تحرير - سالي إسماعيل:
مباشر: من المحتمل أن تكون الإشارات المبكرة بشأن التحول الهبوطي للطلب على النفط تكبل أيدي منظمة أوبك، لكن كذلك زيادة إنتاج الخام يحمل مخاطر، وفقاً لرؤية تحليلة نشرها موقع "أويل برايس".
وتبحث منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وروسيا زيادة إنتاج النفط في غضون الأسابيع القليلة المقبلة مع التركيز على نقص الإمدادات في فنزويلا إضافة إلى إمكانية حدوث إضطرابات في إيران.
كما تلوح في الأفق احتمالية هبوط الطلب على الخام بالنسبة للمنظمة وشركائها.
وكان هناك توقعات إيجابية من خبراء النفط بشأن نمو قوي للطلب على النفط خلال العام الحالي، لكن مؤخراً تراجعت هذه الآفاق المتفائلة، وهو ما يرجع إلى ارتفاع أسعار الخام إلى أعلى مستوياتها في أكثر من 3 سنوات.
وعلى سبيل المثال، قامت وكالة الطاقة الدولية خلال مايو بخفض تقديراتها لنمو الطلب على الخام لعام 2018 من 1.5 مليون برميل يومياً إلى 1.4 مليون برميل يومياً.
لكن قائمة متزايدة من الإشارات الأخرى قد تسبب بعض القلق لـ"أوبك" وربما تؤدي في نهاية المطاف لدفع الأعضاء المنتجة للخام بالمنظمة تجاه الاتفاق على زيادة الإنتاج النفطي.
وتأثرت البرازيل سلباً من إضراب سائقي الشاحنات جراء ارتفاع تكاليف الوقود.
وتفاقمت تكاليف الإنفاق مع حقيقة أن عملة البرازيل "الريال" تراجعت بشكل كبير في العام الحالي مما زاد خسائر سائقو الشاحنات.
وساهم إضراب سائقي الشاحنات في البرازيل في تأثيرات سلبية للغاية بالقطاع الزراعي كما أدى إلى نقص في مجموعة واسعة من السلع الأساسية، وبالتالي فإنه من المتوقع أن يتضرر الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بشكل كبير.
وأعقب هذه الاحتجاجات إضراب عمال النفط والتي تسببت في إغلاق مؤقت لسلسلة من مصافي التكرير.
وعبر العمال إضافة إلى سائقي الشاحنات وفئات أخرى في أنحاء البرازيل عن استيائهم كما طالبوا بوضع حد للتسعير القائم على السوق للبنزين ووقود الديزل الذي تم إدخاله منذ عدة سنوات مضت.
وعلى الرغم من أن العودة إلى آلية التسعير التي تتحكم فيها الحكومة هي أمر جيد بالنسبة للمستهلكين لكنها مكلفة للحكومة والشركة المملوكة للدولة "بتروبراس".
وتعاني شركة النفط البرازيلية "بتروبراس" من ديون متصاعدة لكنها إذا اضطرت إلى تحمل تكاليف أسعار الوقود الحكومية فقد تعاني من تراكم التزامات إضافية.
وتعتبر البرازيل هي المثال الأبرز على التأثيرات السلبية التي سيواجهها المستهلكون حين ترتفع أسعار النفط بوتيرة كبيرة في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن.
وتوجد علامات مماثلة من الغضب في جميع أنحاء العالم، حيث ذكرت شبكة "بلومبرج" أن هناك خططاً حول إجراء تغييرات في أسعار الوقود في الهند وتايلاند وفيتنام وإندونيسيا.
ورغم اختلاف ردود الفعل في الدرجة والنهج لكن في جميع أنحاء العالم يوجد اضطرابات بشأن ارتفاع تكلفة الطاقة.
ولن تتجاهل أوبك والمنتجون للخام من غير الأعضاء هذه التطورات خلال اجتماعهم المقبل في فيينا يوم 22 يونيو الحالي.
ومن المرجح أن يؤدي الإبقاء على خفض إنتاج الخام كما هو لبقية عام 2018 - وهي الخطة المتفق عليها منذ فترة طويلة - إلى خطر تشديد أسواق النفط مع احتمالية صعود أسعار النفط تجاه 100 دولار للبرميل، وهو الأمر الذي من شأنه أن يشكل ضغوطاً على الوضع الاقتصادي.
وفي نهاية المطاف، سيؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى تحول الطلب على الخام للاتجاه الهبوطي، وهو تطور من المرجح أن يترك نتائج عكسية على "أوبك".
ومع ذلك، فإن الوجه الآخر لذلك هو أن أوبك قد تواجه مخاطر حال اتخاذها قرار بشأن زيادة الإنتاج النفطي.
في حين أن المخاوف الخاصة المتعلقة بالوقود باتت أكثر وضوحاً على أرض الواقع، فإن بيئة الاقتصاد الكلي تظهر بعض إشارات الاضطراب.
وكانت بيانات حديثة كشفت أن مؤشر "ماركت" لمديري المشتريات التصنيعي العالمي يشير إلى أن النشاط الصناعي العالمي عند أدنى مستوياته في 9 أشهر، وهو ما يعكس إلى حد كبير تراجع التجارة العالمية إلى أضعف مستوى في أكثر من عام ونصف العام.
وفي الوقت نفسه، أشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن ثقة المستثمرين في منطقة اليورو عند أدنى مستوياتها في عدة سنوات، وهو انعكاس للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فضلاً عن الاضطراب السياسي في إيطاليا الأمر الذي سلط الأضواء على العملة الأوروبية الموحدة مرة أخرى.
وكان اليورو تراجع أدنى مستوى 1.16 دولار في الشهر الماضي مع التوترات السياسية والتجارية.
وباختصار، فإن نمو الاقتصاد العالمي "يبدو هشاً بعض الشيء".
جميع ما سبق يضع "أوبك" في موقف صعب، حيث أنها إذا أبقت اتفاقية خفض الإنتاج دون تغيير فإن أسعار النفط قد تشهد ارتفاعاً قوياً.
ومن الناحية التاريخية، تساهم أسعار النفط المرتفعة في تباطؤ النمو الاقتصادي، لذا فإن منظمة أوبك تواجه خطر أن تكون نواة التباطؤ الاقتصادي وهو الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى تراجع أسعار الخام.
لكن أوبك تواجه أيضاً مخاطر من خلال زيادة الإنتاج كذلك، ويكمن الخطر في أن الاقتصاد العالمي يشهد تباطؤاً على أي حال، في حين أن المنظمة تعمل على زيادة الإنتاج في نفس الوقت الذي تشهد فيه الدورة الاقتصادية مرحلة متباطئة.
وبينما صعود الإمدادات سوف يخفض سعر النفط وبالتالي يقلص حدة الآثار السلبية للدورة الاقتصادية الهبوطية، فإن أوبك ستقوم بضخ مزيد من المعروض في الوقت الذي يحتاج فيه السوق إمدادات أقل، وهو ما قد يهبط بالأسعار لمستويات تقل كثيراً عما يحتاجه المنتجون.
ونتيجة لذلك فإنه لا توجد إجابات واضحة أو سهلة بالنسبة لمنظمة أوبك وروسيا عندما يجتمعون عقب أسبوعين.