المشكلة ليست في فساد الأفراد بل في المنظومة بأكملها
قالت صحيفة (الاندبندنت) ، البريطانية في مقال للكاتب باتريك كوكبيرن نشرته، السبت، 8 سبتمبر/ أيلول، ان اضطرابات العراق سامه وقد تعدي المنطقة بأكملها، فيما بين ان النخبة السياسية التي تدير العراق، مصابة بهوس السرقة.
ورأى الكاتب في مقاله أن “أسباب الاحتجاجات التي تعصف بالبصرة منذ فترة واضحة، وهي أن العراق تحكمه نخبة سياسية مصابة بهوس السرقة، تدير أجهزة الدولة كآلة للنهب ”. واشار الكاتب إلى أن “الأزمة تأتي في وقت سيء على وجه خاص في العراق، حيث تعثرت الكتلتان السياسيتان الرئيسيتان في تشكيل حكومة بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في 12 مايو/ أيار الماضي”. مردفاً : “لكن حتى إذا تم تشكيل حكومة جديدة ، فإنها قد لا تكون قادرة على إحداث فرق يذكر، حيث يقول مراقبون إن وزراء كتلة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، التي احتلت المرتبة الأولى في نتائج الانتخابات على نحو غير متوقع، يواجهون اتهامات بالفساد كغيرهم من مسؤولي الأحزاب الأخرى، بحسب كوبيرن.
واشار الكاتب كوكبيرن الى ان “ المشكلة ليست في فساد الأفراد، وإنما في المنظومة بأكملها، حيث تُوزع الوزارات بين الأحزاب التي تستخدمها كمشروعات مدرة للأموال ومصادر للوظائف بالمحسوبية ”. وبين الكاتب انه “ بالرغم من أن كثيرا من العراقيين يريدون تغييرا جذريا ، إلا أن الوضع القائم يصعب اقتلاعه من جذوره، فهناك 4.5 مليون شخص يحصلون على رواتب من الحكومة، وبالتالي لديهم دافع لإبقاء الوضع على ما هو عليه ”. وحذر من أن “العراق سيظل على الأرجح رهن سوء الإدارة من حكومة ضعيفة ، بما يفتح الباب أمام العديد من المخاطر”، مبيناً ان “ تنظيم داعش سقط لكنه لم يختفي تماما، كما أن الاختلافات بين الشيعة في تزايد”.وتابع أن “تلك الأزمة السياسية ستمتد إلى خارج العراق”، مشيرا إلى أن “الأطراف العراقية المتنافسة طالما لجأت إلى جهات أجنبية يخدمون مصالحها فضلا عن مصالحهم الشخصية”.
وبرأي الكاتب فإن " البصرة تجسد فشل الدولة العراقية بشكل صارخ مثل حقيقة أن المدينة ، رغم ثروتها النفطية الهائلة ، مهددة الآن بتفشي الكوليرا ، وفقاً لمسؤولي الصحة المحليين. عالجت مستشفيات البصرة بالفعل 17500 شخص بسبب الإسهال المزمن وأمراض المعدة خلال الأسبوعين الماضيين ، بعد أن أصيبوا بالمرض بسبب شرب المياه الملوثة ". ويضيف " يتم خلط المياه المالحة بالمياه العذبة ، مما يجعلها معتدلة الملوحة وتقلل من فعالية الكلور الذي يمكن أن يؤدي إلى قتل البكتيريا " . كما يشير الى أن نظام المياه لم يتم تحديثه لمدة 30 عاما ، وتمزج مياه الصرف الصحي من الأنابيب المكسورة بمياه الشرب.
ويشير الكاتب الى ان الاحتجاجات اندلعت في وقت سابق من هذا العام بسبب نقص الكهرباء والمياه وفرص العمل وكل الخدمات الحكومية الأخرى . وينوه الى ان الظلم كان أكثر فظاظة لأن شركات النفط في البصرة تصدر كميات من النفط الخام أكثر من أي وقت مضى ، وفي شهر أغسطس/ آب بلغ إجمالي الإنتاج أربعة ملايين برميل يومياً ، مما دخل جيب الحكومة في بغداد حوالي 7.7 مليار دولار على مدار الشهر.
ويؤكد الكاتب كوكبيرن ، بأنه " حتى لو تم تشكيل حكومة جديدة في ظل رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي ، أو شخصية أخرى ، قد لا يكون هناك فرق كبير".