إعلان سياسي من «ملتقى فلسطين» إلى شعب فلسطين

آخر تحديث 2018-09-30 00:00:00 - المصدر: قناة الغد

عقد عدد من الفلسطينيين، من فلسطين التاريخية وبلدان اللجوء والشتات، من المشاركين في “ملتقى فلسطين”، ورشة عمل في اسطنبول، لمناقشة مختلف جوانب الوضع الفلسطيني، تم التوصل في ختامها، وبنتيجة حوارات سابقة (في حيفا والقدس ورام الله)، إلى عدد من التوجهات والتوافقات السياسية، بناء على الأسس الآتية:

أولا: إن “ملتقى فلسطين” هو منبر للحوار، وتبادل وجهات النظر، وبمثابة ورشة تفكير دائمة، يعبّر عن مواقف الأفراد المشتركين فيه، في الجوانب المتعلقة بشعب فلسطين وقضيته وحركته الوطنية، دون أن يعني ذلك تشكيل كيان سياسي، أو ادعاء البديل أو التمثيل أو الوصاية على أي أحد أو جهة، وهو مبادرة تحاول التعامل بمسؤولية وطنية وعقلانية مع التحديات التي يواجهها شعبنا وقضيته وحركته السياسية في كل أماكن تواجده الرئيسية، كعشرات المبادرات الناشئة في مختلف التجمعات الفلسطينية.

ثانياً: إن ما يميّز الملتقى المذكور، الذي تم الإعلان عنه عشية الدورة السابقة للمجلس الوطني (أبريل الماضي)، أنه يضم شخصيات من كل “المجتمعات” الفلسطينية (في فلسطين التاريخية وبلدان اللجوء والشتات)، من غير المنضوين في الفصائل، وأنه يسعى لاستعادة فئات كانت أقصيت أو ابتعدت عن العمل السياسي المباشر (أكاديميين ومثقفين وكتاب وفنانين وإعلاميين ونشطاء سياسيين)، في تجاوز لنقص، أو تقصير، في حركتنا الوطنية، التي لم تستوعب فلسطينيي 48 في إطاراتها، تأكيداً منه على وحدة شعبنا، وفي سعي منه لاستعادة فئات فاعلة من شعبنا لدائرة الفعل الوطني، للتعبير عن رأيها كجماعة، بعد أن ابتعدت او ابعدت، لقصور في البنى الفصائلية، وافتقادها للمأسسة والحياة الديمقراطية.

ثالثاً: يسعى “ملتقى فلسطين” إلى مراجعة تجربتنا الوطنية بطريقة نقدية ومسؤولة، مع تفحّص التساؤلات القديمة وطرح التساؤلات الجديدة، على صعيد الشعب والقضية والحركة الوطنية، والمعطيات المحيطة، والمساهمة مع آخرين في صوغ رؤى تجاوب على مختلف الأسئلة، وتعيد الاعتبار للتطابق بين أرض فلسطين وشعبها وقضيته الوطنية.

المنطلقات أو التوافقات السياسية التي تحكم المشاركين في الملتقى

أولاً: وحدة شعب فلسطين

ـ التأكيد على وحدة شعبنا، في فلسطين التاريخية وبلدان اللجوء والشتات، ووحدة قضيته ومصيره، والتمسك بحقوقه الوطنية المشروعة، الفردية والجمعية، وتأسيس مجمل الرؤى والاجماعات والكيانات السياسية على هذا المبدأ، مع مراعاة خصائص كل تجمّع.

ـ التمسّك بالرواية التاريخية الفلسطينية، لتعزيز وحدتنا كشعب، وكضرورة لتعزيز هويتنا الوطنية، سيما إزاء ما تواجهه الأجيال الجديدة من محاولات تفكيك وتصديع لهويتنا ووحدتنا، والمساهمة في بلورة مشروع وطني جامع.

ـ السعي لتشكيل شبكات تواصل بين شعبنا في كل أماكن تواجده، وتعزيز العمل المشترك، وصولا لصوغ الأطر الأفضل والأجدى، للتعبير عن وحدته، وإدارة كفاحه، للتصدي للوقائع التي باتت تهددّ شعبنا بالتفكك، بحكم غياب الرؤى الجامعة والكيان الجامع، وأفول البنى السياسية، وتهميش منظمة التحرير، واختزال ولاية السلطة على فلسطينيي الضفة والقطاع، وحال الانقسام، ونشوء أولويات وحاجات تتباين بين كل تجمع وآخر.

