هاني حبيب يكتب: الحرب على غزة.. بين نتنياهو وليبرمان

آخر تحديث 2018-08-13 00:00:00 - المصدر: قناة الغد

لعل ما كشفته وسائل الإعلام الإسرائيلية مؤخراً حول ما جرى في اجتماع المجلس الوزاري المصغر “الكابينيت” لبحث احتمالات حرب رابعة على قطاع غزة ما يكشف عمق الأزمة التي يعاني منها الائتلاف الحكومي من ناحية، وقدرة الجيش الإسرائيلي على الردع والإقدام على مثل هذه الحرب من ناحية ثانية، فقد أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنّ وزير الحرب أفيغدور ليبرمان كان متحمساً خلال نقاشاته لشن حرب واسعة على قطاع غزة، إلاّ أنه ظل وحيداً في هذا الرأي الذي عارضه رئيس الحكومة وكافة أعضاء المجلس الآخرين، خاصة رئيس أركان الجيش “غنادي أيزنكوت” الذي استعرض عدة سيناريوهات وأثمان كلّ منها من ناحية خسائر الجيش الإسرائيلي البشرية وتوصل المجلس في نهاية اجتماعاته إلى أنّ شن حرب جديدة لن تُحسّن من وضع إسرائيل في المعادلة مع قطاع غزة، والخلاصة التي توصل اليها حسب ما تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية : لا بديل عن حركة حماس في هذه المرحلة!.

قبل الاجتماع المذكور، تناولت بعض مقالات الرأي الإسرائيلية حقيقة موقف نتنياهو من الإقدام على حرب على قطاع غزة، مشيرة إلى ضرورة العودة إلى نتائج الحروب السابقة في ظل إدارات نتنياهو المتعاقبة وجملة التحقيقات المتتابعة التي توصلت بشكلٍ عام إلى تآكل قدرة الجيش الإسرائيلي على الردع من ناحية، وأنّ من يتحمّل مسؤولية ذلك رئيس الحكومة الذي بات معنياً هذه المرة بألاّ يخضع من جديد لنتائج مشابهة إثر حربٍ جديدة تحمله مسؤولية الفشل، خاصة وأن إسرائيل مقدمة على انتخابات تشريعية قادمة سواء مبكرة أو عادية في وقت تتراجع فيه أسهم نتنياهو على ضوء سلسلة المحاكمات القضائية حول ملفات الفساد بالتوازي مع بروز أسماء جديدة مرشحة لتحل مكانه في قيادة الحزب وبالتالي رئاسة الحكومة القادمة نتنياهو إذاً يتمسك برأي قادة الجيش وخاصة قيادة الأركان والأجهزة الأمنية حول الحرب على غزة والداعمة لموقفه لأسباب تتعلق بمستقبله السياسي، أكثر من أي اعتبارٍ آخر حسب معظم أصحاب مقالات الرأي في إسرائيل.

في كواليس اجتماعات الحكومة كما اجتماعات الكابينيت، يوجّه نتنياهو انتقادات شديدة لوزير حربه ليبرمان، كون هذا الأخير أكثر المتشددين إزاء التركيز على ضرورة إفراج حركة حماس عن جثامين وأسرى إسرائيل لديها كشرط لأي تهدئة أو هدنة نتنياهو يعتبر هذا التركيز من قبل ليبرمان جزءً من حملته الانتخابية وأنّ ذلك من شانه أن يعرقل ويعقّد من إمكانية التوصل إلى تهدئة أو هدنة مع حركة حماس التي تشترط أولاً وقبل أي شيء آخر لبحث مسألة الأسرى للإفراج عن كل الأسرى الفلسطينيين الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم بعد الإفراج عنهم في إطار صفقة “شاليط” وهو أمر لا تستطيع أي حكومة في إسرائيل الاستجابة لهذا الشرط، ليبرمان يعلم ذلك لكنه يصر عليه لحسابات شخصية كما يرى نتنياهو والعديد من المستوى السياسي في إسرائيل.

مقربون من ديوان نتنياهو كشفوا لوسائل الإعلام الإسرائيلية عن مستويات الخلاف بين رئيس الحكومة ووزير حربه ليبرمان، ذكر هؤلاء أن الأخير كان قد قرر شن حرب على قطاع غزة في الثاني عشر من تموز / يوليو الماضي إلاّ أن نتنياهو اعترض على ذلك بحجة أن هذا يتزامن مع بدء امتحانات “البجروت” التي تعادل الثانوية العامة في الأقطار العربية، هؤلاء ينقلون على نتنياهو قوله عن ليبرمان أن هذا الأخير يتحدث بصوتٍ عال ويفعل عكس ما يقول ويضرب نتنياهو في ذلك مثلاً فقد قرر ليبرمان إغلاق معبر كرم ابو سالم إلاّ انه تراجع في اليوم التاني وقرر إدخال المحروقات والغاز إلى قطاع غزة، ومع أنّ نتنياهو نفى وجود أي علاقة متوترة مع وزير حربه مدعياً أنهما يتخذان القرارت بالتشاور فيما بينهما، إلاّ أن وسائل الإعلام الإسرائيلية لا تصدّق ما يقوله نتنياهو أيضاً بهذا الصدد وتنشر ما يتسرب خلال الاجتماعات إلى أن علاقة متوترة تجمع بينهما، معظمها حول كيفية التعامل مع قطاع غزة.

إلاّ أن العامل الحاسم إزاء هذه الخلافات بين نتنياهو وليبرمان حول شن حرب على قطاع غزة يتجاوز كل الأسباب المشار إليها أنفاً، ذلك أننا نرى أن تآكل قدرة الردع لدى الجيش الإسرائيلي وعدم ضمان نتائج إي حرب على غزة لصالح العدو الإسرائيلي هو العنصر الأهم في هذا الخلاف، ولو أن نتنياهو امتلك قناعة بقدرة جيشه على تحقيق انتصارٍ حاسم لما تردد لحظة واحدة في شن هذه الحرب، وما يجعله أكثر تردداً في شنها يعود في الأساس إلى عدم ثقته بقدرة الجيش الإسرائيلي على تحقيق الانتصار الحاسم.

أخبار ذات صلة