبدا رغم التزامي واحتشامي."

ترى ضيفتنا أن الفن هو جناح السلام الذي لا حدود له. به نرتقي وبنا يسمو، منه بدأت رحلتنا وبه ينتهي المطاف، وترى أن الفن التشكيلي الألماني يتسم بالحداثة وما بعد الحداثة تضيف: "وهو يجمع بين العالمية والواقعية حتى صار يسمى بالفن الألماني الحديث. ولأن الفن لا تسري عليه حدود المسموح مثل الاستقطاب والتحدي والتسلية وكذلك الإعجاب سمح ذلك للفن الألماني بإثارة الإعجاب والتشويق والفضول. وأرى أن الفن الألماني منفتح جدا يتلقى الفنون بكل أنواعها ويلاقي استحسان كل ماهو جديد وفريد أو حتى كلاسيكي."

تنتمي الفنانة سلام إلى المدرسة الفنية الواقعية والواقعية التعبيرية، وتهتم بالمرأة وهمومها وأحزانها وأحلامها. الهموم تعكس كل ذلك في لوحاتها وتؤكد بقولها: "قضيتي الأولى والأخيرة هي "المرأة" لأنني أرى بها كل المجتمع. أسلط الضوء على معاناتها في كل الحالات وعلى كل الاصعدة.

وأبرز القضايا التي سيطرت على مواضيعي في اللوحات هي قضية بلدي سوريا التي أواكب فيها الحدث السوري الراهن وأوثقه في لوحاتي".

تخبرنا ضيفتنا بوجود بعض المشاهد الفنية العربية في المانيا وتقول: "بعضها حققت نجاحات عديدة ولاقت استحساناً وقبولاً وترحيباً ومتابعةً جيدة من المتلقين الألمان والأجانب المهتمين في الفن. أذكر من هذه المشاهد سلسلة معارض (سوريا الفن والهروب) وسلسلة ورشات (اورنينا) وقريباً سلسلة نشاطات (فنانين بلا حدود) ستأخذ حيزها من الأضواء قريبا."

• شغف ومعايشة يومية مع الفن

سلام كفنانة تستسلم لمغريات الفن ولا تقاومه وتعبر عن هذا الشعور بقولها: "يغريني في الفن التشكيلي (الشغف) الذي أعيشه مع اللوحة والحالة الإبداعية الفريدة من السكون والسلام والسعادة التي تغمرني عندما أسبح في هذا الفلك. لذلك لا بد لي يومياً أن أدخل في هذا العالم باحثةً عن تجارب جديدة تعطيني الفردية في أسلوبي والتميز في أعمالي الفنية.

لم أتأثر بأي فنان بالرغم من اتساع حلقة ثقافتي في الفن والفنون وذلك رغبةً مني في التفرد بنمطي لأنتج أسلوباً فنياً خاصاً بي يُرضي ذائقتي الفنية".

وهي ترى أن الفنانات التشكيليات السوريات حاضرات بقوة في الساحة الفنية السورية "ولهن حضورهن البارز وتميزهن اللامع من خلال استعراض تجاربهن واستخدامهن لتقنيات وأساليب مختلفة ومن خلال تعبيرهن عن حالات إنسانية عديدة وقضايا هادفة .. ولهن الدور البارز في الإسهام في تطوير الحركة التشكيلية السورية."

مع الحرب وصعوبة السفر قلت المشاركات السورية الخارجية سألناها كيف يمكن تعويض هذا النقص؟

ردت بقولها: السوريون كالماء يخلقون الحياة لأي مكان ينتشرون به، ولأن الظروف في سوريا حدت من سفر الفنانين السوريين في الداخل عمد الفنانون السوريون في أوروبا الى دمج نشاطاتهم الفنية مع أصدقائهم الفنانين من الداخل السوري من خلال استقطاب أعمالهم الفنية ومشاركتهم سويةً في معارض جماعية أو ملتقيات فنية، هادفين بذلك مساعدة فنانين الداخل بالانتشار لتسويق أعمالهم والترويج لأسمائهم.

سلام كفنانة وامرأة ترفض العنف المجتمعي وظواهر التحرش للسيطرة على هذه الظاهرة التعسفية الظالمة تقترح بضرورة التوعية عبر الهيئات التربوية والتفاعلات الاجتماعية والإعلام "فنحن أمة تفتقر للوعي اللازم في مجتمعاتنا ولا بد من التوعية الايجابية الذي يبدأ من التربية الصحيحة والتنشئة السليمة بالقيم والمبادئ واحترام المرأة. ولا بد من تطبيق قوانين صارمة متعلقة بجزاء الممارسين للعنف ضد المرأة حتى تحد من انتشار هذه الظاهرة."

تختم سلام القطيفان حديثها بأنها على تواصل مع المشهد السوري بالداخل وتقول: "أنا متابعة جيدة للحركة الفنية في الداخل السوري من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ولدي الكثير من الأصدقاء الفنانين المخضرمين في ساحة الفن التشكيلي السوري. وأرى هذه الحركة معاصرة شأنها شأن مثيلاتها في العالم العربي والعالم وهي من أكثر المنتجات الثقافية تفاعلاً وحضوراً في مساحة العروض الفنية والأكثر تميزاً في معابر التواصل البصري كافة".