أحمد أباظة فيسبوك تويتر
لنختصر المقدمات، برشلونة على بعد أيام قليلة من مواجهات حاسمة ضد إشبيلية وإنتر ميلان وريال مدريد، ولا زال السؤال كما هو على ألسنة مشجعي البارسا والخصوم: ماذا كان هذا الفريق ليصبح بدون ليونيل ميسي؟
برشلونة يخوض دوامة عنيفة من الاتكالية على الفرد، وهذا لا بأس به إن كان الفرد خارقاً بالفعل، ولكن هل تعلم السر وراء تكون فريق كرة القدم من 11 لاعباً؟ بالتأكيد أنت تعلم، لذا رجاءاً إن ذهبت إلى كتالونيا يوماً ما، توجه إلى أقرب مكتب بريد واكتب الإجابة في رسالة باسم السيد إرنستو فالفيردي.
حين تملك اللاعب الأفضل كل شيء يفترض أن يسير على ما يرام، الكل يستمد القوة من وجوده والكل يستفيد من ترسانة أسلحته الكروية، ولكن هذا يصبح جيداً فقط حين ينجح بالتصرف، لأن إغفال الحسابات لحقيقة أنه بشري في نهاية المطاف تضعك أمام ليلة روما كل يوم..
لم يكن الكتلان بحاجة لمشاهدة أكثر من 4 مباريات في الليجا لا يحصد فيها برشلونة سوى 3 نقاط، لأنه حتى وإن كان هناك تراجعاً واضحاً في مستوى البعض وعلى رأسهم بيكيه وسواريز، فإن هذا ليس سبباً كافياً لتخسر أمام ليجانيس أو تتعادل مع جيرونا، لا سيما وأنك تملك ليونيل، ولكن حين تكون جملك التكتيكية الثابتة هي جملة واحدة بين ميسي وألبا والباقي للارتجال، فلا يمكنك انتظار ما هو أفضل، أنت لم تبذل أي جهد للحصول على الفوز، كل ما تفعله حقاً هو أنك تملك البرغوث.
كمحب لبرشلونة وميسي هل تود الاستماع إلى شيء يسعدك ويحزنك في نفس الوقت؟ ميسي شارك في 15 هدفاً لبرشلونة بالتسجيل والصناعة في الليجا ودوري الأبطال، بواقع 6 أهداف سجلهم و4 صنعهم في الليجا، و5 أهداف سجلهم في دوري الأبطال. 15 هدفاً من مجموع 27 للبلوجرانا. 10 من 19 في الليجا و5 من 8 في الأبطال، أكثر من النصف إجمالاً وفي كل مسابقة على حدة.
هذا هو الجانب الإحصائي الصلب لعملية الأهداف، دون التطرق للأدوار التي تلتقطها بقية الأرقام أو لا تلتفت إليها حتى. الرعب لا يزداد لغموض مستقبل برشلونة بعد ميسي، بل لشدة وضوحه.. ماذا يحدث إن ابتعد ميسي عن برشلونة في الوقت الحالي؟ يحدث ليفانتي، بصوت علاء ولي الدين في فيلم الناظر.
بدأت الأمور تشبه مكاناً غرق حتى أذنيه في الاعتماد على ليو وحده، متناسياً حقيقة أن تلك اللعبة جماعية بالأصل، ويا لسخافة اضطرارنا لتكرار تلك العبارة البديهية.. هذا المكان هو الأرجنتين، التي مضى عليها 19 شهراً قبل كأس العالم، بين آخر هدف سجله لاعب غير ميسي وأول هدف بعد تلك الأشهر المريرة.
تلك الأرجنتين التي حققت 7 نقاط من أصل 24 في غيابه عن تصفيات كأس العالم، بينما حققت معه 21 من أصل 30، تلك الأرجنتين التي تناوب عليها أنواع ومستويات متضاربة من المهاجمين.. جونزالو هيجوايين وسيريجيو أجويرو وماورو إيكاردي وداريو بينديتو ولوكاس براتو ولوكاس ألاريو، جميعهم قد سجلوا 3 أهداف مجتمعين على مدار عامي التصفيات.
يقول باولو ديبالا أن اللعب بجانب ميسي صعب للغاية، لأنه ببساطة "جيد أكثر مما يلزم، فهو يغريك دائماً بتمرير الكرة إليه". بالطبع أن تمتلك مثل هذا اللاعب في فريقك، فهذا أشبه بأن تدخل المباراة متقدماً بهدف قبل أن تبدأ، ولكن المشكلة أنها تجعلك متوقعاً للغاية في وجوده، وضائعاً تماماً بدونه.
أي شخص سيحاول محاصرة ميسي وقطع سبل التمريرات إليه سيسبقك دائماً بخطوة، فهو سيبعد الكرة عنه في مواقع الخطورة ويضطره للنزول إلى الثلث الأوسط مراراً وتكراراً من أجل الحصول عليها وتحريك تلك المياه الراكدة، بينما يشعرك الوضع دائماً في الأرجنتين أنه محاط بمجموعة من الحمقى بما فيهم مدربهم، لا أحد سيتحرك لاستغلال الفراغات الواضحة من تحرك لاعبين أو 3 وراء ميسي طوال الوقت.
هذا ما يسير عليه برشلونة بوضوح، فلديك لاعب جعل بعض الحكماء عن قناعة كاملة يقولون أن هذا المنتخب مرشح لكأس العالم بميركادو وأكونيا وسالفيو وميزا وبافون وما إلى ذلك، حتى ديبالا لم يلعب. ولكن في برشلونة أنت تملك فريقاً كبيراً حقيقياً بمجموع أفراده، لديك شتيجن وليس كاباييرو، لديك سيميدو وألبا، لا ميركادو وتاليافيكو، لديك مجموعة مميزة في خط الوسط لا ثنائي من العجائز يحرمه سامباولي من بانيجا، لديك ديمبيليه وكوتينيو على أطرافك ليس هذا الميزا أياً كان.
الفارق الحقيقي هو أن فالفيردي يستعمل كل ما لديه بمنتهى الإنصاف، كل ما لديه حقاً فهذا هو ما يملك، إن لم يتصرف ميسي سيتصرف كوتينيو أو ديمبيليه.. من المؤسف حقاً أن يتمتع هذا النوع من المدربين بتلك الإمكانيات بينما يبقى الخلاقين في مواقع أقل، من المؤسف أن تدون تلك الألقاب تحت اسم إرنستو وكل ما فعله حقيقة هو أنه تواجد حيث يلعب ميسي ليستمتع بمشاهدته كل يوم، شأنه شأننا جميعاً، كل الفارق أنه يتقاضى راتباً مهولاً على ذلك.