حالة من القلق والرعب تخيم على الشارع العراقي، وخاصة بين أوساط النشطاء السياسيين والإعلاميين والمشاهير، وفي المقدمة «فاتنات العراق»، بعد استشراء ظاهرة الإغتيالات.. وتراجعت حالة المتابعة والاهتمام بالمشهد السياسي وتعثر اختيار رئيسا للحكومة العراقية الجديدة التي لم تشكل حتى الآن، ليصبح اهتمام الشارع والدوائر السياسية بسلسلة الإغتيالات، ومع خشية الناشطين المدنيين ومشاهير العراق، من استهدافهم في عملية اغتيال جديدة قد تطال أحدهم، كما حدث مع عارضة الأزياء والإعلامية شيماء قاسم، والتي استلمت رسالة تهديد بالقتل، بعد حادث الاغتيال الذي تعرضت له عارضة الأزياء والمدونة تارة فارس فى سيارتها الفارهة وسط بغداد، وقبلها بيومين اغتيال سعاد العلى، إحدى ناشطات المجتمع المدنى خلال إطلاق نار فى البصرة، وحالة الوفاة «المريبة» لخبيرتي التجميل، رفيف الياسري، ورشا الحسن، وقد أثارت الوفاة صدمة فى الشارع العراقى والعربي نظرا لشهرتهما الواسعة..واغتيال معاون طبي في مدينة البصرة، الشاب حيدر شاكر، ومحامي الدفاع عن المتظاهرين في البصرة جبار عبد الكريم، والناشط حمود الناشف.. وقائمة الاغتيالات تطارد النشطاء.
- وتلقى عدد من مشاهير العراق، والشخصيات الإعلامية البارزة والناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، مجموعة من الرسائل النصية، التي تحمل كلمتين فقط «الدور ألك»، في إشارة إلى إنهم سيكونون الهدف المقبل..وعلى إثر ذلك، أعلنت عدد من تلك الشخصيات، إغلاق حساباتها الشخصية، أو السفر خارج البلاد، خشية من القتل والتصفية !!
نذبح مثل الدجاج
وأثار مقطع فيديو، نشرته عارضة الأزياء والإعلامية شيماء قاسم،حالة من الاستياء والجدل حول الحال الذي آل إليه الوضع الأمني في العراق، وقالت: «نحن نذبح مثل الدجاج».. وأضافت باكية «يقولون هؤلاء عاهرات اقتلوهن».. ولم بقتصر تسلسل حوادث الإغتيال على الحسناوات، ولكن طالت آخرين، ربما أقل منهن شهرة.. وبقي التساؤل الحائر والقلق في العراق: من وراء مسلسل الإغتيالات.. ولماذ؟!
فرضيات ..الأسباب والدوافع
- المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان (تابعة للبرلمان) انتقدت عدم تعاطي الجهات الحكومية معها بشأن التحقيق في جرائم الاغتيال، وحذّرت من انتشار «خطاب الكراهية» في المجتمع العراقي..واعتبر عضو المفوضية، علي البياتي ، أن الهدف من استهداف المشاهير في العراق، هو خلق الرعب في نفوس العراقيين، وإرسال رسائل نوعية أن آلة الإجرام موجودة دائما في كل مكان أو زمان، وإن بامكانها استهداف أي شخص.
- الاتهامات تباينت بين دوافع دينية من متشددين، وبين تورط السياسية بأصابع إيرانية، وبين نتائج الصراع الجديد داخل الساحة العراقية، بين (الغزو الثقافي) الأمريكي، و ( ثقافة) ولاية الفقيه الإيرانية.. ويقول الباحث العراقي، إياد جما الدين، إن مَنْ يعرف إيران جيّداً، يعرف أنّ سلسلة الإغتيالات التي تعصف بالعراق هذه الأيّام، هي تكرار لسلسلة الإغتيالات التي شهدتها طهران عام 1997، لمواجهة الغزو الثقافي الأمريكي، في إيران.. نفس الظروف ونفس مستوى الشخصبات التي يتم إغتيالها في العراق، حيث غالبيتهم لا يقتربون من السياسة، وإبّان رئاسة محمد خاتمي، ظهرت في طهران، ظاهرة ( قتلهاى زنجيره اَي )، أو القتل المتسلسل، وكل يوم كانت الشرطة تكتشف جثّة مذبوحة في طهران، والقتلى من نمط؛ كتّاب مغمورين وصحفيين صغار، لا خطورة منهم على النظام، وساد الرعب طهران يومها، ولم يكن أيّ من القتلى شخصية مهمة !!
- ويؤكد عضو اللجنة الأمنية في مجلس بغداد، سعد المطلبي، أنه لم يتضح حتى الآن من المسؤول عن عمليات اغتيال النشطاء والمشاهير في العراق، والأمر يبقى مجرد فرضيات لحين القبض على الجناة، ومن بين الفرضيات هي الصراع بين التمدّن والتخلف، فهناك جهات تسعى إلى جعل الطابع العام في بغداد ديني. يريدون جعل بغداد قندهار».. ولم يستبعد وجود «جهة دينية متشددة تقف وراء عمليات الاغتيال، هذه الجهات تنظر إلى السافرات بأنها بدعة جديدة، وتسعى لفرض الحجاب، مع انتشار النساء غير المحجبات في العراق، وفي بغداد على وجه الخصوص.
- وهناك فرضية تصف عمليات الاغتيال والتصفية على أنها جرائم جنائية.. فيما يوجد تحليل آخر، يفيد بوجود نيّة لإخلاء بغداد من بعض الوجوه الإعلامية ونقلها إلى محافظات أخرى أو »الإقليم»، في إشارة إلى إقليم كردستان العراق، مما يثير تساؤل منطقي: لماذا يعيش الناشط المدني أو الشخصية الإعلامية التي تمتلك متابعين، حياة مُنعّمة في أربيل، بينما يقتل عند قدومه إلى بغداد؟
- والتشخيص الآخر للظاهرة، يشير إلى إحدى المشكلات التي يعيشها سكان بغداد، والتي تتمثل بـ«انتشار السلاح غير المرخص»، والأمر ذاته لدى الجهات السياسية التي تمتلك أذرعاً مسلحة.
- وفي إطار البحث عن الأسباب والدوافع.. يرى عضو اللجنة الأمنية في مجلس بغداد، سعد المطلبي، أن هناك مجموعة من العوامل المؤثرة على المشهد الأمني في العراق: هناك صراع بين التحضر والتخلف، إضافة إلى الصراع السياسي الواضح، وهذه الصراعات تؤثر على الطبقة الأضعف في المجتمع.