بروكسل – أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، ردود فعل دولية اتفقت في مجملها على مواصلة الالتزام بالاتفاق حتى دون الولايات المتحدة.
قال الاتحاد الأوروبي إنه سيلتزم بالاتفاق النووي الإيراني رغم قرار الولايات المتحدة الانسحاب منه مضيفا أنه سيضمن ألا تتعرض طهران لأي من العقوبات الأوروبية التي رفعت بموجب الاتفاق المبرم عام 2015.
وأضافت حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد، وهي 28 دولة، في بيان "طالما واصلت إيران تنفيذ التزاماتها النووية، فإن الاتحاد الأوروبي سيظل ملتزما بالتنفيذ الكامل والفعال للاتفاق النووي. رفع العقوبات المتعلقة بالشؤون النووية جزء ضروري من الاتفاق، يؤكد الاتحاد الأوروبي التزامه بضمان استمرار هذا".
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلاثاء، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، واصفا إياه بأنه "كارثي"، وإعادة العمل بالعقوبات على طهران.
ونفذ ترامب بهذا الإعلان تهديده ووعده الانتخابي متجاهلا كل التحذيرات الأممية والدولية، في خطوة قد تفتح مرحلة جديدة من التوتر مع الشركاء الأوروبيين الموقعين على الاتفاق ومع الصين وروسيا المعارضتان لإنهاء الاتفاق النووي.
قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، الأربعاء إن الاتفاق النووي الإيراني "لم يمت" رغم قرار الرئيس الأميركي الانسحاب منه مضيفا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيتحدث في وقت لاحق اليوم مع نظيره الإيراني حسن روحاني.
وأضاف لو دريان لراديو (ار.تي.ال) الفرنسي إن بلاده تريد التمسك بالاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع ست قوى عالمية عام 2015 والذي يقول إن إيران التزمت به.
وتابع أن اجتماع ماكرون سيعقبه محادثات رفيعة المستوى بين الإيرانيين وبريطانيا وألمانيا بالإضافة إلى فرنسا. وستعقد اجتماعات كذلك مع شركات مثل توتال النفطية وغيرها من الشركات والكيانات الاقتصادية الكبرى العاملة في المنطقة.
وقال "هذا الاتفاق لم يمت. هناك انسحاب أميركي من الاتفاق لكن الاتفاق ما زال موجودا".
وأضاف "المنطقة تستحق ما هو أفضل من المزيد من الاضطرابات التي يثيرها الانسحاب الأميركي. لذلك نريد التمسك به وأن نضمن تمسك إيران كذلك به وأن تمارس ضبط النفس".
ويهدف الاتفاق إلى تسهيل التبادلات الاقتصادية مع إيران لقاء تعهدها وقف نشاطاتها النووي لكن الشركات الأوروبية يمكن إن تعدل عن الاستثمار في هذا البلد بعد إعادة فرض العقوبات الأميركية.
قال وزير الخارجية الألماني هايكو،الأربعاء، إن بلاده تريد الإبقاء على اتفاق نووي مع إيران لأن الرئيس الأميركي لم يقدم بديلا لمنع الجمهورية الإسلامية من صنع أسلحة ذرية.
وقال ماس في مؤتمر صحفي "الاتفاق قائم. نريد الإبقاء على القيود وقواعد الشفافية".
وأضاف "خاصة أن من غير الواضح على الإطلاق ما هو التصور التي تراه الولايات المتحدة بديلا للاتفاق الذي يمنع إيران من تطوير أسلحة نووية ويضمن القدرة على التحقق من التزامها".
أردوغان: أميركا ستخسر
ومن جهته انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، قرار الرئيس الأميركي الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وقال إن الولايات المتحدة هي التي ستخسر جراء ذلك.
وقال أردوغان "الولايات المتحدة ستكون الخاسرة إذا لم تلتزم اتفاقاً وقعته".
وأضاف في التصريح الذي نقلته وكالة أنباء "الأناضول"، "لا يمكنكم الانسحاب من اتفاقات دولية عندما يحلو لكم الأمر".
مساء الثلاثاء، كتب المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين على تويتر إن "الانسحاب الأحادي للولايات المتحدة من الاتفاق النووي هو قرار سيتسبب بعدم الاستقرار وبنزاعات جديدة".
وتقيم تركيا علاقات تتسم بالبراغماتية مع إيران ويعمل البلدان على تنمية المبادلات التجارية والسياحية بينهما والتعاون في الملف السوري رغم تعارض مواقفهما.
وتتسم علاقات تركيا مع واشنطن بالتوتر بسبب الخلاف حول الملف السوري بشكل خاص.
رفع اتفاق عام 2015 بين الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وروسيا والصين وإيران العقوبات المفروضة على إيران في مقابل كبح برنامجها النووي. ووضعت صياغة الاتفاق بحيث تمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.
روسيا والصين ملتزمان
وبقيت روسيا والصين على موقفهما من الاتفاق بتجديد الالتزام به والدعوة لحمايته رغم القرار الأميركي .
أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن بلاده ستظل ملتزمة بخطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني، حتى لو انسحبت منها الولايات المتحدة.
ورداً على سؤال عما إذا كانت موسكو ستبقي على التزامها بالاتفاق النووي الإيراني رغم انسحاب واشنطن منه، قال لافروف "نعم"، بحسب وكالة "سبوتنيك" الروسية.
وتعقيباً على الانسحاب الأميركي من الاتفاق المبرم بين إيران والدول الكبرى، نقلت وكالات أنباء روسية عن ألكسندر جروشكو القائم بأعمال نائب وزير الخارجية الروسي قوله، الأربعاء، إن وزيري خارجية روسيا وألمانيا سيجتمعان في موسكو لبحث تطورات الوضع المتعلق بالاتفاق النووي الإيراني.
وكان هايكو ماس وزير خارجية ألمانيا قال، الثلاثاء، إن ألمانيا ستحاول الإبقاء على الاتفاق النووي الإيراني الذي تم إبرامه عام 2015 رغم إعلان الرئيس الأميركي انسحاب الولايات المتحدة منه.
دعت الصين الأربعاء إلى حماية الاتفاق النووي الإيراني رغم إعلان الولايات المتحدة انسحابها من الاتفاق النووي الإيراني والذي أعربت بكين عن "الأسف" إزاءه.
وشدد المتحدث باسم الخارجية الصينية جينغ شوانغ ان بكين وهي من بين الدول الموقعة على الاتفاق في 2015 دعت "كل الأطراف إلى التحلي بالمسؤولية" من أجل "العودة في أسرع وقت" إلى احترام نص "يساهم في حفظ السلام في الشرق الأوسط".