هل أهدرت قدرات رونالدو في الريال، أم أنه مجرد حماس البداية مع يوفنتوس؟

آخر تحديث 2018-10-17 00:00:00 - المصدر: جول


كتب | تامر أبو سيدو | فيس بوك | تويتر


انتهى كريستيانو رونالدو، لم يعد سوى مجرد لاعب ينتظر الكرة داخل منطقة الجزاء ليُسجل الهدف المطلوب، لم يعد جزءً من المنظومة الهجومية، لم يعد قادرًا على التأثير والمراوغة وصناعة الأهداف، هو فقط لأجل بعض المباريات المهمة في دوري الأبطال .... سمعنا خلال العامين الأخيرين كل تلك الكلمات عن النجم البرتغالي، وساعد في تأكيدها طبيعة أدائه على أرض الملعب واكتفائه بالفعل بدور الجناح الذي يتحول إلى مهاجم ليُسجل الأهداف بمساعدة زملائه وتضحياتهم الكبيرة لأجله خاصة كريم بنزيما، لكن ما حدث ويحدث هذا الموسم في إيطاليا يجعلنا نُعيد حساباتنا، ونسأل ... هل أهدرت قدرات وطاقات رونالدو في ريال مدريد خلال السنوات الأخيرة؟ أم أنه مجرد حماس البداية مع يوفنتوس؟

انضم رونالدو إلى ريال مدريد قادمًا من مانشستر يونايتد صيف 2009 ليعمل تحت قيادة مانويل بيلجريني في أول مواسمه في الليجا، لعب هنا مهاجمًا ضمن طريقة لعب 4-4-2 الماسة، كان يقوم بدور المهاجم المتحرك، لكنه عاد للرواق الأيسر خلال الموسم الثاني مع قدوم جوزيه مورينيو وتحول طريقة اللعب إلى 4-2-3-1، هنا كان اللاعب جزءً مهمًا وفعالًا جدًا في المنظومة الهجومية، يُسجل ويصنع الأهداف والفرص، يتحرك في كامل نصف ملعب المنافس، يتواجد على الطرف أحيانًا ويدخل منطقة الجزاء ليكون المهاجم الإضافي أحيانًا أخرى، لكنه لم يكن يكتف أبدًا بدور المهاجم.

ومع قدوم كارلو أنشيلوتي بدأ الريال يعتمد طريقة لعب 4-3-3 بتواجد رونالدو في اليسار وجاريث بيل في اليمين وبينهما بنزيما، وبعد موسم أول تُوج بالفوز باللقب العاشر لدوري الأبطال، عاش اللاعب موسمًا ثانيًا مميزًا ويُمكن القول أن موسم 2014-2015 كان الأخير لرونالدو كعنصر فعال ومؤثر جدًا في المنظومة الهجومية للريال، لاعب يُشارك في بناء اللعب وصناعة الهجمة من البداية.

بدأ دور رونالدو يتغير مع ريال مدريد خلال موسم 2015-2016، خاصة مع قدوم زين الدين زيدان خلفًا لرافا بينيتيز في منتصف الموسم، اعتمد الفرنسي طريقة لعب 4-3-3 بنفس الثلاثي الذي لعب به أنشيلوتي مع تغيير بيل أحيانًا وحسب ظروفه الصحية، لكن تطبيق طريقة اللعب على أرض الملعب اختلف كثيرًا، إذ بدأ رونالدو يتحول تدريجيًا من مشارك مهم في بناء الهجمات إلى صاحب اللمسة الأخيرة، وبدأ الأمر يتضح أكثر خلال الموسمين الأخيرين.

تحركات ريال مدريد على أرض الملعب خلال العامين الأخيرين كانت دومًا بخروج المهاجم الفرنسي من منطقة الجزاء وانتقاله للعب للخلف قليلًا أو في الطرف الأيسر مع دخول النجم البرتغالي لعمق المنطقة واستلام الكرة داخلها والتصرف بها، سواء كانت تمريرات عرضية أو بينية، ولم يُخيب رونالدو الظن واستغل جل تلك الفرص وسجل العديد من الأهداف بالفعل خاصة في المراحل الحاسمة والمباريات المهمة.

