نحن أمة لا تمتلك ثقافة الأختلاف مع الآخر ..

آخر تحديث 2018-06-04 00:00:00 - المصدر: وكالة الحدث الاخبارية

    لا شك في ان عامل الاختلاف صفة كونية إبتداءاً من ثنائية الخلق بين الذكر والأنثى الى اختلاف الليل والنهار . فالحياة برمتها ثنائية بين السالب والموجب الا إِننا منذ سِفر التكوين والبعث أمة في أغلب أحوالها تفتقد إلى ثقافة الاختلاف مع الأخر وللآن لم نزل مكبلين بفكرة ان لم تكن معي فأنت ضدي . على اني أؤكد أن لا أحد يمتلك الحقيقة المطلقة ولا سبيل في دحض او مواجهة هذه الثقافة التي تجذرت في حياة أهل أمتي من استبداد الى عنف وقمع الى التسلط ومصادرة حرية الآخر ذلك لأننا لانملك سبيل او فكراً آخر غير الذي تجذر فينا ونظل نستميل تزويق الطريقة التي نريد عبرها طرح حزمة معاني مايوافق اهوائنا وما جبلنا عليه في تقويض لمعنى صيرورة التكوين والتمايز ونظل هكذا نتخبط مثل ذلك الذي تشابكت عليه الأمور فتجاوز المعلوم الى المفهوم وراح يطرح المفهوم من المفهوم في شئ من عقم فلسفة فارغة تظل في حد ذاتها فلسفة هرطقية وتعظيم كلام غير ذي جدوى بل ان اطلاق صفة فلسفة الاختلاف هنا هو في حد ذاته إشكال فلسفي لأننا أصلاً نحتاج إلى استيعاب ثقافة الاختلاف لا الخلاف ونتجنب حوارات محملة بأعباء نفسية وضغوطات عصبية على طريقة خذوهم بالصوت بل نريد الأنصاف والميل للأعتدال وتقبل الرأي والرأي الآخر وبناء ثقافة حوار متكافئ ابتداء من البيت والأسرة اولاً ومن ثم تصحيح المناهج المدرسية التدريسية وخاصة درس التأريخ العقيم وتجاذبات الأسلاف المعمدة بالدم والسبايا وإستبداله بدروس تربوية علمية بنائة مواكبة لحركة الزمن وتنامي علومه الأنسانية والمعرفية وبالتالي نحتاج إلى إعادة صياغة أسس الحوار السليم في محيطنا الأسري وتفعيل ذلك من خلال الأنشطة الأعلامية  والفنية المسرحية ودراما تلفزيونية هادفة ومحاولة إشراك الأطفال في حوار الكبار والتذليل من حدت الحرج والأحراج أمام اسألتهم المنطقية وخاصة تلك الأسألة التي تتعلق بالمسألة الحسية في فسلجة الحياة وعلاقة الرجل بالمراة وغير ذلك من سبل المعرفة والنهوض بواقع حال مجتمع بلاد تكاد تنعدم فيه اهم اركان أساليب المناقشة الإيجابية . وأؤكد على موضوع تربية الطفل لبنة ونواة المستقبل . ولمن مقامه لا يعجبه رأيي اقول تعال واجلس معي وحاورني شرط أن لا نبخس حق الآخر في الدفاع عن رأيه واجتهاده ونمتثل الى قول الأمام الشافعي "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب" وقديما قيل الناس فيما يعشقون مذاهب فليس كل ما نؤمن وما نعتقد نحن فيه ضرورة ان يكون الآخرين على نفس الاعتقاد والإيمان . على اني أقر في ان الحداثة والأيديولوجيات المختلفة زادت من وجود ظاهرة الأختلافات الفكرية على عدة مستويات فكرية وثقافية وعلمية وبالتالي إذا أرادت الفلسفة الميثولوجية العربية الأسلامية أن تقدم شيئا ذا قيمة في معنى الأختلاف والخلاف فعليها أن تتأكد من حقيقة التشظي والانشطار وتعدد المعتقدات والموارد الثقافية عامة إيماناً بقوله تعالى (وخلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) وأشترط هنا ادراك مفهوم كينونة وجودنا كمعطي انتولوجي يتماها واسباب وجودنا الإنساني وبالتالي نرغم الخطاب التقليدي على الانفتاح وقبول الأختلاف والرأي الأخر ولا يفوتني ان واحد من اكبر مسببات الخلاف هو الأنقسام داخل الدين الواحد وتعنت الأديان السماويه الثلاث في العالم في الأصرار على نهج طرائق منفصلة منغلقة عقيمة تمقت الأخر اسهمت في استشراء ظاهرة العنف الكوني من خلاف وتناحر قومي وديني منذ فجر انبثاقها ودعوتها لذا بات من الضروري جداً إحقاق مبدأ التسامح في ضوء التعددية الدينية وأخضاع الدين لمبدأ قانون الدولة وشرعنة فلسفة حياة تسامحية جديدة وهذا لا يأتي الا بفصل الدين عن الدولة .