يشتد الخلاف بعد كل خرق أمني يشهدها البلاد
مرة أخرى تتم إثارة الجدل الدائر بشأن قيادات العمليات وتقاطع صلاحياتها مع وزارة الداخلية فيما يتعلق بالملف الأمني وإدارته ، وذلك بعد تقديم طلب موقع من عدد من النواب إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بإلغاء قيادات العمليات في بغداد والمحافظات.
وكان النائب فالح الخزعلي قدم طلباً مضموناً بتوقيع 51 نائباً في البرلمان ، أغلبهم من تحالف "الفتح" التابع لميليشيات الحشد الشعبي، لمناقشة إلغاء قيادات العمليات في جلسة مجلس النواب القادمة.
وبرر النواب طلبهم بأن قيادات العمليات لا تخضع لرقابة البرلمان ولا يمتلك السلطة في اختيار قياداتها ، وهو أمر مخالف للقوانين النافذة، مشيرين إلى أن العراق يشهد أمناً نسبياً وهو ما ينفي الحاجة لوجود تلك القيادات.
متى تأسست قيادة العمليات
وفي هذا السياق، قال الخبير الأمني معتز الجنابي ، بأن تاريخ تأسيس قيادة عمليات بغداد يعود إلى عام 2007 في عهد حكومة نوري المالكي، عقب انتشار وسيطرة الميليشيات المسلحة على المدن العراقية، مشيراً إلى ارتفاع وتيرة عمليات تنظيم القاعدة في بغداد والمحافظات ، والتي كانت متزامنة مع التشتت في اتخاذ القرار الأمني بين مختلف القوى ، خاصة مع وجود القوات الأميركية.
وبحسب الجنابي ، فإن تشكيل قيادات العمليات بشكل عام ، وقيادة عمليات بغداد بشكل خاص جاء لجعل أمن العاصمة بيد جهة عراقية واحدة.
وأضاف الجنابي أنه منذ ذلك الحين فإن الملف الأمني للعاصمة بقي بيد قيادة عمليات بغداد، موضحاً أن القائد العام للقوات المسلحة يقوم بتعيين قائد العمليات الذي بدوره يقوم بتعيين معاونين اثنين تابعين إلى وزارتي الداخلية والدفاع، مبيناً أن قيادة العمليات تتشكل من ثلاث فرق من الداخلية، وخمس فرق من الدفاع، بأفواجها وألويتها.
ورغم وجود قيادات للعمليات في أغلب محافظات العراق إلا أن قيادة عمليات بغداد كانت محط أنظار الكثير من الكتل السياسية التي طالبت سابقاً بإلغائها، خاصة أن العاصمة شهدت خروقات أمنية واسعة.
وسلّمت قيادة عمليات بغداد فور تأسيسها، إلى الفريق الركن عبود قنبر الذي كان من القيادات العسكرية الهاربة بعد سقوط الموصل بيد داعش عام 2014، ثم الفريق الركن أحمد هاشم في عام 2009.
وتدرج على استلام هذا المنصب الفريق الركن عبد الأمير الشمري كقائد لعمليات بغداد عام 2013، واللواء الركن جليل الربيعي الذي استلم ملف أمن العاصمة في عام 2016.
نزاع الداخلية والعمليات
وعلى مدار السنوات الماضية ، أثار وجود قيادات العمليات في بعض المحافظات الجدل بين الأوساط السياسية والدوائر الأمنية بسبب التقاطعات الحاصلة في القرار الأمني، فيما يشتد الخلاف بعد كل خرق أمني أو تفجيرات تشهدها مدن البلاد.
ويشار إلى أن هذه المطالبة ليست الأولى التي تطالب فيها جهات سياسية بإلغاء قيادة العمليات في العراق، ففي عام 2016، قدّم وزير الداخلية محمد الغبان، مقترحاً لرئيس الوزراء حيدر العبادي، بتسليم مهام الملف الأمني لوزارة الداخلية، لإصلاح ما أسماه التخبط في إدارة قيادة العمليات للأمن في العاصمة، لكن طلبه جوبه بالرفض، ليقدم استقالته إثر ذلك على خلفية تفجير الكرادة.
وكان الغبان ذكر سبب استقالته في مؤتمر صحافي حينذاك، بأن الحكومة العراقية لم تنجح في تنظيم عمل الأجهزة الأمنية والاستخبارية، مشيرًا إلى أن تعدد الجهات الأمنية وتداخل صلاحياتها ساهم بتوتر الوضع الأمني وعدم السيطرة عليه.
وتصاعدت المطالبات بإلغاء قيادة عمليات بغداد عام 2017 بعد عدة خروقات شهدتها العاصمة ، حيث طالب اتحاد القوى بإلغائها وحصر أمن المحافظة بيد جهة أمنية واحدة.
كما طالبت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد، بإلغاء قيادة العمليات، وإسناد مهمة أمن العاصمة إلى وزارة الداخلية حصراً.
سطوة الميليشيات
أواخر العام 2015، حاولت قوة من قيادة عمليات بغداد اقتحام أحد المقرات التابعة لفصيل مسلح في شارع فلسطين وسط بغداد، وكان اللواء عبد الأمير الشمري حينها قائداً لعمليات بغداد، وتسلم ملف البحث عن العمال الأتراك المخطوفين، الذي تطور إلى اشتباك مسلح بين الطرفين، في واحدة من عدة حالات مشابهة في العاصمة، وعلى إثر تلك الحادثة بلغ التوتر والتراشق الإعلامي بين الطرفين أوجه، قبل أن تتدخل أطراف برلمانية وحكومية لتهدئة الموقف.
انتقادات الأداء
وواجهت قيادات العمليات الموزعة في البلاد على مدار السنوات الماضية انتقادات عدة لانتشارها داخل المدن واحتكارها الصلاحيات الأمنية التي من المفترض بحسب المنتقدين، أن تكون ضمن صلاحيات مجالس المحافظات، وتطالب بعض هذه المجالس بإلغائها لافتقارها إلى الغطاء الدستوري.
ويضم العراق تسع قيادات للعمليات، أبرزها قيادة عمليات بغداد، الأنبار، نينوى، البصرة والرافدين.
ما البديل عن قيادات العمليات؟
وتشير تقارير إعلامية محلية إلى وجود توجه لدى السلطات الأمنية العليا، بإلغاء قيادات العمليات في المحافظات المحررة، لكن المقترحات لم تدخل حيز التنفيذ الفعلي، ويخشى المدافعون عن ضرورة وجود قيادة العمليات من تشتت القرار الأمني، بين الأطراف المختلفة ، ويرون في هذا الكيان مجلساً إدارياً مشتركاً ضرورياً لإدامة التنسيق.