تمارس عمليات خطف واغتيال وابتزاز مالي منظمة
تكافح ميليشيات شيعية تابعة للحشد الشعبي وموالية لإيران، للحفاظ على نفوذها المسلح في محافظة صلاح الدين، التي يغلب العرب السنة على سكانها، فيما تحاول الحكومة احتواء أزمة أمنية فجرتها عملية اغتيال ضابط شرطة وشقيقه وزعيمين قبليين من قبل مسلحين في قضاء الدجيل جنوب المحافظة.
وكان قضاء الدجيل (60 كيلومتر شمال بغداد) شهد اشتباكات على خلفية عمليات الاغتيال التي طالت ضابط وشقيقه واثنين من شيوخ العشائر خلال الـ72 ساعة الماضية.
وافادت مصادر أمنية، مساء الأربعاء ، إن الجيش العراقي تدخل لفض اشتباكات نشبت بين عشائر قضاء الدجيل من جهة، والشرطة الاتحادية وميليشيات ‹عصائب أهل الحق› المنضوية في الحشد الشعبي من جهة أخرى .
وذكرت تلك المصادر ، أن مسلحين من العشائر قاموا في أعقابها بقطع الطريق الواصل بين بغداد وصلاح الدين.
مضيفة، أن قوات الجيش العراقي تدخلت لوقف الاشتباكات بين الجانبين والتي استمرت أكثر من ست ساعات.
وتشهد مناطق جنوب صلاح الدين، منذ شهور، عمليات ابتزاز مالي واغتيال منظمة تطال أبناء قبيلة الخزرج التي تنتشر في المنطقة.
وتقول مصادر محلية إن القبيلة تخطط للانخراط في حركة الاحتجاج العراقية ضد تفشي الفساد والبطالة وتردي الخدمات، فيما تطالب بجلاء الميليشيات الموالية لطهران عن مناطق انتشارها.
وتتهم الخزرج حركة عصائب أهل الحق وسرايا الخراساني، وهما مجموعتان مسلحتان مواليتان لإيران، بتنفيذ عمليات اختطاف واغتيال تطال النشطاء ووجوها قبلية في قضاء الدجيل.
ووفقا لمسؤولين محليين، فمنذ استعادتها من تنظيم داعش قبل نحو عامين، تسيطر ميليشيات مسلحة موالية لإيران على القرار الأمني في محافظة صلاح الدين، وتتحكم بعملية الدخول والانتشار المسلح في مركزها ومعظم أقضيتها، وتتدخل في شؤونها الإدارية والسياسية.
وتقول مصادر محلية إن وجهاء الخزرج يحثون أبناءهم على مساندة حركة الاحتجاج العراقية التي انطلقت قبل أسابيع في تسع محافظات عراقية وسط وجنوب البلاد.
واختطف مسلحون، يشتبه في أنهم من حركة سرايا الخرساني، اثنين من وجهاء الخزرج قبل أيام، لتعثر الشرطة على جثتيهما بعد ساعات في أحد مداخل صلاح الدين.
وفجرت هذه العملية غضب سكان أبناء المنطقة، فخرجوا يهاجمون مقار سرايا الخرساني وحليفتها العصائب، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات، مساء الأربعاء، تسببت في مقتل وجرح 10 أشخاص.
وحاولت حركة العصائب تعزيز وجودها المسلح في المنطقة باستقدام تعزيزات كبيرة، وسط تحذيرات سياسية من أن الاستمرار في القمع سيفجر ثورة أوسع.
كشفت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة صلاح الدين، الخميس، عن الجهود التي تبذل لاحتواء الازمة في منطقة الدجيل والتي نشبت اثر الاشتباكات بين مليشيا العصائب وقبيلة الخزرج .
وقال عضو اللجنة ، مهدي تقي، لـ(باسنيوز)، ان " ازمة الدجيل قد انتهى وعادت الأوضاع طبيعية كما في سابق عهدها " وفق قوله ، مبينا انه " تم تشكيل لجان حكومية من بغداد وأخرى محلية لانهاء المشاكل بين عصائب اهل الحق وقبيلة الخزرج".
وأضاف تقي، بالقول "هناك تدخل مباشر من رئيس تحالف الفتح هادي العامري وامين عالم عصائب اهل الحق قيس الخزعلي لاحتواء الازمة "، موضحا ان "هناك لجنة حكومية من بغداد وأخرى من الحكومة المحلية تبحث عن ملابسات واسباب المشكلة التي حدثت بين العصائب وقبيلة الخزرج".
