داعياً إلى تجنب العنف ...
أبدى المرجع الديني الأعلى لشيعة العراق، علي السيستاني، تأييده للاحتجاجات التي تشهدها البصرة منذ نحو خمسة أيام.
يأتي هذا في وقت تتواصل فيه الاحتجاجات الغاضبة في البصرة للمطالبة بتوفير الخدمات الأساسية وتوظيف العاطلين عن العمل لاسيما في شركات النفط.
وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد المرجع السيستاني في خطبة الجمعة بمدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم، إن محافظة البصرة الجنوبية ومحافظات أخرى تشهد هذه الأيام احتجاجات شعبية للتعبير عن مطالب مواطنيها الذين يعانون من سوء الخدمات العامة والانقطاعات الطويلة للطاقة الكهربائية رغم ارتفاع درجات الحرارة وعدم توفر المياه الصالحة للشرب وللاستخدامات الأخرى، إضافة إلى انّتشار البطالة وقلة فرص العمل وعدم كفاءة معظم المؤسسات الصحية مع ارتفاع في الإصابات المرضية الخطيرة.
المحاصصة والفساد
وأكد التضامن مع المحتجين في مطالبهم العادلة وحقوقهم المشروعة قائلاً: «لا يسعنا إلا التضامن مع أعزائنا المواطنين في مطالبهم الحقة مستشعرين معاناتهم الكبيرة ومقدرين أوضاعهم المعيشية الصعبة وما حصل من التقصير الواضح من قبل المسؤولين سابقا ولاحقاً في تحسين الأوضاع وتقديم الخدمات لهم، بالرغم من وفرة الإمكانات المالية حيث لو أنهم أحسنوا توظيفها واستعانوا بأهل الخبرة والاختصاص في ذلك وأداروا مؤسسات الدولة بصورة مهنية بعيداً عن المحاصصات والمحسوبيات ووقفوا في وجه الفساد من أية جهة أو حزب أو كتلة لما أصبحت الأوضاع مأساوية كما نشهدها اليوم».
وأضاف معتمد المرجع الأعلى، قائلاً، إن «كل ذلك يحدث على الرغم من البصرة هي الأولى في توفير الموارد المالية للبلاد من خلال نفطها والأولى في عدد الشهداء والجرحى الذين سقطوا في المعارك ضد تنظيم داعش الإرهابي دفاعاً عن العراق ومقدساته، ولذلك فإنه ليس من الإنصاف والقبول أن تكون هذه المحافظة المعطاء من أكثر محافظات البلاد بؤسًا ومعاناة من شظف العيش ويعانون من انتشار الامراض والأوبئة الخطيرة فيما لايجد شبابها فرصًا للعمل بما يناسب إمكاناتهم ومؤهلاتهم».
الاستعانة بالخبراء والكفوئين
وشدد على الحكومتين المركزية في بغداد والمحلية في البصرة بضرورة التعامل بجدية مع مطالب المواطنين والعمل على تحقيق مايمكن منها بصورة عاجلة ووضع برنامج مدروس لحل المشاكل القائمة هناك.
وأكد على ضرورة اتباع سياسة حازمة وشديدة مع الفاسدين ومنع استحواذهم على موارد البلد بأساليبهم الملتوية، داعياً إلى الإستعانة بالخبراء والكفوئين من المخلصين الذين لايجاملون على حساب الحقيقة للوصول إلى حلول جذرية للأزمات الراهنة بعيدا عن اختلاق الذرائع والمبررات لتحميل الآخرين مسؤولية ما جرى ويجري منذ سنوات طوال على أهل هذه المحافظة من الأذى والمعاناة.
وأشار إلى أنّ سكان البصرة الذين يزيد عددهم على المليوني نسمة قد جربوا مختلف الكتل السياسية في إدارة محافظتهم ولم يجدوا تقدماً في أوضاعهم بل ازدادوا بؤساً.
وناشد المواطنين المحتجين بأن لاتبلغ فيهم النقمة من سوء الأوضاع اتباع أساليب غير سلمية وغير حضارية في التعبير عن احتجاجاتهم، وأن لايسمحوا للبعض من غير المنضبطين أو ذوي الأغراض الخاصة بالتعدي على مؤسسات الدولة والأموال العامة أو الشركات العاملة بالتعاقد مع الحكومة العراقية ولاسيما أن كل ضرر يصيبها سيعوض من أموال الشعب نفسه.
تجدد الاحتجاجات
واليوم الجمعة، تظاهر المئات من المواطنين بالقرب من ميناء أم قصر الواقع جنوب غربي البصرة للمطالبة بتحسين الواقع الخدمي وإيجاد فرص عمل للعاطلين وقاموا بمنع مرور الشاحنات عبر الطريق المؤدي إلى الميناء.
وطالب المتظاهرون بايجاد فرص عمل للعاطلين منهم ومعالجة مشكلة الانقطاعات في التيار الكهربائي والزيادة الكبيرة في ملوحة المياه وتوفير الخدمات الأساسية لأبناء المحافظة. وأكدوا أنهم سيواصلون التظاهرات والاعتصامات في بوابة الموانئ لحين تحقيق مطالبهم.
وتشهد البصرة منذ خمسة أيام تظاهرات احتجاج واسعة ضد النقص في الخدمات الأساسية وتفشي البطالة، حيث تصدت الشرطة للمتظاهرين بالرصاص، ما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة آخرين بجروح. وقد امتدت الاحتجاجات خلال اليومين الأخيرين إلى محافظات جنوبية أخرى ما ينذر بتوسع الاحتجاجات واتخاذها منحى عنفيا.
وأدت التظاهرات إلى قطع الطرق وتوقف حركة الموظفين في الشركات النفطية ومركبات المدنيين في مواقع هذه الشركات وفي منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران احتجاجاً على تردي الخدمات وانعدام فرص العمل.
وفي وقت سابق اليوم، وصل رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إلى محافظة البصرة التي تشهد احتجاجات منذ أيام، قادماً من بروكسل، بعد مشاركته في اجتماع التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، في مسعى منه إلى تهدئة المظاهرات التي اندلعت منذ أيام احتجاجاً على سوء الخدمات وتردي الأوضاع المعيشية، خاصة وأن هذه المحافظة تعتبر الأغنى من بين المحافظات العراقية من حيث الاحتياطي النفطي، وتشكل صادرات النفط من البصرة أكثر من 65% من عائدات العراق، ومن شأن أي تعثر في الإنتاج أن يلحق ضرراً شديداً بالاقتصاد.
ويذكر أن اتفاقا سابقاً بين وزارة النفط والشركات النفطية يقضي بتشغيل 80 بالمائة من أبناء المحافظة في هذه الشركات، لكن يبدو ان هذا الاتفاق لا ينفذ ما ترك شباب المحافظة التي تعد عاصمة العراق الاقتصادية يعانون البطالة إثر وقف التعيينات في معظم المؤسسات الحكومية منذ ثلاثة أعوام، رغم انها تضم أضخم الحقول النفطية في البلاد، فضلاً عن خمسة موانئ تجارية نشطة ومنفذ حدودي بري مع إيران وآخر مع الكويت.
وتبلغ نسبة البطالة بين العراقيين رسميا 12 بالمائة، حيث تشكل شريحة العمر دون 24 عاما نسبة 60 بالمائة من سكان العراق البالغ 38 مليون نسمة، ما يجعل معدلات البطالة أعلى مرتين بين الشباب.