واشنطن - أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، واصفا إياه بأنه "كارثي"، واعادة العمل بالعقوبات على طهران.
وقال في كلمة متلفزة ألقاها في البيت الأبيض "أعلن اليوم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني" الذي وقع مع القوى الكبرى في العام 2015.
وأضاف ترامب "بعد لحظات، سأوقع أمرا رئاسيا للبدء بإعادة العمل بالعقوبات الأميركية المرتبطة بالبرنامج النووي للنظام الإيراني. سنفرض أكبر قدر من العقوبات الاقتصادية".
ونبه إلى أن "كل بلد يساعد إيران في سعيها إلى الأسلحة النووية يمكن أن تفرض عليه الولايات المتحدة أيضا عقوبات شديدة".
وقال ترامب أيضا "لدينا اليوم الدليل القاطع على أن الوعد الإيراني كان كذبة"، مشددا على أن طهران تستحق حكومة "أفضل".
وأكد أن "مستقبل إيران ملك لشعبها" وأن الإيرانيين "يستحقون أمة تحقق احلامهم وتحترم تاريخهم".
وبهذا الاعلان يكون ترامب قد نفذ تهديده ووعده الانتخابي متجاهلا كل التحذيرات الأممية والدولية، ما يؤشر على مرحلة جديدة من التوتر مع الشركاء الأوروبيين الموقعين على الاتفاق ومع الصين وروسيا المعارضتان لإنهاء الاتفاق النووي.
وفي أول رد غيراني رسمي على قرار الرئيس الأميركي، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني مساء الثلاثاء أنه لن يسمح لترامب بممارسة أي ضغوط نفسية أو اقتصادية على الشعب الإيراني، بعد انسحابه من الاتفاق النووي.
وقال روحاني إن "قرار ترامب الليلة ينسجم مع سجل أميركا في خرق الاتفاقيات الدولية. بهذا القرار تقر أميركا بأنها دولة لا تحترم الاتفاقيات الدولية ".
وشدد على أن "إيران التزمت بكل تعهداتها بموجب الاتفاق النووي"، متهما الولايات المتحدة بأنها "دولة داعمة للإرهاب والتاريخ الحديث يشهد على ذلك".
وأشار إلى أن الاتفاق لم يكن مع الولايات المتحدة فقط ولكنه كان اتفاقا دوليا صادق عليه مجلس الأمن الدولي بالقرار رقم 2231 .
وتابع "أطمئن الشعب الإيراني بأن الحكومة استعدت لكافة الظروف"
وقال أيضا "اتخذنا جملة من القرارات الاقتصادية تحسبا لهذا القرار الأميركي.. سنعمل على مواجهة أي تداعيات اقتصادية للقرار كي لا يتأثر شعبنا"، مضيفا "سنقوم بالتخصيب الصناعي في المستقبل دون أي قيود إذا اقتضت الحاجة".
وكانت إيران قد لوحت في وقت سابق قبل قرار ترامب بالعودة لتخصيب اليورانيوم بمستويات عالية ضمن حدود البرنامج النووي السلمي.
وكرر الاتحاد الاوروبي دعمه للاتفاق النووي الايراني في محادثات اللحظة الأخيرة مع طهران الثلاثاء قبل ساعات من اعلان الرئيس الأميركي قراره بشأن الانسحاب من الاتفاق الموقع في العام 2015.
والتقى مسؤولون في بريطانيا والمانيا وفرنسا والاتحاد الاوروبي نائب وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي في بروكسل "وانتهزوا هذه الفرصة لتكرار دعمهم للتطبيق الكامل والفعال للاتفاق من قبل جميع الاطراف" كما قال الاتحاد في بيان.
وأفاد مصدر في وزارة الخارجية الألمانية أنه من المهم استمرار المحادثات في الأيام المقبلة لتفادي "تصعيد لا يمكن التحكم فيه" بعد قرار ترامب.
وهذا الاجتماع جزء من "عمل مكثف" في محاولات للحفاظ على الاتفاق النووي الذي تضمن رفع العقوبات عن طهران في مقابل انهائها برنامجها النووي العسكري حتى لو انسحبت الولايات المتحدة منه.
والمانيا وأوروبا وفرنسا هي الدول الأوروبية الثلاث التي وقعت الاتفاق وبذلت جهودا لإقناع ترامب بالتزامه.
وكانت مصادر في الاتحاد الاوروبي قد ذكرت في وقت سابق بأنها ابلغت مسبقا بأن ترامب سينسحب من الاتفاق، لكنها لم تحصل على تفاصيل كاملة.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد ذكرت أن ترامب قرر أن يعيد دفعة واحدة العمل بكل العقوبات التي سبق أن رفعتها واشنطن مقابل التزام إيران عدم السعي إلى امتلاك سلاح نووي، لكن البيت الأبيض نفى صحة ما نشرته قبل ان يخرج ترامب ليؤكد الانسحاب من الاتفاق ويوقع أمرا رئاسيا بإعادة فرض العقوبات على إيران.
وقبل قرار ترامب، كان قصر الاليزيه قد نفى أن يكون الرئيس الأميركي قد أبلغ نظيره الفرنسي امانويل ماكرون في محادثات هاتفية الثلاثاء بقرار الانسحاب الأميركي من الاتفاق.
ويقول كل الموقعين الآخرين على الاتفاق الذي يصفونه بأنه "تاريخي" إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تقوم بعمليات تفتيش في ايران تؤكد بانتظام التزام طهران ببنود الاتفاق الهادف لضمان الطابع السلمي للبرنامج النووي الايراني.
تداعيات دولية واسعة
ومن شأن قرار ترامب اعادة فرض عقوبات على إيران، أن يخلف تداعيات دولية واسعة بالغة الخطورة، إذ سيزيد صعوبة الاقتصاد الايراني المنهك أساسا ويصعد التوترات في الشرق الأوسط ويوسع الخلاف بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.
ومن المتوقع أيضا أن يلقي قرار ترامب بظلال ثقيلة على جهود انهاء البرنامج النووي الكوري الشمالي.
ويرجح أن يهز الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران ثقة كوريا الشمالية في أي محادثات مع الولايات المتحدة فيما يجري الترتيب لعقد لقاء تاريخي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي.
وتبدو بيونغيانغ أقل ثقة في الالتزام الأميركي بأي اتفاق قد يبرم في المستقبل لحل الخلافات حول برنامجي كوريا الشمالية النووي والصاروخي.
ويعيد قرار ترامب خلط الأوراق مجددا خاصة بالنسبة للشركاء الأوروبيين الذين سارعت شركاتهم في 2015 لإبرام عقود ضخمة مع طهران.
وجازفت العديد من الشركات الأوروبية بإبرام اتفاقيات مع طهران في قطاعات حيوية كالنقل الجوي والطاقة و البنية التحتية.
واعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران من شأنه أن يلحق ضررا بالغا بتلك الشركات التي ضخت أو أبرمت عقودا لضخ استثمارات هائلة في السوق الإيرانية.