ـ منظمة التحرير هي الكيان السياسي المعنوي لشعبنا، وقائد كفاحه، ما يتطلب إعادة بنائها على أسس وطنية، تمثيلية وديمقراطية ومؤسسية ونضالية، بعيداً عن المحاصصة (الكوتا) الفصائلية، واعتماد وسيلة الانتخابات، حيث أمكن، أو تكنولوجيا المعلوماتية والاتصال حيث يتعذر ذلك، سيما أن تلك التكنولوجيا باتت تهيئ الإمكانية لهكذا خيار.

ثانياً: على صعيد الكيانات السياسية

ـ إعادة تعريف الكيانات السياسية الفلسطينية، بخاصة بعد أن تآكل أو تقادم معظمها، ولم يعد له دور في الصراع ضد إسرائيل، ولا مكانة في “مجتمعات” الفلسطينيين في الداخل والخارج، وإعادة الاعتبار لحركتنا الوطنية باعتبارها حركة تحرر وطني، بعد أن تحولت إلى سلطة تحت الاحتلال، إذ لايمكن تحميل رؤى جديدة على حوامل قديمة، أو مستهلكة، وإعادة البناء بالارتكاز على قواعد تمثيلية وديمقراطية وانتخابية، بعيدا عن نظام”الكوتا”.

ـ الفصل القانوني والإداري بين السلطة والمنظمة، فيما يتعلق بالقيادة والمؤسسات والموظفين، ومكانة الرئاسة في كلا الكيانين، إذ لكل كيان معطياته واعتباراته ووظائفه.ـ تغيير وظائف السُّلطة، بحيث تتركّز في إدارة المجتمع، وتعزيز كياناته ومؤسساته الاجتماعية والاقتصادية والثَّقافية، وتنمية موارده البشرية والمادِّيَّة، وتنمية اعتماديته على نفسه، وتعزيز صموده ومقاومته لإسرائيل وسياساتها الاستعمارية الاستيطانية العنصرية.

ــ إطلاق حوار وطني لا يقتصر على فتح وحماس أو الفصائل بل يطال كل الفعاليات الفلسطينية، في الداخل والخارج، لتجاوز حال الاختلاف والانقسام، واستعادة وحدة الكيان الفلسطيني، مع تأكيدنا أن ازمة العمل الوطني هي أزمة شاملة تطال مختلف البني والخيارت واشكال العمل، مع تأكيد أن خيار الانتخابات هو الحل الأمثل لتكريس العلاقات الديمقراطية، ولتحديد التوازنات في الساحة الفلسطينية، ولإشراك شعبنا في تحديد خياراته.

ثالثاً: في أشكال المقاومة

ـ يرتكز كفاح شعبنا على محورين: أولهما، الصراع ضد إسرائيل الاستعمارية والاستيطانية والعنصرية؛ وثانيهما، بناء المجتمع الفلسطيني بتنمية وعيه وموارده وتعزيز مقوِّمات صموده في أرضه وترسيخ كياناته المجتمعيّة والوطنيَّة في الداخل والخارج، على ألا يُخِلَّ العملُ في المحور الأول بالعمل على المحور الثاني، وألا يُفضي العمل في المحور الثاني إلى خلقِ واقعٍ يُكرِّسُ حالاً من الاحتلال المريح، والمربح، لإسرائيل.

– تأكيد حق شعبنا في المقاومة بكل الأشكال، بما يتوافق والمواثيق الدولية، مع مراعاة خصوصيات كل جزء من شعبنا، وانتهاج المقاومة الشعبية، لتناسبها مع إمكانيات شعبنا وقدرته على التحمل، ولأنها تجنّبه الأثمان الباهظة، وتمكّنه من بناء ذاته وتعزيز صموده، بانتظار الظروف الدولية والعربية التي قد تمكّن من استثمار تضحيات ونضالات شعبنا، على نحو ماجرى في تجربتي الهند وجنوب افريقيا مثلا.

ـ التمييز في مقاومتنا للسياسات الاستعمارية والاستيطانية والعنصرية، بين إسرائيل كدولة واليهود الإسرائيليين، الذين يفترض العمل في صفوفهم وتوسيع مشتركات الكفاح معهم، وفق الأشكال المناسبة، لاستعادة حقوقنا الوطنية والفردية، ومن أجل الوصول إلى حَلٍّ مشترك يتأسس على الحقيقة والعدالة والحرية والديمقراطية والمواطنة المتكافئة؛ من دون تمييز من أي نوع لمجموعة بشريَّة على مجموعة أخرى في فلسطين التاريخية.

