تكتيك الكبار (7) | أوناي إيمري- المايسترو الباسكي

آخر تحديث 2018-10-16 00:00:00 - المصدر: جول


أحمد تاج    فيسبوك      تويتر


هل تعلم ما هو إضطراب الشخصيةبالوسواس ؟ هو أن تريد الكمال "البيرفيكشانيزم" والترتيب الدقيق وبالتالي تسيطر عليك أدق التفاصيل. مثل التفاني المفرط في العمل على حساب العائلة والعلاقات الإجتماعيةأو اتخاذ هذا الطريق كمثال لاقتناعك الشخصي بأنه الأفضل حتى ولو هذا الاقتناع خاطئ بالإضافة إلى تحليك ببعض الأفكار أو سلوكيات التي تريحك شخصيًا حتى ولو أنها غريبة عند بقية الناس.

هذه هي شخصية المدرب الإسباني أوناي إيمري والذي تولى الإدارة الفنية لفريق أرسنال الإنجليزي مطلع الموسم الحالي بعد موسمين قضاهما في نادي العاصمة الفرنسية باريس سان جيرمان.

عمل شاق، تفكير مستمر لدرجة إزعاج من حوله ودائمًا ما يعمل كثيرًا حتى يصل إلى مايناسب فرديات لاعبيه من طرق اللَعِب. لم يصل لذلك ؟ لا مشكلة، يعود ويعمل على إيجاد تكييف طرق لَعِبه مع رجاله.

هو لا يستطيع أن يجلس ساكنًا، دائمًا ما نجده واقفًا في المنطقة الفنية خلف خط التماس من أجل إعطاء لاعبيه بالمعلومات.

لنا أن نعلم أن إيمري تدريباته لا تقتصر فقط على أرض الملعب بل أنها تصل إلى ديار اللاعبين، كل هذا من أجل السعي نحو الكمال.

تكتيك الكبار (6) | أنشيلوتي .. حيث مستقبل الكرة في الأكثر ديناميكية

دائمًا ما يعطي المدير الفني المولود في إقليم الباسك أقراص مدمجة "دي في دي" للاعبيه من أجل تحليل أدائهم بل والتعرف على خصومهم المباشرين. ومثله مثل أي شخص مريض بالوسواس يريد أن يتأكد أن لاعبيه قد شاهدوا هذه الفيديوهات.

عندما كان مديرًا فنيًا لفريق الخفافيش فالنسيا راوده الشك أن لاعبه حينها الفرنسي جيريمي ماتيو لا يشاهد هذه الفيديوهات ليعطي له إيمري نسخة فارغة كاختبار، وعند سؤاله عن ذلك في صباح اليوم التالي أجاب أنها كانت مفيدة للغاية.


المايسترو



هذا هو لقبه بين لاعبيه في إسبانيا، ويمتاز إيمري بأنه يهتم باللاعبين خارج الملعب كما يهتم بهم بداخله.

أيضًا هو يعلم احتياجات ناديه من لاعبين وتدريبات وأحمال بدنية وما ينقصهم من قوة ذهنية، هو يعلم ذلك كما يعلم الزوج احتياجات بيته من طعام وأموال.

"سأضغط عليه في كل تمرين، إذا لم يتحمل ما لدي من ضغط عليه في التدريبات كيف سيكون في المباريات الكبيرة" يقول إيجور شقيق اوناي إيمري والذي يعمل في الصحافة الإسبانية عن حديث دار بينهما عن فيليبي ميلو عندما كان مدربًا له في فريق ألميريا الإسباني.

تكتيك الكبار (5) |ساري .. المحاسب الذي يلعب كرة القدم من أجل المتعة

كان زملاء متوسط ميدان ألميريا يرون أنه سيقتل شخصًا ما في الملعب، قَوَمَ إيمري ذلك في البرازيلي الدولي السابق لتنطلق مسيرة ميلو بعدها إلى يوفنتوس والمنتخب البرازيلي.

ما العنصر الذي رَجَح باريس سا جيرمان للتوقيع مع كيليان مبابي ؟ لا ليس وجود نيمار أو إسم الفريق الباريسي نفسه، هو إيمري. سافر إلى منزل عائلة جناح فريق موناكو حينها ليتكلم معه في كرة القدم وليس في المال. أمر أدى إلى تفضيل هذا المراهق ومن ثم والده التوقيع لأمراء باريس على النادي الملكي ريال مدريد.


فلسفة برجماتية



4-2-3-1 هي الطريقة المحببة لدى المدير الفني الإسباني، هذا ما بدا واضحًا للعيان في مرحلة العودة إلى إسبانيا عن طريق الفريق الأندلسي إشبيلية والتي تلت فترة ليست بالسعيدة مع سبارتاك موسكو.