والجدول أدناه يُوضح لكم تراجع أرقام رونالدو الهجومية تدريجيًا، ويُمكن ملاحظة كيف انهار دوره في بناء الهجمة وصناعة اللعب خلال الموسمين الأخيرين، وكيف اكتفى بدور الهداف فقط، فقد تراجع عدد مراوغاته والأخطاء المكتسبة والتسديدات من خارج منطقة الجزاء والتمريرات في نصف ملعب المنافس والتمريرات الحاسمة والفرص المصنوعة، مما يُوضح أنه لم يعد جزءً من المنظومة الهجومية بل فقط مهاجم صاحب لمسة أخيرة ممتازة.

الموسم

مباريات

أهداف

أهداف من خارج منطقة الجزاء

تسديدات على المرمى من خارج منطقة الجزاء

تمريرات حاسمة

فرص مصنوعة

فرص محققة مصنوعة

مراوغات

مراوغات ناجحة

أخطاء مكتسبة

تمريرات في نصف ملعب المنافس

 2009/2010

29

26

5

40

7

75

0

179

91

94

937

 2010/2011

34

40

6

42

11

65

21

176

75

88

1059

 2011/2012

38

46

7

39

12

60

17

205

73

95

1154

 2012/2013

34

34

5

43

10

62

15

124

57

81

899

 2013/2014

30

31

6

35

9

48

8

145

66

56

791

 2014/2015

35

48

5

29

16

75

19

129

54

57

972

2015/2016

36

35

5

34

11

51

13

110

51

38

876

2016/2017

29

25

3

10

6

31

6

75

25

45

597

 2017/2018

27

26

0

17

5

38

8

58

31

18

592

البعض انتقد هذا الأمر عند اللاعب، قيل أنه شيء من الكسل، وقيل أنه شيء من الذكاء للحفاظ على الجهد حتى المراحل الأخيرة الحاسمة من الموسم خاصة مع تقدم العُمر، وقيل أنه بداية النهاية للنجم الذي سيطر مع ليونيل ميسي على كل الجوائز الفردية خلال العقد الأخير من الزمن. لكن هل كان كذلك بالفعل؟ أم أنه كان قرارًا فنيًا من المدرب زيدان؟ الذي ربما رأى رونالدو لم يعد قادرًا على العطاء ولعب كامل أدواره القديمة بنفس الجودة ولذا فضل تقليص مهامه و"إراحته" في الملعب، وفي نفس الوقت الاستفادة من قدراته الممتازة داخل منطقة الجزاء. ظلت كل تلك الانتقادات والأسئلة والشكوك حاضرة وباعتقادي كانت ستزداد وتتحول إلى حقائق لو واصل رونالدو رحلته في ملعب سانتياجو بيرنابيو.

رحل رونالدو إلى إيطاليا، وبدأ الأغلب يتحدث عن صفقة تجارية وإعلانية لا أكثر، قيل أن يوفنتوس يريد الاستفادة من اسم ومكانة البرتغالي تجاريًا وإعلانيًا خاصة مع توجه الإدارة الجديد القوي في هذا الجانب وما فعلته من تغيير شعار النادي مؤخرًا. البعض ومنهم مسؤولين ومدربين مهمين انتقدوا دفع 100 مليون يورو مقابل لاعب بتلك الأدوار الفنية "البسيطة" على أرض الملعب ومع لاعب تجاوزه عامه الـ33، مؤكدين أن تسجيل الأهداف ليس مشكلة في يوفنتوس وأن جونزالو هيجواين يقوم بتلك المهمة بامتياز.

فنيًا، كان الحديث عن إشراك رونالدو في مركز المهاجم الصريح مع ماسيميليانو أليجري، وتأكد هذا بعد التخلي عن هيجواين للميلان، وبدأ اللاعب بالفعل مسيرته مع السيدة العجوز في مركز المهاجم المتقدم ضمن 4-2-3-1 أمام كييفو فيرونا، لكنه لم يُقدم الأداء المأمول وبدا تائهًا نوعًا ما في الملعب، ليُعيده المدرب إلى الرواق الأيسر ويُشرك ماريو مادجوكيتش في قلب الهجوم، وهنا بدا التحسن ملحوظًا، وقد تحدثت عن هذا الأمر خلال حلقة سابقة من أوبتا جول.

