في مثل هذا اليوم قبل عام (١٠ تموز ٢٠١٧) حبس العالم انفاسه بانتظار "بيان النصر" الذي اُعلن من معقل داعش الرئيس في الموصل حيث الأحياء القديمة وجاء فيه الأهم وهو اندحار التنظيم نهائيا، بعد معارك عنيفة دامت عدة اشهر رسمت خلالها القوات العراقية بمختلف صنوفها أبهى صور الشجاعة والانضباط والتخطيط الذي كان مثار إعجاب دولي سيما ادوار التنسيق والمناورة بين الاجهزة الأمنية وقوات الحشد الشعبي.
عسكريا، تعد معركة الموصل التي انطلقت رسميا في (١٧ تشرين الاول ٢٠١٦) من أوسع المعارك البرية، حيث تصاعدت احداثها وسط التجمعات السكانية الهائلة وكانت حروب الشوارع جزؤها الاكبر، وفيما رسمت خططها بعقلية عراقية محضة جمعت بين طرائق مواجهة العصابات ومجهودات إنقاذ الانسان وتعطيل استراتيجيات التنظيم المتغيرة، شهدت تميز الحشد بأداء مهام قطع طرق الإمداد وتوفير أغطية نارية وصولا للحدود السورية.
لم تكن الموصل نقطة تحول ميدانية وبداية الانكفاء “الداعشي” فحسب بل مثلت مرتكز المواجهة الكونية ضد التنظيمات الاجرامية ونسخة مغايرة عن مثيلاتها في الحروب التقليدية، خاصة وانها جرت في مدينة تجّمع فيها ذباحو التنظيم من كل حدب وصوب واستغلت طاقاتها البشرية والاقتصادية والجغرافية في تأسيس شبه وحدات ادارية وخنادق وانفاق، علاوة على زج مئات الانتحاريين لصد الزحف الذي بدى في اتجاهين نحو احياء المركز واخر باتجاه غرب محافظة نينوى.
بعودة الموصل كان العراق على موعد مع تبييض نحو ثلث خارطته التي اتشحت بالسواد، اذ خسر التنظيم فيها "عاصمته" وما سماها بـــ "ارض التمكين" ليقر منهزما ان المدينة تحولت الى "ارض الخذلان" في أعقاب معارك طويلة هي الأعنف منذ الحرب العالمية الثانية، بحسب مختصين، الامر الذي يبعد شبح تكرار سيناريو حزيران 2014 بعد ان وجدت البلاد ضالتها وخلقت لها الظروف القاسية وغزارة التضحيات قوة مستدامة لا يمكن التفريط بها.
2018-07-10