في هذه الفترة حقق فيها إيمري هناك في ملعب رامون سانشيز بيزخوان ثلاثة كؤوس الدوري الأوروبي.

اعتمد حينها على متوسطي ميدان أقوياء، مهمتهما فقط افتكاك الكرة من أجل تسليمها إلى الأمام، كانا دائمًا إثنين من كريتشوفياك ومبيا ونزونزي، من الصندوق إلى الصندوق أصحاب بنية جسمانية كبيرة ومجهود بدني وفير.

تكتيك الكبار (4) - سميوني .. المشاكس الذي تستمتع بالضجيج معه

أمامهما ثلاثة لاعبين، الثلاثة يجيدون صناعة اللعب أحدهما صانع ألعاب كلاسيكي في مركز رقم 10 وكان إيفان راكيتيتش أو إيفر بانيجا والآخران يلعب على الجانبين ودائمًا ما كانا فيتولو أو رييس أو إيبورا.

في الأمام يتواجد مهاجم يتميز بالسرعة والنزول إلى أسفل قليلًا من أجل تهيئة المساحة للأطراف اللذان يتواجدان في مناطق الخطورة، هذا ما أتقنه جيدًا كيفين جاميرو المهاجم الفرنسي أو زميله الكولومبي كارلوس باكا.

في النادي الباريسي بدأ بنفس طريقة اللعب ولكن سرعان ما أيقن أنها غير مناسبة لأمراء نادي العاصمة الفرنسية ليغيرها إلى 4-3-3.

في هذه الطريقة دائمًا ما كان الظهيران "داني ألفيش/توماس مونييه – كورزاوا/يوري بريتشيتشي" لديهما الكثير من المهام الهجومية، ساعده في ذلك تواجد ثلاثي وسط الميدان "رابيو/موتا/فيراتي/ماتويدي"

في الأمام وكما عاهدناه في فترته في فريق إشبيلية يلعب الجناحان دور صناعة اللعب ولكن من على الأطراف "مورا/دراكسلر/دي ماريا/نيمار/مبابي".


إحداث التغيير في أرسنال



كانت أحد الوصايا العشر للمدير الفني السابق للمدفعجية أرسن فينجر هو عدم الإفراط في تزويد الفريق بالمعلومات من على جانب الملعب، حيث كان يرى الفرنسي أن امتلاك اللاعبين للكرة ما هي إلا لحظتهم للتألق.

جاء إيمري ليحدث التغيير في أرسنال، تغيير بمثابة الصدمة للاعبين. بدا هذا التغيير شيئًا فشيئًا يتقبله اللاعبون باتخاذ التعليمات الصاخبة من أوناي من على خط التماس في جميع أوقات المباراة.

بناء اللَعِب من الخلف هي أولوية الباسكي مع فريقه الجديد أرسنال والهيمنة على المستطيل الأخضر، الأمر الذي صرَح به تشيك حارس مرمى الفريق اللندني حيث كان يُطلَب منه سابقًا ركل الكرة إلى الأمام ولكن في حقبة إيمري يرى تمريرها إلى أحد الزملاء وهذا يعد تغييرًا لطيفًا بالنسبة إليه.

الجناح الأرميني الدولي هنريك مخيتاريان رأي في ذلك الأمر أيضًا أن الهيمنة هنا أنها حرمان الفريق الخصم من الكرة، تمريرات كثيرة من أجل خلق المساحة للتحرك ومن ثم إيجاد الفرص من أجل إحراز الأهداف.

عندما يفقد الكرة يكون الضغط الهائل من الأمام. ويقول أرون رامسي متوسط ميدان الفريق عن هذا الأمر أن مديره الفني يريد اللاعبين أن يضغطون في كل أرجاء الملعب من الأمام.

ينتهج المدير الفني المتوج بالدوي الفرنسي "ليج آ" الموسم الماضي خطة 4-2-3-1 مع أرسنال للإستمرار في الوفاء بطباعه. عند إمتلاك الكرة يصعد مونريال وبيليرين إلى الأمام قليلًا بينما يعود تشاكا إلى الخلف بين المدافعين وبالتبعية تضم الأطراف المهاجمة إلى العمق الأمر الذي يتبعه دائمًا الاستحواذ على وسط الميدان والهيمنة كما يريد أوناي إيمري.

حتى الآن يسير فريق أرسنال كأفضل مما يكون بالنسبة إلى فريق فقد السيطرة تمامًا في البريمييرليج في السنوات الأخيرة وقام بتغيير مدربه بآخر جديدًا على أحوال الكرة الإنجليزية، مسيرة جعلت من جمهور الفريق والذي انتقل إلى كرافان كوتيج ملعب فولهام يهتف بـ "لقد استعدنا أرسنال" والفضل كل الفضل إلى المايسترو الباسكي.