وتخشى الميليشيات الموالية لإيران من أن تؤدي هذه الأزمة إلى زعزعة صورتها القوية وهيمنتها المطلقة، ما يفتح الباب على عملية تمرّد شعبي ضدها.
وكانت العشائر العربية في المناطق (المتنازع عليها) قد نعت بدورها ثلاثة من شيوخ عشائر مدينة الدجيل ، مؤكدة انهم قتلوا من قبل مسلحي مليشيا عصائب اهل الحق بعد ان تم خطفهم ، مطالبة محافظ صلاح الدين ورئيس مجلس المحافظة وكل القوى الأمنية العاملة ، بالكشف عن مرتكبي هذه الجريمة .
وأجبرت حركة عصائب أهل الحق، السلطات المحلية في الدجيل، على إعلان حظر للتجوال، مساء الأربعاء، لكن شهود عيان أكدوا أن أبناء قبيلة الخزرج لم يأبهوا به.
وتدخّل قائد قوات الحشد الشعبي، فالح الفياض، الذي يفترض أن تكون المجموعات المسلحة في صلاح الدين خاضعة لأوامره، لتهدئة سكان الدجيل، كما وعد بتسليم المتورطين في عملية الاغتيال إلى الجهات المختصة.
واستغل مسؤولو صلاح الدين هذه الحادثة للتذكير بالدور السلبي الذي تلعبه الميليشيات الموالية لإيران في محافظتهم، مطالبين بخروجها.
وأعلن محافظ صلاح الدين، أحمد الجبوري، أنه اجتمع “مع رئاسة الحشد الشعبي، وتم الاتفاق على سحب عدد من فصائل الحشد إلى خارج المحافظة”.
وطالب الجبوري في لقاء متلفز تابعته (باسنيوز) بخروج مليشيات الحشد من المحافظة خاصة مدينة سامراء (125 كم شمال بغداد) والتي تضم مزارات مقدسة عند الشيعة ، قائلا ان هذه المليشيات حولت المدينة الى سجن كبير وتضيق على السكان .
بدوره ، طالب رئيس مجلس محافظة صلاح الدين ، أحمد الكريم ، رئيس الوزراء حيدر العبادي بـ”إخراج جميع الفصائل المسلحة من المحافظة حفاظا على السلم العام”، مشيرا إلى أن “وجود الفصائل المسلحة داخل المدن يخلق أزمات متعاقبة من الصعب تجاوزها”.
ويقول مراقبون إن “رد الفعل العشائري في الدجيل ضد الميليشيات الموالية لإيران، وتجرّؤ الحكومة المحلية على المطالبة العلنية بجلائها، مؤشران على اختلال موازين القوى في صلاح الدين”.
ومن النادر أن تسمع اعتراضات عشائرية أو رسمية في صلاح الدين على تصرفات الميليشيات، بالنظر إلى سطوتها الكبيرة على القرار الأمني وأسلوب الترهيب الذي تتبعه لاستمرار سيطرتها.
ويحاول العبادي احتواء تطورات الدجيل المتزامنة مع حركة الاحتجاج الشعبي، التي أربكت أداء الحكومة.
وأرسل العبادي وزير الداخلية قاسم الأعرجي إلى المنطقة، الخميس، لمتابعة التطورات الميدانية، على رأس قوة أمنية كبيرة استعدادا لملء أي فراغ يخلفه انسحاب عناصر الميليشيات المسلحة.
ويقول مراقبون إن “تطورات الدجيل، ربما تمثل مقدمة لحراك عام في جميع المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات موالية لإيران، على غرار منطقة جرف الصخر جنوب غرب بغداد، ومنطقة الكرمة شمال شرق الأنبار، ومناطق واسعة في جنوب وغرب نينوى.
ويربط المراقبون بين توقيت هذه التطورات وتراجع معدل التمويل الإيراني الموجه للملف العراقي، إثر الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها طهران حاليا بسبب تشديد العقوبات الدولية ضدها، بسبب ملفها النووي ونشاطها الصاروخي وتدخلاتها في شؤون عدد من دول المنطقة.
وفي ظل عجز الحكومة عن احتواء الاحتجاجات المتصاعدة في مدن الجنوب العراقي بدأت شرائح اجتماعية عديدة في المدن التي صارت تخضع لنفوذ ميليشيا الحشد الشعبي تعبّر عن رغبتها في التحرر من القيود التي فرضتها سلطة الميليشيات المطلقة.