ـ وقف عملية المفاوضات العبثية والمجحفة نهائيا، والتَّخَلُّص من علاقات التنسيق الأمني مع إسرائيل، ومن التبعية الاقتصادية لها، والقيام بما من شأنه تنمية مقدرات شعبنا الذَّاتية.ـ تكثيف الجهود على الصَّعيد الدولي من أجل فضح طابع دولة إسرائيل الاحتلالي الاستيطاني العنصري، على نحو ما كشف قانون إسرائيل كدولة قومية يهودية.

رابعاً، نحو خيارات أو رؤى سياسية جديدة

ـ الحفاظ على الحلم الفلسطيني الجامع، الذي يطابق بين الأرض والشعب والقضية، مع التركيز على استعادة الحقوق الفردية والجمعية، في فلسطين التاريخية، خاصة أنه لا حل لا يتأسس على الحقيقة والعدالة وعلى الحرية والمساواة والمواطنة والديمقراطية، خاصة أن إسرائيل تصرّ على طابعها كدولة احتلال واستيطان وتمييز عنصري، مع التأكيد بأن الحل النهائي لن يأتي إلا بتغيّر المعادلات العربية والدولية التي أدت إلى قيام إسرائيل.

ـ عدم الانحصار في خيار وحيد، وتجنّب وضع خيار ما في مواجهة خيار أخر، كحل الدولة في الضفة والقطاع في مواجهة حل الدولة الواحدة أو بالعكس، وعدم وضع حق جزء من شعبنا مقابل حق جزء أخر كوضع حق العودة مقابل الحق في الدولة وبالعكس.ـ إن التكيّف الاضطراري مع أية وقائع مفروضة بموازين القوى والمعطيات العربية والدولية، لا يفترض الغاء الحلم الفلسطيني، الذي يبقى حقاً لشعبنا مهما كانت التحولات.

ـ القضية الفلسطينية أساسية للعالم العربي، والتَّحررُ الفلسطيني جزء لا يتجزَّأ من مسارات التحرر في البلدان العربية النَّاهضة شعوبها ضدَّ الاستبداد الدَّاخلي والهيمنة الإمبريالية، وفي سبيل الحرية والمواطنة والدِّيمقراطية والعَدالة، وهو الأمر الذي يفترض صوغ أفضل العلاقات، وأمتنها، بين قوى التَّحرر والعدالة والتقدم الفلسطينية والعربية.

ـ كفاح شعبنا جزء من كفاح شعوب العالم وقواها التحررية والديمقراطية، التي تعمل من أجل سيادة قيم إنسانية قائمة على الحرية والكرامة والعدالة والتكافؤ والاعتماد المتبادل والسلام، وضد الكراهية والعنصرية والاستلاب.تلك المعطيات ناجمة عن تجربة وطنية معاصرة عمرها نصف قرن، بما فيها من تضحيات وبطولات واخفاقات وانجازات وتحولات، وعن ادراكنا لواقع موازين القوى، وللمعطيات العربية والإقليمية والدولية المواتية لإسرائيل، سيما مع تصدع البني المجتمعية والدولتية في المشرق العربي، واختفاء مفهوم الصراع العربي ـ الإسرائيلي، ما يفيد بأن تمسكنا بروايتنا التاريخية لا يحول دون رؤيتنا لواقعنا الحالي، وأن تمسكنا بطموحاتنا المشروعة مستقبلا، لا يحول دون سعينا لاستعادة ما أمكن من حقوقنا الفردية والجمعية الممكنة راهنا، والعكس صحيح في الحالتين، فمصلحة شعبنا، ووحدته وصموده في أرضه وبنائه لكياناته هي الأساس، بانتظار تغير المعادلات الدولية والإقليمية والعربية.

أخيراً، هذه مبادرة، أو فكرة، للأفراد المشتركين فيها، ولمن يتفق معها من الفلسطينيين، وهي، كما ذكرنا، تصدر عن أشخاص لا يعتبرون أنفسهم فصيلاً جديداً، ولا جسماً بديلاً، عن أي فصيل أو أي أحد، ولا يدعون وصاية على أحد، أو مركزا لأحد، وهم جزء من جملة حراكات شعبية في أوساط شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن وجوده.

أخبار ذات صلة