أوبتا جول | المهاجم المتقدم أم الجناح الأيسر، ما الأفضل لرونالدو مع يوفنتوس؟

رونالدو كان يعلم تمامًا أنه يدخل تحديًا جديدًا بانتقاله لليوفنتوس، هو هنا دون أي رصيد سابق، وفي بطولة جديدة وصعبة، ودوري وُصف دومًا أنه قاسٍ جدًا على المهاجمين وأصحاب المهام الهجومية. والبداية أيضًا لم تكن سهلة، الانسجام مع اللاعبين لم يكن حاضرًا، الكرة لم تكن تصله كثيرًا، هو لم يكن أولوية عند زملائه في التمرير كما كان هناك في مدريد، هنا ربما نقول مجازًا أن "الرؤوس متساوية"، هو لا يمتلك أفضلية على ديبالا أو كوستا أو ماريو أو كوادرادو أو غيرهم، هو بمثابة الغريب القادم ليقتحم ذلك البيت المرتب الجميل الناجح جدًا ... كل تلك التفاصيل الصعبة عاشها اللاعب في الـ30-45 يومًا الأولى من الموسم حتى قرر قبول التحدي وفرض شخصيته على الجميع وفرض شخصيته الفنية على الملعب.

رونالدو عُرف دومًا بأنه صاحب شخصية قوية شجاعة، لديه تصميم وإرادة هائلة للنجاح، رجل التحديات الصعبة، كيف لا وقد تحدى معجزة كرة القدم "ليونيل ميسي" وأجبره على مشاركته الجوائر والنجاحات! وقد ظهر كل هذا مؤخرًا على أرض الملعب مع يوفنتوس وسواء لعب الفريق بطريقة 4-3-3 أو 4-3-1-2 .... رونالدو عاد لسنوات المجد مع مانشستر يونايتد وريال مدريد، لم يعد اللاعب الذي ينتظر الكرة ليُنهي الهجمة، بل عاد ليُشارك في بناء الهجوم واللعب، يصنع الأهداف والفرص، يُسدد من خارج منطقة الجزاء، يراوغ، يُمرر جماعيًا مع زملائه اللاعبين. استحوذ على ثقة لاعبي يوفنتوس في الملعب، أصبح جزءً من المنظومة الهجومية، وجزءً فعالًا للغاية.

الشكل أدناه يحمل مقارنة بين أرقام رونالدو هذا الموسم في السيري آ وأرقامه في الموسم الماضي في الليجا، ونستطيع أن نرى الفارق الواضح في التأثير الهجومي رغم الاختلاف التكتيكي المعروف بين البطولتين وصعوبة اللعب في إيطاليا، فاللاعب صنع 4 أهداف حتى الآن هذا الموسم مقابل 5 أهداف طوال الموسم الماضي، وصنع 12 فرصة في 8 مباريات هذا الموسم مقابل 33 خلال 27 مباراة الموسم الماضي.

تلك الأرقام تعطي انطباعًا أن ريال مدريد أهدر قدرات وطاقة رونالدو خلال العامين الأخيرين، وأن اللاعب ربما تمت "إحالته" مبكرًا إلى "منطقة الجزاء"، وأن النادي الإسباني فرط في جانب مهم من البرتغالي وربما ترك ذلك أثره على النتائج العامة للفريق آخر موسمين خاصة في الليجا، لكن في الجانب المقابل قد تكون تلك الأرقام مجرد انعكاس لحماس البداية مع يوفنتوس ويبدأ رونالدو في التراجع تدريجيًا ليلعب نفس الدور الذي لعبه في إسبانيا خلال العامين الأخيرين.

هذا ما ستُخبرنا به الأيام والمباريات القادمة للنجم صاحب الـ5 كرات ذهبية.